أقلام حرة

الطيب النقر: اهتبال الفرص

الشعب السوداني الذي همعت جفونه، وفاضت دموعه، جراء الجشع الدنيء، الذي تفاقم شره، واستطار أذاه، من قبل بعض التجار الذين لهم قلوب أقسى من الصّوان، وأفئدة أصلب من الجلمود، على الكادح الذي أضحى قبلة للنوائب، وعرضة للمصائب، هذه الفئة التي مرضت أهواؤها، وسقمت ضمائرها، حتماً سوف تهتبل هذه الفرصة التي أتاحها لها حصيف الحُجى وزير المالية الذي أظهر الخفي، وأعلن الممضمر، عن اقتصادنا الذي نكصت رايته، واستبهمت علامته، بعد أن وعرته جوانح الحرب، وطافت به مُلِمّات الأزمة الاقتصادية العالمية.

والمواطن الذي أرتاع قلبه، ونحب فؤاده، ظلّ يرقب تصرفات من لا يحجزه تقى، ولا يردعه نهى، التاجر الجشع الذي يسلك طريقاً معور، وأثراً مجهولاً، والذي لا يحتفي إلا بالمادة التي تربطه بها آصرة أبدية، وأخيةُ مستحكمة، وغفل عمّن نبا عصب صبره، وانتكت مرائره، فالشعب الذي أيبس الفقر عوده، وهّشم الغلاء فقاره، لن يظل دوماً راضياً بما قُدِّر له، ويسكن أبداً إلى ما قُسِمَ إليه، فالحزب الصمد الذي شاع حُسن الذكر له، وذاعت المحامد عنه، والذي اشتُهِرَ بنزاهة النفس، وحصانة اليد، وظلافة الهمة، يجب أنّ يخفض رفعة هذا التاجر، ويكبح تطاوله، فالتاجر الذي لا يخشى في المواطن إلاً ولا ذمة، سوف يجد في رفع الدعم عن المحروقات بلاغاً إلى مبتغاه، وسبيلاً إلى متوخاه، فصاحب الداء العُضال، والعياء المستشري، سوف يعمد إلى الأسعار فيقفز بها حتى تصل السحاب الجون، ولن تحرك الدولة المشبل صاحبة النظرة الثاقبة، والتدبير الموفق، ساكناً لنجدة من همد صوتُه، وسكنت حركاتُه، فسياسة التحرير تمنعها عن ذلك. إنّ صرعى الفاقة، وطرائد المرض، الذين حزبهم الأمرُ، وشجنهم الحال، لا يتوقون لأن تخمد جذوة الغلاء، وينطوي عهد الشره، ولكنهم يتطلعون لأن تكون رواتبهم التي ينالونها نظير السعي الدائب، والجهد المضني، مجزية حتى تصمد إذا أسرفنا في التفاؤل لمدة تربو عن الأسبوعين من صرف الراتب، كما تطمح تلك الطائفة التي تكابد الأين، وتعالج اللغوب، أن تسعى الظئر العطوف حكومتنا الرشيدة لتوفير كل السلع الضرورية في أماكن البيع المخفض، فالغلاء الذي أنطق لسان الأبكم يجب أن تتضافر كل الجهود لكف ضلاله، وكبح شروره.

***

د. الطيب النقر

 

في المثقف اليوم