مقاربات فنية وحضارية

قراءة موجزة عن المعرض الشخصي الثاني للفنانة زبيدة الشواف: حالات

وائل مرعبإن ما يثير الدهشة حقّاً هو هذا النضج المتسارع الذي غطّى على جميع أعمال هذه الفنانة المثابرة وخلال أقل من سنة من إنتهاء معرضها الأوّل قدّمت في معرضها الثاني عشرين عملا تعبيرياً إمتازت جميعها بالغنى والثراء الفني وكأنّها خضعت لدراسة متأنية رغم حريّة فرشاتها وصخب ألوانها فبدت مثيرة للجدل وتدفع الرائي الى التوقف أمام كل لوحة وهو يطرح

أسئلته وأجوبته في ذات الوقت.

يبدو لي أن الفنانة (الشواف) ترسم أفكارها المشاكسة والجريئة قبل الشروع بالرسم أي إنها تهيّأ الفكرة التعبيرية ومن ثم تختار الألوان التي تجسدها، لذلك فإن جميع أعمالها تعتمد التشخيص بشكل حداثوي خاصة منطقة الرأس الأنساني الذي يظهر بنفس ملامحه في كل لوحة ولكن بتعابير مختلفة وذاك لعمري قدرة متخيلة فائقة الجودة.

ما يميّز هذه الفنانة المبدعة إنها تشتغلُ على سطوح ثلاث، الأول هو سطح القماشة البكر والثاني السطح التصويري الذي مادته الألوان وتعشقاتها، والأخير هو السطح الذي يبرز من بين ركام الألوان ليشكل شخوصها وحركاتهم الأيمائية المجسدة بثلاث أبعاد نتيجة تسليط الضوء والظل .

20 زبيدة الشواف

إن معرض الفنانة (الشواف) قد يختلف عن الكثير من المعارض الشخصية بسبب إبتسامة الفنانة المتميزة التي تنتظرك في قاعة العرض والتي تشيع في المكان حالة من الآمان تجعل الزائر في حالة من الصفاء الروحي بحيث يرى أعمالها بروية وتمحّص رغم صخب الألوان المتحرّكة على سطوح لوحاتها وضربات فرشاتها التي تترجم بأمانة ما يمور بداخلها من أفكار.

ومن ناحية وحدة الموضوع والثيمة الرئيسية لكل اعمالها فالفنانة لا زالت مولعة في فتح نوافذ النفس البشرية لكي تطلّ على دواخلها وكشف ما يعتلج بها من مكابدات وحالات إنسانية مختلفة وذلك من خلال نظرات شخوصها وتقاسيم ملامحهم التي تشي بما يشعرون به مستعينة أحيانا بحركة كف او طرف من الأطراف، وهو ولعها القديم منذ بواكير اشتغالاتها الفنية ومثاباتها الأولى .

أخيراً .. معرض (حالات) هو إضافة مهمة في مسيرة هذه الفنانة المبدعة كما هو إضافة ثريّة الى عالم التشكيل العراقي .

 

وائل المرعب

 

 

في المثقف اليوم