أقلام حرة

صادق السامرائي: نحن والتاأريخ والدين!!

من العاهات الأساسية المعوقة للأجيل على مدى القرون، تمترسنا في موضوعات سالفة غابرة، نستهدف منها إستحضار الأموات وتخويلهم قيادتنا.

تأريخنا لا يختلف عن تأريخ الأمم والشعوب، فيه الأبيض والأسود والرمادي، والغريب في سلوكنا أننا لا نعرف النظر لغير اللون الأسود وننكر باقي الألوان، وبسبب التركيز المتواصل المتكرر على اللون الأسود، أصبحنا نرى تأريخنا بعين التطرف، فإن نطقتَ بغير ذلك تُحسب من الأعداء المارقين.

وذات الآلية تنطبق على الدين، فالإسلام دين بين الأديان وليس الدين الوحيد، والفرق أن الإبتعاد عن الإسلام تنامى مع تزايد عدد المدّعين بأنهم يمثلونه، ويطرحون دينهم الذي يحمل ماركة تجارية متعارف عليها " دينهم هواهم"، أي الذي يؤمّن مصالحهم ويعزز جاههم وسلطانهم ويملأ جيوبهم، والدليل على ذلك أحوال بلدانهم التي يتمنطقون فيها بدين.

المسلمون يهتمون بالكلام والطقوس وردود الأفعال العاطفية، والأديان الأخرى تركز على السلوك وتقويم التفاعل الرحيم بين البشر.

ويبدو أن أعداء الأمة والدين تسللوا خلال هذه الثغرات وأجادوا اللعبة، ودُفع بالأجيال إلى التصارعات البينية العبثية المبددة للطاقات والقدرات، والمؤمّنة للمصالح والتطلعات والتحالفات التدميرية للذات والهوية.

والعجيب بالأمر أن بعض أبناء الأمة لديهم القابلية على التفاعل الإيجابي مع أعدائها، وتمرير مخططاتها وتنفيذ مشاريعها، وكأنهم جنود أوفياء لأسيادهم، الذين يجودون عليهم من ثروات البلاد، التي يضعون أياديهم عليها  بشتى الأساليب.

ولابد من القول أن تأريخنا فيه الغث والسمين، والمظلم والمنير، وعلينا أن نقترب منه بموضوعية وحيادية وعلمية، بعيدا عن الأحكام المسبقة والنظرات المغالية المتطرفة، وهذا ينطبق على الدين أيضا، فله ما له وعليه ما عليه، ولا يجوز التمسك بفترة ما أو بمرحلة وتسليط الضواء عليها من زاوية حادة ذات نفقية شديدة.

فلا توجد في التأريخ مسيرات مثالية، ولا يوجد بشر مؤلّه أو مقدس، فما داموا من لحم ودم، ففيهم من طبائع التراب ما لا يمكن عده.

فهل لنا أن نحترم أنفسنا ونقرأ تأريخنا وديننا بعيون العقل؟

فمتى ستتعقل أمة يعقلون؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم