أقلام حرة

صادق السامرائي: تأريخ وتأريخ!!

تأريخنا يطرح أسئلة كثيرة، ومنها أن العرب عرفوا الكتابة والقراءة، والجاهلية فرية لمحق تراثهم المعرفي، ولا يمكن الجزم بأنهم لم يدوّنوا ما جرى في مكة من أحداث على مر العصور ومنها عصر البعثة النبوية.

كما لا يُعقل أن أهل المدينة لم يدوّنوا شيئا، والقرآن كان له كتاب وحي فأين ما كتبوه.

والرسول منع التدوين لكلامه، مما يعني كان هناك تدوين؟

فكيف نفسر ما جرى في الواقع العربي آنذاك؟

هل أن الأمويين لم يدوّنوا؟

ومعاوية بن أبي سفيان يقرأ ويكتب، فلماذا لم يدوّن، أو يأمر بالتدوين؟

هل أن علي بن أبي طالب لم يدوّن شيئا طيلة سنوات ما قبل خلافته؟

هل أن الأمويين أحرقوا ما تم تدوينه في مكة والمدينة، وما دوّن في زمن الخلفاء الراشدين، وكتبوا التأريح على مزاجهم وكما وصلنا اليوم؟

المحق بالإحراق كان سهلا آنذاك لأن أعداد النسخ قليلة لندرة الورق أو إنعدامه.

أما في الفترة العباسية فانتشر التدوين ووجدت صناعة الورق في بغداد، وإنتعشت أسواق الوراقيين أو النساخين، فالكتاب كان ينسخ عشرات أو مئات المرات.

أما في العهد الأموي فالنسخ معدودة، ولهذا يكون الحرق وسيلة للقضاء على ما دوّن.

ويقال أن السيرة النبوية دوِّنت في زمن عثمان بن عفان فأحرقها الأمويون، والوحيد الذي نجا من الدمار هو القرآن، وركز الأمويون على نشره وحفظه والإهتمام به.

فالتأريخ كما هو واضح تعاد كتابته في كل عصر، وفقا لمعايير ذلك العصر وما يعارضها يتم القضاء عليه.

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم