مقاربات فنية وحضارية

الفنان محمود صبري ونظريته واقعية الكم / احمد جبار غرب

انه يتحسس الذوق الفني من خلال رؤاه المتفردة لقيم الفن والجمال فهو رغم إيمانه بالفكر التقدمي واليساري إلا انه يؤكد إن الفنان إذا حاول إن يتأدلج مع نمط من الأفكار والعقائد ويتخذ من ذلك منهجا له بالتأكيد سيموت فنيا وتنطفئ جذوة إبداعه ولهذا فهو لم يلتزم بخط أو نمط فني محدد حفاظا على روح الفن ومن هذا المنطلق عمل بشكل مبكر على تطوير نظريته في واقعية الكم ورغم إن هذه النظرية فيها من التمرد والغرابة الشيء الكثير لكن لها منطلقات ورؤى إبداعية متفجرة فهو حاول استخدام المفاصل العلمية في عملية التشكيل اللوني وإعطاء مدلولات إيحائية للمتلقي فهو حاول استخدام الكيمياء وأكد إن هناك ترابط بينها وبين التشكيل الهندسي والفني الذي يعمل على تأسيسه منذ الخمسينيات وهو رغم ظروفه الصعبة حاول نشر أبحاثه عبر النشرات الدولية والمهتمة بالشأن التشكيلي لكن إيجاد نظرية ونشرها وجعلها في متناول الجميع أمر في غاية الصعوبة أولا يجب إن تكون الإمكانات المادية متاحة وان تقوم مؤسسات بحثية وإعلامية بتبني هذه النظرية لكي تظهر للوجود وان يكون الوسط الاجتماعي وليس النخبوي فقط استيعاب تلك الأفكار ورغم إن التكعيبية والسريالية أثبتت حضورها الفني لوجود عوامل تساعد على نجاحها فان الفنان محمود صبري ليقل أهمية عن أي فنان عالمي أخر مبتكر وكاشف لنظرية لها مؤيدوها ومعارضوها ككل النظريات العلمية وقد تحدث المخرج السينمائي قتيبة الجنابي الذي سجل فلما طوله 17 دقيقة ولطرح رؤيته لنظرية الكم للفنان محمود صبري في حين قضى هو أكثر من مئة يوم في سبيل انجاز واختزال نظريه معقدة في زمن قصير وقد برع الفنان قتيبة الجنابي في إيصال بحثه السينمائي بشكل جميل وملفت للانتباه إذا أوحى لنا إن الفنان يعيش في وحدة ايجابية متأملة تبحث عن إجابات في كل مايدور حول عالمنا وحاول استخدام اللطيف اللوني بتشكيلات لونية متعرجة بالتزامن مع حركة الفنان في صعوده للسلم اللولبي في بيته الخاص وجعل الفلم صامتا أو بدون تعليق هروبا من ضجيج الواقع وتقرحاته مستعينا بالحركة وانتقالات الكاميرا في اتجاهات مختلفة للتعبير عن تأملات الفنان وسعيه للخلق والابتكار وهو سبق إن تواجد مع محمود صبري في المنفى ويفهم كل انبعاجات وانفعالات محمود صبري التي صاغها بشكل فني سلس يحسد عليه ثم تحدث الأستاذ مهدي الدكتور مهدي الحافظ الاقتصادي المعروف عن الفنان وانطباعه الشخصي عنه وأكد انه عشق الديالكتيك الطبيعي منذ نعومة إظفاره والذي طوره فيما بعد لنظرية الكم وأكد الحافظ إن الفنان محمود كان من أوائل من وصف الفكر ألبعثي بالفاشية، وشبهه بالفكر الفاشي الذي أحط من الإنسان وقيمه وتجاهل إنسانيته ولهذا لجأ إلى الاغتراب والوحدة خوفا على منجزاته الجمالية أي انه يخشى على أنى تمس روحه الفنية من قبل نظام جاهل وعابث لايهمه الإنسان أو تطوره وقد حصلت تداخلات وأسئلة من الجمهور الحاضر في تلك القاعة رد عليها أهل الاختصاص وكانت احتفالية ممتعة وغزيرة بالمعلومات والتدفق المعرفي

 

احمد جبار غرب


 

خاص بالمثقف

.................................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (عدد خاص لمناسبة تكريم الفنان التشكيلي الراحل محمود صبري اعتبارا من 20 / 4 / 2012) 

في المثقف اليوم