أقلام حرة

فاضل الجاروش: مفهوم العدم

هو أكثر المفاهيم غموضا، حيث تدور حوله نقاشات وجدليات قد لا تنتهي باتفاق على تحديد المراد من المفهوم فما هو العدم!؟.

الحقيقة أن العدم هو تعبير عن تعطل أدوات إدراك الواقع ولايعني عدم الوجود، لأن اعدام الشيء يعني إلغاء أبعاده الواقعية الرياضية مما يجعل إدراكه بالمدركات الحسية الواقعية متعذرا موضوعيا لأن الأمر كله مرتكز.

على التناسب بين أدوات إدراك الشيء وبين شيئيته والشيئية تعني الشكل الظاهري المؤثر في استجابات المدركات الحسية التي تناسب تلك التأثيرات؛ فلو أنك افترضت وجود جسم معتم ولكنه يصدر صوتا فأن الاذن ستكون الدليل على وجوده رغم أن العين لاتدركه وهكذا مع باقي الحواس وبذلك فإن وجود شيء لايتسبب باستجابات حسية لمجموعة الحواس التي يمتلكها الإنسان سيكون بمرتبة العدم الافتراضي رغم أن له وجود اخر ولكنه غير مدرك .. لاحظ قول الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾

مما لاشك فيه أن قول الله تعالى «ولم تكُ شيئا » لاتعني العدم وانما تعني أنك لم تكن على شاكلتك هذه حيث أن الله تعالى لم يقل بانك كنت عدما أو أننا خلقناك من عدم وانما أشار إلى الشيءية وهي تعبير عن الهيأة على أن هذا المعنى يؤكده قول الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب [الصافات 11].

﴿ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون﴾ .. 20  الروم

لاحظ كيف أن الله تعالى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن فكرة العدم ليست واردة ابدا وانما كل ماخلقه الله هو تعبير عن إيجاد حالة من التناسب بين المدركات الحسية ومايناسبها من الابعاد.

الرياضية الهندسية، وهذا ينطبق على مختلف التشكُلات المُعَرفة هندسيا، لذلك فأن من غير الممكن موضوعيا وواقعيا أن يدرك الإنسان الفراغ رغم عقلانية وجوده ورغم أنه يحمل مسمى الفراغ لكنه غير مُعَرف على قاعدة بيانات الإدراك الحسي، فهو فراغ غير متصور وانما هو فقط مستوى مفهومي.

لايمكن تحديد ملامحه لذلك لايمكن وصفه بالعدم. لذلك بحسب فهمي أن فكرة أن الكون ناشئ من العدم انما هي فكرة ساذجة لايمكن قبولها من عاقل.

***

فاضل الجاروش

في المثقف اليوم