أقلام حرة

صادق السامرائي: المستقبل الجميل!!

السائد في المنشورات المتنوعة، التركيز على الزمن الجميل، والمقصود به الزمن الذي مضى، فما تلاه أتعس واقبح، هكذا توحي الصور والكلمات المتداولة عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

فهل يصح في الأفهام هذا؟

لم أعثر على هكذا إقتراب في الدول التي خسرت الحرب العالمية الثانية، بل الذي ساد فيها بعد ذلك هو العزم والإصرار والتوثب إلى أمام، فتحققت أهدافها وإزدهى مستقبلها الذي نسميه حاضرها اليوم.

ويبدو أن مجتمعاتنا ذات نزعة نواحية، وعاهة تظلمية، وإستلطاف للنكد والقهر والجور في ربوعها، فهي إن لم تجد مَن يجلدها، تجتهد بصناعة جلاديها.

ومن النادر أن تجد كتابات متفائلة، وإن وجدت فهي منبوذة وذات مقروؤية متدنية، ويتهم أصحابها بأنهم يتخيلون أو يتهيأ لهم، ولا يمكن تصديق ما يذهبون إليه.

ويظهر ذلك واضحا، فالقصائد النواحية البكائية الندبية – على سبيل المثال – تلقى آذانا صاغية، أما التي تحث على الجد والإجتهاد والتحدي فتشيح عنها الأسماع والعيون.

الأمم تبنيها العزائم القوية المتوثبة المؤمنة بأنها ستتقدم وتكون، وتستثمر في طاقاتها وتؤسس لوجودها المعبر عنها، ولا تكون بالخنوع والمشاعر السلبية الخالية من الجدية.

ألمانيا تحققت، وإيطاليا واليابان، والكوريتان بعد حروبهما، وكذلك فيتنام، والصين ودول عديدة أخرى إنطلقت من ركامها في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، والعديد من دولنا بدأت في الربع الأول منه، وبقيت متأسنة بل ومتقهقرة إلى الوراء الأليم، تجتر ماضيها الذي تحسبه مشرقا وحاضرها الذي تراه أسودا قاسيا.

مجتمعاتنا التي أطفأنت أنوارها الروحية والفكرية والإبداعية، وأوقدت نيران الخراب والدمار، والإندحار في متاهات التبعية والدونية والخنوع لإرادات الآخرين، الذين قبضوا على مصائرها بحزم وتوحش.

ولن تكون إن لم تتحرر من وطأة المشاعر السلبية، وأهوال الإذلالية والتبعية، وتؤمن بذاتها وموضوعها، وتستثمر ثرواتها المادية والبشرية، وتنطلق في فضاءات عصرها المزدحم بمعطيات العقول الحرة الطامحة إلى أمجاد المطلق البعيد.

فهل سنؤمن بمستقبل سعيد؟

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم