أقلام حرة

صادق السامرائي: التماثيل والواقع الحضاري!!

هذه فكرة ربما سينفيها الكثيرون، وينظرون إليها بعيون النكران، وحتى الإستخفاف، لكنها ظاهرة جلية في الأوطان والبلدان.

إذ يمكن معرفة الواقع الحضاري لأي مجتمع، من كثرة النصب والتماثيل للشعراء والعلماء، فإذا قل عدد تماثيل العلماء وزاد عدد تماثيل الشعراء، فالمجتمع ليس في عصره، والعكس صحيح.

في إسبانيا تتفوق تماثيل العلماء العرب على تماثيل الشعراء، وفي بلداننا تزدحم مدننا بتماثيل الشعراء.

هل يوجد تمثال لعالم عربي في القرن العشرين؟

من النادر أن تجد ذلك في بلداننا، أما الشعراء ورهائن الكراسي، فما أكثر تماثيلهم وصورهم.

ليس تقليلا من أهمية الشعراء وكونهم جزء من الحياة في كل زمان ومكان، لأنهم يعبرون عن مكنونات النفوس بآليات فنية معروفة.

الموضوع فيه دلالة على التنكر للعلم والعمل، والتركيز على الكلام وإعتباره الإنجاز والأمل.

كانت القبائل العربية تتفاخر بشعرائها وتحتفل بنبوغ شاعر فيها، لأنه لسان حالها ووسيلتها الإعلامية وصوتها المعبر عنها.

ويبدو أننا لا نزال نتمسك بذات السلوك، ولا نقترب من عصرنا، ونشد الرحال إلى ماضينا، فهو الذي يمثلنا، ولا نستطيع تمثل زماننا والتفاعل الإبداعي معه بإرادتنا الحضارية الأصيلة المعطاء.

كل يوم تسمع هناك تمثال لشاعر، وقليلا ما تسمع عن تمثال لعالم، أو مساهم بصناعة الحياة في مجتمعاتنا.

قد تكون التفسيرات كثيرة، والتفاعلات شديدة، لكنه واقع حال يختلف عما عند المجتمعات المتقدمة، التي تدرس كل خطوة وتستوعب مآلاتها، وما يتمخض عنها من سلوكيات وردود أفعال، أما في ديارنا فأهواؤنا تقودنا.

فهل لنا أن نعطي لكل ذي حق حقه، ونرسي في المجتمع الأنوار والمشاعل العلمية؟!!

ترى لماذا معظم رسائل الماجستير والدكتوراة كلامية؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم