أقلام حرة

كورونا والعدل أساس الملك!!

صادق السامرائيالدوران يمزج ويخلط الموجودات ببعضها ويذكرها بأن أصلها ومصيرها ترابي، ولا يمكنها أن تتحرر من قبضته فهو القسطاط المبين.

والعدل مفتاح الحكم وعموده الفقري، وقد تحدثت عنه الديانات والمعتقدات ونطق المصلحون والمفكرون، والبشرية لا تستوعب جوهر الرسالة وفحوى الحياة، وتبقى منطلقة في مدارات الرغبات المتأججة، والتفاعلات المتضرجة بالدماء والبغضاء والعداء.

وبين فترة وأخرى تمر على الأرض تحديات توقظ خلقها لينام بعد حين، فالجيل الذي يستيقظ يلد جيلا نائما منغمسا في بحيرات رغباته التي تعميه عن رؤية ما حوله، وتخنقه في دوامة التسابق نحو البائدات الزائلات فيتوهم إمتلاكها.

وبعد سلسة من النكبات والويلات العولمية التي عصفت بالبشرية، تجدنا أمام مواجهة خطيرة وكبيرة لصولة عدوٍ غير مرئي يُسمى "كورونا كوفد 19"، وهو من أشرس الأعداء التي باغتت البشرية، وأصابتها في جهازها التنفسي الذي بدونه تتوقف الحياة، فالبشر يمكنه أن يعيش ويبقى إذا تعطلت أجهزة أخرى غير الجهاز التنفسي، فهو يوفر الأوكسجين، الذي بدونه لا يمكن للحياة أن تتحقق.

فالعدو الفايروسي الجديد يستهدف رأس الحياة وأصلها، مما يعني أنه يهدف إلى المحق المروع للبشر، الذي ربما إكتشفَ طبيعة سلوكه، وتعلم كيف يتفاداه ويخيب آماله ويقضي على أهدافه ومشروعاته الفنائية.

وهذا الفايروس قد ساوى ما بين الغني والفقير، والقوي والضعيف، وقدّم رسالة واضحة للدنيا مفادها، "كلكم من آدم وآدم من تراب"، كما أنه أوضح بأن الملك معناه الوجود الأرضي بأسره، وعلى الجميع أن يكونوا فيه سواسية كأسنان المشط.

والحقيقة الدامغة أن الأغنياء سراق حقوق الفقراء، والعدالة الكونية يجب أن تعيد لكل ذي حق حقه، وما يجري هو إعادة توزيع ثروات الأرض، وإيقاف الإستهتار بها والإستحواذ عليها من قبل الجشعين المغفلين المنومين السكارى بالشره والطمع، والذين يحتسون خمور الويلات على موائد العناء البشري.

فهل أن العدل وجيع، والظلم وديع؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم