أقلام حرة

أمة بلا مفكرين!!

صادق السامرائيقرات كتبا وبحوثا ودراسات عديدة للذين نسميهم "مفكرون"، وإحترت في أمرهم، فما وجدت فكرا تنويريا ولا منطلقات ذات قيمة حضارية، فالذي يطغى على ما يتناولونه من مواضيع محصور بالتراث والدين والتأريخ، ولا شاغل عندهم إلا هذه الثلاثية التي أوهمت الأجيال تلو  الأجيال، أن أمة العرب لوحدها ذات تراث وتأريخ ودين.

وكأن لا دين في الدنيا إلا دين الإسلام، والذي هو واحد من مئات الأديان التي تدين بها البشرية.

 ولا أعرف تفسيرا لهذا الإنصفاد المرضي الوسواسي بهذه الموضوعات، التي لا تطعم من جوع ولا تؤمّن من خوف، وكأنها تسري في الأجيال كالنار في الهشيم وأن نواعيرها المسماة " مفكرون" تدور ولا تتعب.

فالمتصفح لعطاء المفكرين العرب على مدى أكثر من قرن، بل منذ منتصف القرن التاسع عشر، سيجد أنه يخلو من التوجه العلمي والدفع بإتجاه صياغة التفكير العلمي الإبداعي الإبتكاري المعاصر الأصيل.

ولهذا فأنهم قد أسهموا بما تعاني منه الأمة من تداعيات، وما نجحوا بحل أية مشكلة أو تعبيد الطريق نحو هدف حضاري يضع الأجيال في مصاف الدول المتقدمة.

ولانزال ونحن في نهايات الربع الأول من القرن الحادي والعشرين ، نتحدث في ذات الموضوعات ونحسب أن العلة في التراث والدين والتأريخ.

إنّ هذا الإنحسار في زاوية حادة على مدى أجيال هو السبب الجوهري للقضاء على الأمة كقوة وكيان وطاقة حضارية، وأن القول بوجود مفكرين عرب فيه نوع من التضليل والخداع والحث على الإنغماس بما هو سلبي وخسراني، فما نعانية لا علاقة جوهرية له بالدين والتراث والتأريخ، بل هو في آليات تفكيرنا التي عليها أن تتخذ من المنهج العلمي سبيلا للحياة.

فقد كتبنا بحبر البهتان والتيهان ما لم تكتبه أمة غيرنا، وعلينا أن نستفيق ونترك الدين والتراث والتأريخ بحالهم.

ولنتوجه بعقول علمية بحثية معاصرة نحو الحاضر والمستقبل، وإبتكار مهارات اليقظة والنهوض والإبداع المادي المساهم بصناعة الحياة الحرة الكريمة.

فتبا لهذيانات المفكرين المعتقلين في زناين الدين والتأريخ والتراث، ومرحبا بإشراقات الحياة التي تصنعها العقول المنورة بالمنهج العلمي السليم، فعلتنا في غياب التفكير العلمي وبمعاداة العلم.

فهل من يقظة علمية حتى نكون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم