أقلام حرة

من يشاركني هذا الرأي؟

زيد الحليمنذ ان وعيتُ، وادركتُ الحياة، حباني الله عز وجل بصيرة التفاؤل، وقد عرف الزملاء والاصدقاء هذه الصفة عندي، فكانوا يتندرون بالقول، ان فلانا (انا) يرى الصيف ربيعا، والشتاء ربيعا ايضا، وبقدر تفهمي للواقع المعاش، وتقلبات الحياة، غير اني اؤمن ان (دوام الحال من المحال) وعلى اساس هذا الايمان لم اجد صعوبة في العيش بمقتربات الزمن، ودهاليزه، ولم ادع التشاؤم يتلبسني، فالمتشائم لا يرى من الحياة سوى ظلها، مع القناعة التامة ان الجميع يسير في منحنيات وتعرجات كونية، فتارة نجد انفسنا في نشوة وزهو، وتارة في قمطرير، اي ايام شديدة الانكسار.. وصح القول، ان الدنيا يوما لك، ويوما عليك !

نعم، ان المتشائم يشكو من الريح، والمتفائل ينتظر تغير الاتجاه، لكن الواقعي عليه ضبط الأشرعة، ووفق هذه النظرة، نزعت ثيابي المتمثلة بالتفاؤل المطلق، ووضعت على جسمي ثياب الواقع الذي نعيش الان .. فماذا لمستُ.. وماذا رأيت ؟ لقد احسست ان شعبنا العظيم يمتلك ارضية من الثبات تتحدى هزات واعاصير وزلازل، لو مرت على شعوب اخرى، لأحاطها اليأس، ودمرها الخذلان .. فمنذ اشهر تدير دفة الحكم وزارة مستقيلة، مهمتها تصريف الاعمال، ومنذ اسابيع عشنا حومة تشكيل حكومة مؤقته، ابرز مهامها القيام بانتخابات مبكرة، وبين هذا وذاك، استمرت اصوات التظاهرات الشعبية، تطالب بالمزيد من التغيير .. شعب يعيش يومه بقلق، وساسة يحاولون لملمة الشجون، لكن الحياة تسير مثل حبّة حنطة تُخضر، لا تستسلم برغم العواصف والأعاصير والبرق والرعد .. اليس ذلك، مدعاة فخر، ووسام ألق دائم ؟

بالمحصلة، اجاهر بالقول، ان المتفائل، هو الواقعي بامتياز، بالعكس تماما من المتشائم، فالتشاؤم، يأس كامل التوصيف، هو تسوس الحياة.. يأكل النفس، كما الأيام تأكل الروح .. واليأس يلتهم الإرادة، كما الأرض تبتلع الأجساد .. وبين التشاؤم ونظرية هتك المشاعر، يضيع العمر وتتلاشى الآمال .. غير ان الوطن وحده يبقى في خلود دائم ..انه حركة الحياة الدائبة، تمتص اذيال السكون، وهو ضجيج جميل من اخذ وعطاء، وهو الثابت الاوحد، في خارطة الزمن، وعلى اديمه سقط كثيرون، ممن غيّروا جلودهم أكثر من مرة، تارة من اليسار الى اليمين وبالعكس والبعض الآخر من المنتفعين والحزبيين والطائفيين، ودعاة التفرقة، فضلوا شهرة سهلة وأضواء باهتة، وفرتها برامج حوارية على شاشات التلفاز، هي محط تقزز المواطنين، فباعوا أنفسهم في سوق النفاق والذيلية، من خلال ادعاءات وتصريحات، تفضي الى تغليب مصالحهم الضيقة على حساب الوطن والشعب ..!

اتمنى ان تكونوا معي، واجعلوا التفاؤل شعاركم .. ودعِ المقادير تجري في أعنّتها ولا تنامنّ إلا خاليَ البالِ ... فما بين غمضة عينٍ وانتباهتها يُغيّر الله من حالٍ إلى حالِ !

 

زيد الحلي

 

في المثقف اليوم