تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

بديعة النعيمي: كانت هنا وستنتفض يوما كفينيق..

مجزرة الدوايمة

يظنون بأنهم قتلوا الشجرة ولم يعلموا بأن رب ثمرة لم تدركها عين ادخرت بذورها ليوم البذار فصنعت غابة....

تقع قرية الدوايمة بين بئر السبع والخليل، على بعد أقل من ٣ أميال من مدينة الخليل. وكان عدد سكانها يبلغ ٢٠٠ نسمة، رفع هذا العدد اللاجئين الذين تدفقوا إليها بسبب عمليات التطهير العرقي في بلداتهم وعددهم قرابة ٤٠٠٠ نسمة، فرفعوا بذلك عدد السكان إلى ثلاثة أضعاف.

لكن قرية الدوايمة لم تدم لا للسكان الأصليين ولا لمن التجأوا إليها بسبب المجزرة التي وقعت بها بتاريخ ٢٩/تشرين الأول/١٩٤٨ ضمن عملية "يواف". أما الوحدة التي نفذتها فكانت الكتيبة "٨٩" التابعة للواء الثامن.

فبعد ثلاثين دقيقة من صلاة يوم الجمعة دخلت عشرون عربة مصفحة إلى القرية من جهة قرية "قبية"، يرافقها دخول جنود الاحتلال من الجهة المقابلة. حيث قام جنود الاحتلال الذين دخلوا بالمصفحات بفتح النار من أسلحة اتوماتيكية ومدافع المورتر على سكان القرية بحركة شبه دائرية. ثم طوقوها من ثلاث جهات وتركوا الجهة الشرقية مفتوحة كي تتم من خلالها عملية الطرد. ولأن مواجهات دفاعية حدثت من قبل شبان القرية الذين كانوا يحرسون قريتهم ،قفز الجنود من المصفحات وراحوا يطلقون النار عليهم وعلى السكان دون تمييز بين طفل أو امراة أو شيخ. فما كان من السكان إلا أن لجأوا إلى جامع القرية وإلى كهف قريب من "عراق الزاغ" بهدف الاحتماء من نيران العدو. غير أن الحقد وغريزة الانتقام التي يمتلئ بها قلب العدو الفاشي قامت بقتل أولئك الذين احتموا بالجامع والكهف. وبشهادة من مختار القرية يقول أنه عندما تجرأ في اليوم التالي للمجزرة وعاد إلى القرية ،هاله مشهد الجثث المكدسة في الجامع وفي الشارع والتي سدت باب الكهف.

وكما هي عادة العدو في جميع المجازر فقد ارتكبوا الفظائع والأعمال الوحشية التي تقشعر لها الأبدان ،فمن جماجم الرضع المحطمة إلى إحراق النساء بعد الاعتداء عليهن إلى عمليات الطعن بحق الرجال حتى الموت.

والجدير بالذكر أن المراقبين الدوليين الذين دخلوا القرية بعد المجزرة اعترفوا بعجزهم عن تحديد عدد الضحايا. إلا أنه من المرجح أن العدد تجاوز ال ٣٠٠ شهيد.

وقد أصدرت دولة الاحتلال أوامرها للتعتيم على المجزرة ومنعت التحقيق بالجريمة. فظل المجرم والقاتل دون حساب إلى يومنا هذا وهو يقفز أعلى القوانين ولا يلتزم بها ولا يعترف بجرائمه.

واليوم تقوم مستوطنة "أماسيا" على أنقاض قرية كانت هنا يوما لكنها ستنتفض من جديد وتسلخ عنها ثوبا أرغمت على ارتداؤه.

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم