أقلام حرة

صادق السامرائي: هل الأقلام مستبدة؟!!

صادق السامرائيلا تستغرب أخي المبدع من السؤال، فالواقع بتوالي أجياله يشير إلى أن الإستبداد عاهة فاعلة في الأجيال، ومتمكنة من أي شخص في مجتمعاتنا لديه قدرة على أن يمسك بقلم ويرفع رايات قال.

عندما تتصفح مسيرة الإبداع العربي من خلال ما قدمه المفكرون وكتبوه ونشروه، يتبين ذلك الإستبداد بوضوح صارخ، فما أن يكوّن الواحد منهم رأيا بناءً على ما توفر لديه من قليل معارف، حتى تجده قد إنتفخ وراح يطرح ما يراه، وكأنه الرأي الذي لا رأي سواه.

والكثيرون منهم يحسب أنه يعرف وغيره لا يعرف، وهو نفس سلوك أدعياء الدين، الذين يفترضون أن الناس جاهلون، وأنهم العارفون والعلماء والفقهاء وأصحاب الدراية والعلم، وما هم إلا على قدر ما يعرفون، لكنهم يتصورون ما ليس فيهم، ويتهيأ لهم بأنهم الأفذاذ المتميزون.

وهذه العاهة السلوكية المريرة لا تزال تمخر عباب وجودنا، وتتسبب بإنهيارات سلوكية متصلة بها، وتدفع إلى التصارع واللاحوار.

فبسببها لا نتحاور، لأن كل منا يرى أنه يدري وغيره لا يدري، وقد إمتلك الحقيقة الكبرى، وغيره من الجاهلين الذين عليهم أن لا يحاوروه برأي أو تصور.

مفكرون، كتاب، أدباء، يحملون ذات الموقف والتصور والإقتراب، وإياك إياك أن تبدي رأيا فيما طرحوه وصرحوا به، لأن ذلك عدوان، وعليك أن تسمع وتطيع، وتمدح وتتعجب وتضفي عليهم من التعظيم ما تستطيع.

إنها حالة مشينة ومخزية، تدب في عروقنا، وتمنعنا من الإتيان بما ينفع، فكأننا الوحوش في الغاب.

فلا تقل تحضّرنا، وفينا من التوحش ما يكذّب أقوالنا، ويعمّق عدوانيتنا وإفتراسنا لوجودنا.

فهل لنا أن نستفيق من غي أنا أعرف، ونتحرر من آفات الإستبداد الفاعلة فينا؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم