أقلام حرة

ضحكة صديقي الياباني!!

صادق السامرائيأمضيتُ إسبوعين في اليابان مع صديقي الياباني، وقمنا بجولات متعبة في أرجائها فاطلعتُ على معالمها المهمة، وكنت أسأله كثيرا، وفي معظم الأحيان لا يجيبني ولكنه يسجل أسئلتي ويأتيني بأجوبتها في اليوم التالي، وعرفت بأنه كان يبحث بجد وإجتهاد ليصل للجواب الأصوب!!

وما تذمّر أو قال أنكَ تتعبني بهذه الأسئلة، بل كان فرحا فخورا بأنه يجد الأجوبة .

وفي أحد الأيام كنا نتجول في مدينة كيتو وأطلعني على معابدها، وهو يقول أن فيها 1200 معبد ونفوسها أكثر من المليون بقليل، وهذه المعابد ذات أجندات ومعتقدات مختلفة، فسألته: ألا يتقاتلون ويتناحرون فهذه المعتقدات متعددة؟!

فأطلق صديقي ضحكة أدهشتني، فما ضحك أو تبسم طيلة الأيام السابقة، وأضاف وهو يواصل ضحكه، أنتَ مُضحِك، كيف تسأل هذا السؤال؟

قلت: لأن الناس في مجتمعاتنا تتقاتل بسبب ذلك؟

قال: لا أصدق ما تقول!!

قلت: صدق أو لا تصدق إنهم يتقاتلون!!

وأضفت: ألا تجيبني لماذا لا يتقاتلون؟

قال: أنتَ غريب، هذه المعابد وما فيها أشبه بالتراث والفلكلور، يدخل الناس فيها ويخرجون وهم يابانيون، الوطن فوق كل شيئ، هذه لا تتعارض مع التلاحم الوطني والإنتماء الحقيقي لليابان، بكل ما يعنيه ويتصل به.

الوطن يجمعنا، ولن يفرقنا أي معتقد!!

قلت: صدقتَ، يا ليت قومي يدركون!!

قال: ماذا قلت؟

قلت: أتكلم مع نفسي!!

قال: هل جننت؟

قلت: وهل يوجد أكبر من جنوننا يا صديقي؟

قال: لا أفهم!!

قلت: مهما شرحتُ لك فلن تفهم، لأنك تفهم ونحن لا نفهم!!

فهل سنفهم؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم