أقلام حرة

صادق السامرائي: أفكار منتهية الصلاحية!!

صادق السامرائيالوجود في حركة دورانية دائبة، ومكوناته تتقلب فوق مواقد نيران متعددة، ومَن لا يتحرك تتحقق نهايته الأكيدة.

وما دامت الحركة السلطان الفاعل في الوجود فالتغيير البرهان.

ومدينتنا الأرضية النائية المرعوبة، المصابة بغثيان الدوران، لا ثابت فوقها إلا بالدم.

فأي حالة معاندة لإرادة التغيير، تُسقى دما، وعبر الأجيال، وتتغير رغم المحاولات والأوهام والتصورات.

وبواقعنا نجتر أفكارأ عفا عليها الزمن، وتقيأتها الأرض، التي تطحن ما عليها، وتهضم ما فيها من الموجودات، أيا كان جنسها وطبعها وكيانها.

فمعظم الأفكار المتداولة منتهية الصلاحيات، وتحدّث بها السابقون، ومنها الكلام عن التجديد، كأنه غير متحقق، ولو بحثنا عن فكرته لوجدناها متداولة منذ قرون، وإدَّعاها النهضويون في القرن التاسع عشر، ولا زلنا نتكلم بها، على أنها ضرورية لبناء القوة والحياة.

وإبداعاتنا بأنواعها، تتداول أفكاراً تم النظر فيها من قبل، وما أتينا بمعاصر لصناعة الحاضر والمستقبل.

بل أن ترجماتنا لكتب الآخرين، تأتي بعد إندثارها، فالكتاب ما أن يُنشر حتى يبدأ العد التنازلي لقيمته وأهميته، فترانا نترجم كتبا صدرت قبل أعوام، وهي من محتويات الرفوف، وما عاد لها وجود في الرؤوس.

وبهذا السلوك نبرهن على إجترار الأفكار المنتهية الصلاحية، فننبطح أمام عجلات الزمن لننسحق ونتفتت ونضيع.

وبسبب التمسك بالماضيات، ومحاولة إحياء الغابرات، فسفك الدماء مطلوب، فما نسعى إليه يتعارض مع طبائع الوجود، فالتغيير ديدن فاعل فيه، والتجدد قانون يفرض سطوته على الكائنات في بقاع الكون المتسع الفسيح.

فهل سنعيش عصرنا ونتطلع لمستقبلنا، بدلَ التمحن في مستنقعات الراحلات!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم