أقلام حرة

سبل الحد من التاثير السلبي على العملية السياسية باسم الاختلافات

 ولم يعد موضع في هذه المرحلة من الممنوعات في التناول او التداول وطرح الراي حوله ، وحتى ان البعض منها تدخل في خانة عدم تحمل المسؤولية التي من الواجب ان يحس بها كل من يهمه الواقع والحياة والتغييرات في العراق الجديد من كافة جوانبها. وهنا نتلمس جميعا مدى الاختلافات التي تطفوا الى السطح في المواقف حول المواضيع المختلفة والرئيسية، ويتعامل الجميع معها وفق ما يؤمن به وما يحمل من الفكر والعقيدة والثقافة ومن المقومات التي تفرض النظر اليها واحترامها من الاخلاص للوطن وتقبله للتغيير ومشاركته في ضمان مستقبل البلد والاجيال الجديدة.

انه لمن الطبيعي وواجب الوجود والمفيد وضروري لترسيخ الديموقراطية الحقيقية ظهور الاختلافات، والتعامل معها من قبل الجميع على انها من ركائز والاعمدة الهامة في العملية السياسية الجديدة، ومن عوامل نجاح العملية الديموقراطية في العراق الجديد، وانه لنقلة نوعية وضرورية في مسيرة الحياة السياسية والاجتماعية العامة للمجتمع.

هناك جانبان رئيسيان هامان ومختلفان من وجهات النظر العديدة حول هذا الموضوع ، منها، هناك من يريد ان يستغل المستجدات والتغييرات والارضية الخصبة المتوفرة لتطبيق الديموقراطية الحقيقية لاغراض اخرى ومن اجل الخروج عن المطلوب والجوهري للعملية وتغيير المسار نحو الفوضى باسم الاختلافات واثارة المواطن على كل ماهو سلبي وخلق ما يعيب العملية الديموقارطية ،و هذا يخرج من باب الاختلاف ويؤثر سلبا على العملية برمتها ولا يمكن القبول به تحت اية مسميات كان. اما في الجانب المقابل والذي  يوجد من يصر على ان كل اختلاف غير مقبول ويوزع الاتهامات على المطروح ومن وراءه والافعال المختلفة على انها نابعة من عمل عدائي وان كانت عكس ذلك، فهذا ايضا من اكبر المؤثرات السلبية على جوهر العملية ولا يخدمها لا بل يعمل على اعاقتها وازالة احد المقومات الرئيسية الهامة والعناصر المطلوبة والمهمة لنجاح الديموقراطية الحقيقية. هذان الموقفان الموجودان حاليا في العراق وما يجري فيه يُعتبران من المشاكل الكبيرة التي يواجهها الشعب ومن المعوقات في طريق نجاح العملية السياسية والديموقراطية المطلوبة بالذات، والاثنتان نابعتان من قلة الخبرة والثقافة  وفي عدم تقبل الاخر المخالف وتسميته بشتى التنعيت والتسميات، وبالاخص من الجانب السياسي المسيطر على حياة الشعب عموما.

ستكون الديموقراطية جميلة ومشعة وحقيقية في حال وجود الاختلافات والاصوات والالوان المختلفة والتي من الواجب تنظيمها بقانون وما يضمنه الدستور ومن واجب الايمان بها وما فيها ومتطلباتها، وما تتطلبها من اعتماداتها على المباديء العامة والتي لها الاطر المعلومة وغير قابلة للتشويه والوصول الى الفوضى .

و هنا تدخل المصالح ايضا وتؤثر على مستوى التعامل مع المتغيرات ومدى تقبل الراي الاخر، وتبدا الاتهامات المتعددة بين الاطراف واخطرها العمالة والعدو للعملية وللشعب وتطبيق الاجندة الخارجية والتعميم فيه والى ما في القواميس السياسية العراقييةمن الكلمات المثبتة تاريخيا، وما في المنطقة من الاتهامات الحاضرة للصقها بالمخالفين، اما في الجانب الاخر وجود قوى لم تتحمل التغيير ويصر على التوجه الى كل من يمده بشيء من اجل وضع العصي في عجلة العملية السياسية (وهم كثيرون) واستغلال القوى المعادية الخارجية والداخلية والاستعانة بهم للوقوف ضد الوضع الجديد ومحاولاتهم الجدية المتكررة وبكافة الوسائل ومنها المخابراتية ناهيك عن الارهاب والقتل والعنف واستغلال الارضية المتوفرة للوصول الى غيهم ، وهذاغير مقبول من اي كان، وهم ينتهزون الفرص والواقع الجديد الذي يوفر لهم حق الاختلاف من اجل اشاعة الفوضى وكل ما يعرقل العملية، وهنا يحتاج الفصل بين الاختلاف واستغلال الاختلافات بدقة وفصل المطروح عن بعضها والتفريق بين الغرض المبيت والراي المخالف الطبيعي الذي من الواجب وجوده في الحياة والعملية الديوقراطية. ويجب ان لا يخضع التقييم لهوى مجموعة هي اصلا موجودة في حلبة الصراع السياسي وتكييل ما يجري وفق هواها ومصالحها او ما يقع ضمن ما تؤمن بها من الاقصاء وابعاد الاخر وافساح الطريق لتنفيذ ما تحاول لوحدها ان تطبقه والانفراد في الساحة.

اذن المنافسة مطلوبة وضرورية ولا يمكن ان تتحول الى خانة العداء، والراي المخالف والاراء المتنوعة العديدة مطلوبة ولا يمكن ان تدخل في خانة ما تفيد المتربصين من اية ناحية كانت، والتعامل الصحيح مع ما موجود بدقة متناهية ووفق القانون مطلوب ايضا، ولا يمكن ان يتحول الصراع الى الاقصاء او التهميش للاخر ان تمكن القوي والثقيل في الساحة من عمل ذلك ، ان كان مؤمنا بالمرحلة الجيدة والديموقراطية وهو لا يعمل على اعادة التاريخ لنفسه وما عاشه العراق طوال عقود من الضيم والظلم والقهر.

بما ان المرحلة والعملية والموضوع والتطبيق حساس فيحتاج الى الدقة في العمل، فان اختيار حتى ابسط الكلمات في التصريحات وبيان الاراء يحتاج الى التركيز والدقة وليس التعامل مع الواقع بشكل حضاري وتقدمي فقط .

تاتي الخلافات الكبيرة بعد التسميات غير الدقيقة للاراء والمواقف المختلفة وتتعقد الحال جراء ذلك، ومن ثم توضع العوائق امام العملية وتؤثر سلبا وربما تؤخر تحقيق الاهداف الاستراتيجية المطلوبة في العراق الجديد.

 التنافس شيء جميل وعملية ضرورية بين الاطراف وعامل هام في التقدم والاصلاح والتغيير، وبسببه ستكون العملية سلمية والصراع الصحيح ينتج الثمرة النهائية وستعطي للحياة العامة معنى اخر ويدفع الشعب في ساحة العمل لى الحيوية والنشاط بشكل كامل ، وتخرج العملية باصلاحات وتغييرات مطلوبة، وبوجود القوى المختلفة والاختلافات مها كانت حجمها ستسجل المراحل ماهو الايجابي المفيد، والاستناد على القانون والدستور سيوجه الجميع على التعامل الصحيح مع المتغيرات بصحية ولن يتم تسقيط الاخر المخالف من قبل اي طرف كان،و سيُمنع الاطراف المغرضة من التاثير السلبي على العملية السياسية باسم الاختلافات، وسيقدم الشعب العراقي الديموقراطي نموذجا يحتذى به في المنطقة، وبالاخص في حال وجود الشرط الاهم في العملية الديموقراطية وهو وجود الاختلافات واحترام الاراء المختلفة النابعة من القناعة ومن جوهر الفكر المؤمن بتقدم العملية السياسية في العراق .  

 

 

 

  

في المثقف اليوم