أقلام حرة

صادق السامرائي: السوربونيون والأمة!!

صادق السامرائيالمتتبع للواقع الفكري والثقافي للأمة، يكتشف أن السوربونيين العرب (المتخرجين من جامعة السربون الفرنسية)، أسهموا بصورة مباشرة وغير مباشرة، فيما وصلت إليه أوضاع الأمة.

فهم من طلائعها الأوائل، الذين من المفترض أن يكونوا أنوارها الفكرية والفلسفية، والطاقات المعرفية التي تضخها بمناهج الإنطلاق والتعبير، للوصول إلى التفاعل الإيجابي مع جوهرها.

السوربونيون العرب في مشرق الأمة ومغربها، إتخذوا من النظريات والرؤى الأجنبية مدخلا لرؤية التحديات، وفرضوا تلك النظريات على واقع لا تمت بصلة إليه.

وفي النصف الثاني من القرن العشرين، إشترك معهم المتخرجون من جامعات غربية أخرى وأمريكية، ومضوا على ذات السكة، التي خلاصتها تفسير الواقع العربي وفهمه من خلال نظريات ورؤى الآخرين.

وجميعهم ربما لم يقدموا أصيلا، ولهذا كانت تفاعلاتهم ليست ذات تأثير نافع، بل عقّدت مشاكل الأمة وأوصلتها إلى مطبات فائقة ومحطات حارقة.

لو درستَ أيا منهم وتفحصت كيف تناول الموضوعات التي تخص الأمة، ستجده أما قد تأثر بأستاذٍ ما وراح يستعمل منهجه في البحث والدراسة، أو تشبّع بثقافة البلد الأجنبي ومضى يسقط  ما إستوعبه منها على الواقع العربي.

ولهذا إبتكروا مصطلحات وأكثروا من التوصيفات التعسفية، ومعظمهم على معرفة غير عميقة وشاملة بالثقافة العربية والتراث المعرفي بأنواعه، والقليل لديه إطلاع إنتقائي عن التأريخ والتراث العربي العلمي.

فإسهاماتهم سلبية أكثر منها إيجابية، ولهم دور في إيقاظ البعبع الديني، لأنهم حصروا نشاطهم في الدين وحسبوه علة العلل، مما تسبب بردود أفعال شديدة، نجم عنها سلوكيات مناهضة لجوهر الدين ومعانيه.

أما تصريحاتهم المتكررة بضرورة إعمال العقول بالنصوص الدينية، فمن أفظع الطروحات وأشدها عدوانا على الأمة والدين.

والقاسم المشترك بينهم إلا فيما ندر، أنهم أهملوا العلم وتناسوا أن الدول الأجنبية الني درسوا فيها، تعز العلم، وبه تطورت وتفوقت وتقدمت، فهل وجدوا فيها مفاهيم كالتأويل والعلة في الدين، وغيرها من طروحاتهم التي أودت بمصير الأمة.

قد ينزعج الكثيرون مما تقدم، ولكنه واقع علينا أن نواجهه ونراجعه بجرأة وإقدام، وإلا فأن الأجيال ستدوسها الأقدام.

فهل أن الأمة ترزخ تحت الإنتداب الفكري؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم