مقاربات فنية وحضارية

من ضمن القصص التأريخية التي ألهمت الفنانين الكلاسيكيين في أورپا خلال عصر النهضة وما قبله هي قصة پيرسفون وربيع الحياة.

بيرسفون   Persephoneهي آلهة الخصب والخضرة في الميثولوجيا الأغريقية، وهي إبنة كبير الآلهة زيوس Zeus وآلهة الحصاد ديميتراDemetra  . تدور أحداث القصة في جزيرة صقلية عندما خرجت پيرسفون الجميلة الى الحقل وهي تتلألأ مع شمس الربيع في يوم مشرق لتقطف الازهار. 

وكان شعاع فتنتها قد وصل الى ملك الموت هيدس Hades  وهو في عالمه السفلي، فانشقت الأرض من تحت أقدام پيرسفون ولم تر إلا أياد قوية متحجرة تمسك بها وترمي بها في عربة تجرها خيول سوداء لتنحدر بها الى عالم مظلم دامس.

هامت ديميترا والدتها تبحث عنها في كل ارجاء الجزيرة فيما لم يبدو على زيوس أي إكتراث. لم تترك ديميترا أي ركن من الجزيرة لم تفتشه وأي أحد لم تسأله عن ابنتها الى ان اهتدت لمن أخبرها بقصة اختطاف بيرسفون من قبل هيدس وانه قد يكون زيوس قد تواطئ في الامر. 

غضبت ديميترا  ولعنت الجزيرة بالجفاف والقحط حتى ان ساءت الأمور فأمر زيوس هيدسا بأعادة پيرسفون الى الأرض. لكن هيدسا اقنع پيرسفون أن تأكل خمسا من حبات الرمان قبل ان يطلق سراحها، وكان عصير الحبات السحري يؤكد لهيدس بأنها ستعود اليه لتمضي نصف كل عام معه. 

وهكذا كان الحال، فحين عادت پيرسفون الى الأرض بدأ الربيع وامتلأت الأرض بالخضرة والزهور، وعندما حان وقت رجوعها الى هيدس انحسر الماء وتجف الأشجار ويحل الجفاف والقحط.

ومنذ ذلك الوقت عرفت البشرية سر تعاقب الفصول كل عام على انها سنة إلهية لابد منها. ولهذا فقد قيل قديما ومنذ الأزل: 

هناك موسم لكل شيء، وموعد لكل ظاهرة

موعد للولادة وموعد للموت

موعد للنور وموعد للظلام

موعد للزرع وموعد للحصاد

موعد للخير وموعد للشر

موعد للفرح وموعد للحزن

وموعد للسلم وموعد للحرب

 د. مصدق الحبيب