أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (84): حرب الصحون الطائرة

منذ بداية عملية طوفان الأقصى المباركة كان بنيامين نتنياهو قد حذر قائلا "أن العدو سيدفع ثمنا غير مسبوق".

وأمر بتعبئة واسعة النطاق لجيش الاحتياط ورد لم يسبق له مثيل.

وكما هي عادة جيش الاحتلال حين تطلق مسميات على حروبها،  أطلق على حربه على غزة ٢٠٢٣-٢٠٢٤ "السيوف الحديدية".

ولو محّصنا قليلا في هذه التسمية سنخرج بنتيجة أن السيوف في عصرها كان يستخدمها الأطراف المتحاربون في ساحة الوغى وجها لوجه. ومن المعروف أن السيوف اشتهر بها العرب أكثر من غيرهم.

ولا أعلم حقيقة لم قام جيش الاحتلال الذي يوصم بالجبن بإطلاق هذه التسمية على حربه الغاشمة على غزة والتي اتسمت بالانتقام والدموية من شعب أعزل لا من جيش مقابل جيش.

فلم نرى أثرا لهذه السيوف على الأرض، إنما رأينا طائرات جبانة تعيث فسادا بالبلاد والعباد. وكان الأولى تسمية هذه الحرب "الصحون الطائرة الحديدية".

إلا أن بنيامين نتنياهو وحفظا لماء الوجه قرر أن يشنّ هجوما بريا على شمال القطاع،  فلم نرى سوى سيوفا بلاستيكية هشة أضحكت أصغر طفل في غزة.

بعد ذلك ظهرت تصريحات تقول أن النتن ياهو يريد تغيير اسم الحرب من "السيوف الحديدية" إلى حرب "سفر التكوين". كون الاسم الأول هو اسم لحملة عسكرية لا اسما لحرب. وقد سعى النتن من خلال ذلك إيجاد تبرير لمواصلة الحرب المكلفة بإقناع شعبه أنها حرب دينية ومقدسة. وحسب معتقداتهم فقد ورد في "سفر التكوين" أحداث بدء الخليقة وسيرة حياة بعض الأنبياء وكيف اختار الله النبي نوح كي ينذر البشرية من الطوفان الذي كان قادما إليها.

ومن المعلوم بأن عملية طوفان الأقصى لم تكن كسابقاتها فالطوفان جاء مفاجئا ومباغتا للعدو في عقر مستوطناتهم اللاشرعية. واسم الطوفان استقته حركة حماس من القرآن الكريم تيمنا بالطوفان في عهد نبوة نبي الله نوح عليه السلام. وفي المقابل أراد نتنياهو من حربه أن تتلفع بالرداء الديني ليحفز العنصرية اليهودية لدى شعبه.

وهذا التقنع بقناع الدين في الحروب أمر خطير لأنها لا تعترف بالحلول السياسية وإنما تصنع نهاية واحدة لهدف الحرب. غير أن نتنياهو أخفق وسقط في أوحال غزة التي تلتهم كل غريب شاذ..

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم