أقلام حرة

صادق السامرائي: القلم الشيطان!!

كنت أعبد الشيطان*

كنت أظن أنك المضل وأنك تهدي مَن تشاء

الضار المغيث المذل عن صلف وعن كبرياء

جبار البأس تكن للناس مكرا ودهاء

تقطع أيادي السارقين وترجم أجساد النساء

تقيم بالسيف عدلا فعدلك في سفك الدماء

فيا خالق القاتلين قل لي أين هو إله الضعفاء

لو كنت خالق الكل ما حرمت بعضهم البقاء

فهل كنت أعبد جزارا يسحق أكباد الأبرياء

***

نص ينسب لمن أريد أن ينسب إليه،  لغاية في نفس يعقوب وأكثر،  وسمي قصيدة،  وهي تخبر بأن صاحبها لم يطلع على التراث العلمي العربي، وتوهّم بأن تأريخ العرب كما ورد في معظم المدونات، التي تحسبه سفك دماء وإعمال للسيف ضد مَن يعترض أو لا يتفق وعقيدة الدين التي جاءت للعالمين.

وعند قراءة هذا التأريخ بمنظار التوهم بصدقه وتحليله وفقا لذلك، فالعقل سيأخذنا إلى إستنتاجات ذات إنحرافية عالية.

فالتأريخ المكتوب فيه الكثير من الأباطيل، وأكثره مدوّن بأقلام الكراسي لإعلاء مقام أصحابها، ولتحقيق السمع والطاعة والخنوع المطلق لإرادة السلطان، فلابد من البطولات الخيالية والتهويلات الفائقة والقدسية لإحلال الرهبة والقدرة العاتية في الحكم، وبموجب ذلك يستتب الأمن، ويكون للقوة دورها في حفظ هيبة الدولة ورجالاتها.

معظم المفكرين ورجالات الفكر ينقصهم الإطلاع الوافي على تراث الأمة العلمي، ودوره التنويري الحضاري المعتمد على تفعيل العقل وإطلاق ما فيه من معطيات ذات قيمة حياتية باهرة.

وأرقى عصور الأمة تجسد في الفترة التي ثوّرت فيها العقول، يوم تألق بيت الحكمة ببغداد وشعشعت أنوار مبدعيها الأصلاء.

فمن الخطأ التركيز على تأريخ الكراسي الذي أفاضت به أقلام تلك الأزمنة، التي كان أصحابها يعتاشون على ما يكتبون، فالمأرخون لم تكن كتاباتهم بلا ثمن يدفع لهم، فكيف لهم أن يكتبوا بصدق، وهم يريدون أجرا على ما كتبوه؟!!

***

د. صادق السامرائي

...........................

* يُقال أن أحد رموز الأمة في المعرفة ونبراس لغة الضاد قد كتبها في آخر أيامه، أو ربما تنسب إليه، وأشك بأنه كاتبها، لقراءتي معظم كتاباته، وأجدها لا تتوافق مع أسلوبه البليغ الرصين؟!!

 

في المثقف اليوم