أقلام حرة

صادق السامرائي: هل تتجدد الأديان؟

صادق السامرائيربما سيعترض الكثيرون على العنوان، والسؤال ماذا يجدد الذي يريد أن يجدد؟!!

الأديان بأنواعها إعتقادات راسخة مطلقة، لا تقبل النظر والتمحيص والشك وإعادة القراءة والرأي، الأديان إنتماءات قلبية ثابتة، لا يمكن إخضاعها لمنظار العقل وتأثيراته، فالإعتقاد قلبي وليس عقلي.

أما أدعياء الإعتقادات العقلية فهم من الواهمين.

فكيف نجدد ما هو راسخ في القلب؟

كيف نجدد ما إستعبدَ العقل وسخره لتسويغ منطلقاته ورؤاه؟

وإعمال العقل في النص الديني، يمثل ذروة التعقيد، بالقول أن له معنى ظاهر وآخر باطن، وعلى العقل أن يعمل لتبرير ما يراه متوافقا مع كذا وكذا...

والحقيقة أن الدين أحد روافد الحياة الجارية في رحابها الدوارة، وما يخضع له الرافد يخضع له الدين، ذلك أن الأجيال تتبدل وتزداد قدرة على الوعي والإدراك، وتتفاعل رؤاها وتصوراتها وتمضي في ميادين البقاء، فيكون لكل نص إنعكاساته ومؤثراته وتفاعلاته مع الواقع الزماني والمكاني، وهذا ليس بتجديد بالمعنى الدقيق للكلمة، وإنما من ضرورات المواكبة والبقاء، فالدين يكون في وعائه، ولهذا يصح القول أن الدين يصلح لكل زمان ومكان، لأنه يمتلك قدرات المطاوعة على ديمومة الحياة.

والدين الذي لا يطاوع مكانه وزمانه، يدفع إلى كينونات مغالية متطرفة تعادي الدين والحياة، فتظهر لفترة وتنتهي، كالأجيج الذي يخمد بعد أن أكل سجيره، ولهذا فنداء "التجديد" لا رصيد له من الواقع الإنساني والمعرفي، ويثير الحالات المتطرفة ويضعها في زوايا حادة وأنفاق مظلمة، تداهم قلب الحياة، وتطعنه بالسوء والبغضاء والعدوان.

فهل لنا أن نكون مع الدين والحياة.

إن دعاوى التجديد جوهر التعقيد والتقديد!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم