أقلام حرة

ابتسام يوسف الطاهر: سننتخبكم إذا…

ابتسام يوسف الطاهرونحن على اعتاب الانتخابات، تعود صور المرشحين باحجام ضخمة لتحتل الساحات والشوارع، ليس فيها من يعدك بما تتأمل وتطمح، بل منهم من يهددك (كنا معكم وسنبقى) ليس فيهم من يعدك بأن يخدم كل العراق بعيدا عن طائفته أو عشيرته!

اذكر الفرح الذي غمرنا نحن المغتربون والمنتظرون ليوم الخلاص من الطغيان والحروب، الخلاص من الخوف والإرهاب، الفرح باول انتخابات تجري في العراق ومن اجل العراق بعد الخلاص من انتخاب الحزب الأوحد الذي جلب كل المصائب للعراق منذ اعتلائه الكرسي. حروب وحصار وتردي الاقتصاد وتدني الدينار الذي كنتَ بألف دينار بإمكانك ان تشتري بيتا جميلا، صار الألف منه أقل من الدولار!

لهذا كان الفرح مشوبا بانفعال الانتظار. اذكر صديقتي المغتربة وهي تزغرد حين دخلت قاعة التصويت. مع ان المغتربون عاصروا وعاشوا وشاهدوا الانتخابات على اصولها في بلدانهم الثانية. لكن انتخابات العراق كانت لها طعم انتظار الملايين الذين اتعبهم الظلم والفقر والحرمان، لها اهمية حقن الدماء وابعاد شبح الحروب والقتل والتفرقة الطائفية. انتظرناها عقود كما لو هي العصا السحرية للتخلص من الفساد الاداري والمالي، للخلاص من إجبار المواطن على دفع الرشاوى للحصول على حقه، للخلاص من تردي الخدمات وسوء المظاهر الحياتية وصعوبة العيش والخلاص من ومن وووو

وإذا بالفجيعة الانتخابية تضاف لكم الفواجع الأخرى التي ابتلي بها العراق، أولها فجيعة المحاصصة الطائفية التي حولت السلطة الى كعكة كل كتلة تسعى لاقتطاع الجزء الأكبر لها واتباعها من الحاشية، متناسية حتى لاتباعها من فئات الشعب الفقيرة الذين ساهموا بوصولها لذلك المنصب أو الكعكة. هكذا ضربت تضحيات الشعب على مدى العقود البالية والعقود التالية  في عرض حائط الانانية واستغلال المناصب.

صاح المتفائلون منا " لا تيأسوا مازلنا في الخطوات الاولى نحو الديمقراطية.." لكن اولى الصفعات للديمقراطية التي فصلت على يد أمريكا، هي المحاصصة الطائفية، والترشيح يتم على أساس طائفي وتعصب عشائري لاعلاقة له بمصلحة الشعب او البلد. والانتخاب هو الآخر يخضع لذلك التقسيم ا المقيت. فكم من الأصوات ضاعت لأنها انتخبت من تصوروه الأصلح، بعيدا عن المناطقية والطائفية، فقط لانهم ليس من بلد المرشح او لانهم لا ينتمون الى احدى الكتل التي لم يرغبوا بانتخابها!

انتظرنا من الذين اُنْتِخبوا أن يعملون الواجب فقط، يعملون بضمير وحس انساني ووطني لرفع المتاعب التي اثقلت كاهل الشعب او على الاقل بعضها. عقود والشعب يبادر لحل مشاكله بنفسه على اساس ان تلك الحلول مؤقتة، منها مولدات الكهرباء الصغيرة التي عانى الأمرّين لتوفيرها ولتحمل مضارها من ضجيج ودخان. وإذا بالحل يأتي من وزارة الكهرباء أو ربما وزارة التجارة، على شكل مولدات ضخمة أكثر بشاعة وضررا، ليزداد حجم الضجيج وحجم الدخان والتلوث يصاحبها استغلال مالكي تلك الأجهزة، والتكاليف التي أثقلت ذوي الميزانية المحدودة من ملايين العراقيين من المتعبين.

الوزراء والبرلمانيين سارعوا للاجتماع وبحضور الجميع لدراسة مشروع (تقاعدهم) بملايين من أموال الشعب عن عمل لم ينجزوه مع مخصصات ارهت ميزانية الدولة  لهم ولأقرباءهم. بينما تقاعد العمال والموظفون البسطاء ماطل فيه البرلمان بتغييب البعض منهم ليقرروا بعد انتظار طويل ملاليم اضطرت البعض من ابناء العراق الى العمل بأكثر من مكان لتوفير لقمة العيش.

إذن كيف نثق بمثل هؤلاء؟ واخبار صراعاتهم على ممتلكات الدولة يعرفها القاصي والداني، كل منهم يريد أن يستفيد منها لنفسه! فترك اغلبها للتخريب والعبث! وقصور صدام تشهد على ما اقول. وكم من مشروع عطل وهددت شركات أجنبية لأنها أرادت أن تستثمر بمشاريع فيها خدمة للناس، منها الشركة الكورية التي أرادت إنشاء مصانع اعادة تدوير المزابل والنفايات التي تملأ الشوارع والساحات، والتي حتى الشوارع الخلفية للمنطقة الخضراء لم تنجو منها!.

كيف نثق بكم؟ ومازالت الدوائر مستحيلة بروتينها ونزعة الطمع المتأصلة منذ ايام الحصار ببعض موظفيها ومطالبتهم الرشاوى لتعطيل حتى أصحاب المشاريع الانسانية التي أرادوا منها خدمة الشعب.

إذن أيها المرشحون لن ولم ننتخبكم، حتى ترشحوا أنفسكم، أي تنقّوها، من كل ادران الطمع والجشع، من ادران الطائفية والتعنصر، من ادران استغلال الوظائف وتغسلوا ضمائركم. وتعيدوا كل ما أخذتموه من أموال الشعب، لتوظيفها في مشاريع يستفيد منها الشعب فقط.. لتتوبوا أمام الشعب ويغفر لكم الله ذنوبكم بدون رحلاتكم المكوكية لبيت الله الحرام لم تخدم غير ال سعود.

و ننتخبكم إذا:

 

كان منكم رئيسا محبا للعراق وحريصا على خدمته لا كرديا يعمل للاقليم، ولا شيعيا يخدم ايران، ولا سنيا يسعى لرضا السعودية او تركيا. ووزراء لهم ضمير حي ومشاعر وطنية خالصة. وبالتالي سننتخبكم اذا:

- جعلتكم لكل حي محطة كهربائية نظامية تعمل ليل نهار كما هو الحال في محطة بسماية، أو المنطقة الخضراء.. لو جعلتكم محطات تعمل بالطاقة الشمسية لتنقية أجواء العراق وتوفير الكهرباء لكل العراقيين بلا انقطاع. واخليتم كل الشوارع من المولدات الكهربائية الحالية التي دمرت البيئة وصحة الإنسان.

- إذا جعلتم كل الشوارع نظيفة خالية من الصور والاعلانات الفائضة عن الحاجة، وارصفتها موحدة التبليط بارتفاع واحد، وخالية من كل مظاهر الاحتلال من بضائع المحلات او من جعلها ملحقا لداره،  وغيرها من المظاهر المشوهة والمتعبة للنظر.

- اذا انشأتم مصانع ومعامل لكل السلع البسيطة التي نستوردها الان من دول الجوار، لتشجيع الصناعة الوطنية وتوفير عمل لكل العاطلين. منها مصانع إعادة تدوير وتصنيع المواد، التي تملأ الشوارع والساحات كنفايات.

- اذا احببتم بغداد ورممتم بناياتها التراثية وحافظتم على ذات الطراز المميز من الشناشيل والهندسة التي تلائم جونا الحار. واعدتم اعمار شارع الرشيد أهم شارع في بغداد و جعلتموه مريحا للسير فيه وممتعا للنظر له.

- اذا جعلتم الدوائر تعمل لخدمة المواطن وتوفير مايريده ويضمن حقوقه بدون روتين قاتل وسياقات غبية غير منطقية، والحرص على متابعة القانون وعقوبة كل من يستغل عمله للاغتناء على حساب المواطن،

- وسننتخبكم اذا جعلتم المدارس الحكومية بمستوى المدارس في العالم المتحضر و الغاء المدارس الاهلية التي تفتقر لأبسط شروط التعليم كبناء و كوادر، غير مؤهلة سوى لجمع المال على حساب مستوى الطالب ومستقبله العلمي.

- واذا جعلتم المستشفيات الحكومية راقية وتعتني بالمواطن فلا يضطر للجوء للمستشفيات الأهلية التي تبتزه وتستغل حاجته الماسة لإنقاذ نفسه أو عزيزا عليه. وإلغاء كل المستشفيات الأهلية التي لا تصلح بناءا ولا كوادرا  لرعاية صحة المواطن.

- واذا جعلتم الطيران العراقي عراقيا حقا دون الاستعانة بكوادر تركية لاتجيد غير اللغة التركية، ولا تحسن التعامل مع المسافرين الذين اغلبهم من العراقيين وبعض الاجانب. ولا يوفرون ما يطلبه المسافر حتى المناديل الورقية! والغذاء بائس غير صحي المعقول وهذا عن تجربة خلال السفر على الخطوط العراقية.

- سننتخبكم اذا اعدتم الباصات التي عرفتها بغداد منذ بداية وعينا. وجعلتم خطوطا لكل حي من أحياء بغداد لتوفر على المواطن اجرة التاكسي الوسيلة الوحيدة لنقله في الكرخ والرصافة.

- سننتخبكم اذا رأينا عملا صادقا ومخلصا لقناة الجيش.. إذا رأينا حدائق تحيط بجانبيها، معتنى بها على مدار العام، اذا استغلت  بعض أرضها لمبان صحية لمن لا سكن لهم، ودورا لكبار السن مصممة على الطرز العالمية بكوادر وطنية انسانية.

- إذا خصصتم لكل شخص عراقي مبلغا كتعويض صحي عن الضجيج والتلوث البيئي.

حينها..وحينها فقط سننتخبكم، وهو ليس مستحيلا اذا اردتم صادقين خدمة الناس والوطن. بإمكانكم الاستعانة بالصين واليابان او المانيا للاسراع بتنفيذ تلك الشروط.

ومن ينتخبكم قبل تنفيذ ما مطلوب منكم  فهو مجرم يستحق العقاب في الدنيا وفي الاخرة ايضا.

 

 

إبتسام يوسف طاهر

 

في المثقف اليوم