أقلام حرة

لا لعودة البعث مهما فرضت المصالح والسياسة العالمية

وان الجميع على علم بان موقف سيادته نابع من حرصه على ضمان الامن والاستقرار في البلاد وتحقيق التوازن الطبيعي في الاوضاع السياسية العامة ومن اجل التنافس المنتج ومفيد للاوضاع السياسية والاجتماعية العامة، وفسح المجال لاعادة النظر في الاخطاء التي حدثت واظهار براءة الذمة من الجرائم التي ارتكبت من قبل والافصاح عنه علنيا امام الملأ من قبل من لهم صلة بذلك من قريب او بعيد، ومحاولته شخصيا لتقارب وجهات النظر بين الفرقاء، الا ان الوضع الحالي اكثر حساسية وخطورة من العمل على اساس العاطفة والتمنيات والرهان على مواقف غير معلنة مسبقا. واقع هذه المنطقة وما فيها الدول المجاورة من الظروف ومدى تدخلاتهم يفرض منا التوجه الى التقييم والتحليل العلمي الدقيق لاية خطوة مراد اتباعها في المواضيع الحساسة، ومنها عودة البعث الى الساحة السياسية دون تغيير في النهج والشعار والاهداف والعقلية والفلسفة والقيادة والاسم وحتى دون نقد واضح وصريح لما فعلوه من قبل وما اقدموا عليه سابقا دون رادع يذكر، وهو الفريد من نوعه في العالم وراح ضحية تلك الافعال منذ اعتلائهم سدة الحكم مئات الالاف من المواطنين الابرياء لا بل الملايين ومن كافة الفئات والطوائف والقوميات، فهل سمع احد ومن ضمنهم فخامة رئيس الجمهورية اعتذارا رسميا وعلنيا من هذا الحزب سوى لقيادتهم القطرية كان ام القومية عما اقترفته ايدي رئيسهم السابق، وهل تبرئوا مما اجرم هذه الطاغية بحق الشعب العراقي، وهل يضمن احد عدم تطاول هؤلاءعلى النظام الجديد ونسج الموآمرات عليه كعادتهم اذا قووا موقعهم وازدادوا من ثقلهم،و بالاخص ما نعلم ان ورائهم بلدان وامكانيات ومصالح اقليمية، وما تفرضه الصراعات تساعد على دعمهم في اعادة الكرٌة وفي جو يعتقد الجميع بان القوى الكبرى تريد اعادة النظر في سياساتها، وتريد اعادة الترتيب في توازن القوى الداخلية وفق مصالحها وما تفرضه قراراتها من العمل على سحب قواتها في موعده المقرركما وعدوا شعوبهم به،و بقائها هي بثقلها السياسي مسيطرة متنفذة دون ان تخسر ارواحا من ابنائها، وتتبع لذلك عملية المواجهة المتوازية بين المكونات والقوى الداخلية بشرط بقاء راس العصا بيدها، وتبقى هي المحركة الرئيسية للعملية ومستفيدة من نتائج المعادلات في الحصيلة النهائية.

 من الملاحظ ان المواقف التي طرحت في هذا الوقت بالذات، جاءت بعد الاتصالات المباشرة لنائب الرئيس الامريكي جو بايدن، وهذا يدل على ان المستجدات فرضتها السياسات الخارجية وليس القناعات الذاتية ولم يكن نابعا من الثقة بالجهة المراد ادخالها في العملية السياسية فرضا، لا بل حتى المصالح العليا للبلد تفرض اشد المواقف تجاه من وقف ويقف ضد النظام الجديد والديموقراطية المنشودة والحرية السائدة. وان خضع النظام الجديد لمطالب من لم يعترف به حتى اليوم بشكل صريح سيكون سابقة خطيرة التي تنعكس سلبا على مسيرته وستوسع من الثغرات وتزيد من العوائق امام تقدمه.

 الخطوة الاعتيادية والطبيعية المطلوبة ممن يعتبر نفسه بريئا من الدماء التي سالت نتيجة افعال الدكتاتورية، هي الاعلان الصريح الواضح العلني للراي العام عن عدم انتمائهم فكرا وعقيدة  للبعث الصدامي وعدم رضاهم لما اقترف من الجرائم واعلان اعترافهم بالنظام الجديد وبالدستور والديموقراطية وقبول الاخر، وعدم تصرفهم باستعلاء وكانهم في عصر الدكتاتورية البغيضة، وكانهم على العرش باقون لحد اليوم. ويجب ن يعودوا الى رشدهم ويستندوا على المواطن العراقي في سياستهم وعدم الاستقواء بالدول والمصالح والاموال الخارجية . وعندئذ يمكن فسح المجال لهم ليدخلوا التنافس والصراع السياسي ويحصلوا على ما لديهم من الاصوات، وفي هذه المرحلة لا يمكن القبول بهم لانه لم يقدموا لحد اليوم خطوة تثبت حسن نيتهم بل تعاونوا مع الارهاب ومارسوا ابشع انواع العنف والقتل ولم يغضوا الطرف عن قتل الابرياء، فكيفي مكن ان يتوجهوا الى طريق السلام في لحظة من الزمن. فالنية الصافية تبان من العمل والمواقف التي تطرح علنيا، فهل من احد يعلم ما التغييرات التي حصلت في بنية هذا الحزب وما برامجه واستراتيجيته الجديدة واهدافه التي يمكن ان تتلائم مع عهد ما بعد سقوط الدكتاتورية، وما الفارق بين نهجهم ونياتهم وما يفعلون عما كانوا عليه قبل السقوط، وما هو نظرتهم وموقفهم تجاه الدكتاتور وما اقترفته ايديه ضد الشعب العراقي، لم يتوضح شيء من هذا القبيل من مواقفهم للشعب العراقي، وما يعلمه الفرد البسيط من ان عودة البعث هو عودة الظلم والخوف والقهر والضيم والعنف، وهذا ما يضر بمعنوياته ويخشى مسايرة التطورات ويتردد في التعاطي مع المستجدات الايجابية من الحرية والديموقراطية، ولن يطمئن على مستقبله، ويعيش في جو يتواجد لحد الان القوات الدولية على ارض العراق ويخاف من الارهاب، فيتبادر الى ذهنه الف سؤال وسؤال، ومنها، كيف تكون حاله عند مغادرة هذه القوات العراق وبوجود البعث في العملية السياسية، الم يعد البعث لتنظيم صفوفه وبمساعدة الاقليم لاحداث الفوضى وحتى الاقلاب على النظام ان تمكن. وعليه يتطلب الوفاء لدم الشهداء والمضحين في طريق العراق الجديد وخروجه من براثن الدكتاتورية والوقوف بجدية بعيدا عما تتطلبه المصالح السياسية الانية والتفكير والتاني من اجل قطع دابر العودة بشكل نهائي وقاطع مهما كلف الامر، لذا ما تتطلبه مصالح امريكا ليس بشرط ان تتطابق مع المصالح العليا للشعب العراقي بكافة فئاته، ويجب التفكير في الاعتماد على الذات بكامل قوانا، ونحن نكن الاحترام والشكر ونعتبرها فضيلة لا تنسى لهذه القوة الكبرى التي ساعدتنا على الخلاص من اعتى دكتاتورية في العالم، ويجب ان نحذر من الخطوات غير المحسوبة، ويجب الا ندخل في طريق مظلم ونصبح ضحية الصراعات الاقليمية من جديد، مها تطلب الامر .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1295 السبت 23/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم