أقلام حرة

إبراهيم شكور: إذا زلزلت القلوب زلزالها

ما أشد وطأة القدر حين ينزل مبتليا النفس البشرية، ومنبها ضمير الانسانية، وما أرحم يد اللطيف وما أحناها وهي تمسح عن المبتلين جَهد البلاء،وسوء القضاء، لتعيدها إلى حول وقوة إنا لله وإنا إليه راجعون ..

إنها نافذة أمل، ومعراج صلة بأصل الانتماء،تُكفكف فيها العبرات، وترتوي فيها الروح تسلية وطمأنينة، بعد أن آلمها مصاب زلزال الحوز ونواحيه ’الذي نفذ وقعه بكل تجلياته الربانية والبشرية في كل قلب، فتباينت الخواطر.

الظاهر إبتلاء:

لعلها رسائل ربانية توقظ فينا موتى رقاد حطام هذه الفانية، وغرقى أنانيتها المائجة، التي استهلكت فينا كل أسباب الأمان الموصلة إلى الشُّقة الدائمة، وتآكل فينا كل رابط إنساني وكل وشيجة أخوية، فأصبح من ينظر إلى الدنيا بعيني إنسان مسكينا

.... لقد ألفتنا هذه المنبهات في واد غفلة جارف، قد عسكر عليه جند الملذات وكتائب المغريات، فكان الجواب لمن ينادي

(أقبل على النفس واستكمل فضائلها//

فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان)

لا لبيك ...

تلبدت سماء الخيرية فانقشعت عن:

الواقع فرحا:

لقد انبجس فجر العطاء عن عظات هذا الألم، وأشرقت معه شمس الإنسانية، وانبعث الضمير الإنساني من ركام التفاهة، وحطام السفاهة، فجاشت آبار السخاء والاحتواء والنجدة بالرواء، وهبت القلوب لتعانق بعضها، وأسرعت الأرواح وهي تحمل ألمها إلى مكان ألمها، فخلدت للشهامة قصصا تروى،وللعطاء صورا تحفظها الدنيا في ذاكرة قلبها .

فما أجمل لطف الرحمن، كم خرق لنا القدر من الحلم سفنا،وهدم لنا  القضاء من الأمل مدنا وقرى، لكن كما قال العارفون :  في كل قهر جلي هناك لطف خفي، فالذي قال: وإن كنا لمبتلين. هو نفسه القائل عز وجل (وماكنا عن الخلق غافلين.) هذه المعية هي فسحة الروح في وحشة مجابهة صدمات الاقدار، ومحاولة النفس البشرية مدافعة الابتلاء، وتخفيف القضاء، ليس تطاولا ولا سوء أدب مع الحضرة القدسية، لكنه تسليم ورضا يدفع إلى حسن الظن، ورأفة تتداعى له سائر جسد الأمة بالعطف والرحمة.

” ففي النهاية ليس مقدارالعطاء في الإخلاص، ولكن مقدار الإخلاص في العطاء.

فما أحوجنا إلى عطاء دون عدسات هواتف ذكية

ورقة وشفقة دون  إيه إيه

دخل الخليفة المنصور قصرا فوجد في جداره بيتا مكتوبا:

ومالي لا أبكي بعين حزينة

وقد قُرِّبت للظاعنين حُمول

وتحت البيت مكتوب فيه: إيه، إيه فقال: المنصور أي شيء إيه إيه

فقال الربيع: يا أمير المؤمنين إنه لما كتب البيت أحب أن يخبر أنه يبكي!!

فعندما تقدم عطاء فادفعه دون منٍّ ولا إيه إيه، إذا زلزلت القلوب زلزالها.

***

إبراهيم شكور

في المثقف اليوم