حوار مفتوح

المثقف في حوار مفتوح مع الأديب ا. د. عدنان الظاهر (2)

  

سلام كاظم فرج، أديب وكاتب / العراق:

استاذي الدكتور عدنان الظاهر ..

 اعجابي بكم لاتحده حدود .. وهو ليس اعجاب تلميذ منفعل بسطوة استاذه فكريا .. بل لانكم تمثلون جيلا ترك بصمته الواضحة على تفكيرنا وتوجهاتنا .. انتم تمثلون جيل المعلمين الكبار النبلاء .. نبلاء في الروح والوطنية والعطاء.

جيل علمنا معاني التضحية المثالية. والعطاء .. جيلكم كان جيل معلمين .. لكن تلامذتكم اكلتهم الحروب .. واستطيع ان أقول انها قد اتت عليهم تماما قبل ان يؤسسوا كما اسستم من قيم ..

 لكل ذلك اسمح لي ان اكون صريحا جدا معك .. استاذي ومعلمي وشيخي .. وليتسع صدرك لأسئلتي .. مع خالص ودي وتقديري ..

 

س10: سلام كاظم فرج: يقول المتنبي.

فإذا احتجبت فأنت غير محجب .. وإذا بَطَنتَ فأنت عين الظاهر ..

 هذا البيت الطريف العميق ينبهني الى اشكالية فهمي لفكرة الدكتور عدنان الظاهر عن الشعر .. فكتاباتكم عن المتنبي وشعراء الطبقة الاولى تستبطن دراية وعمقا وحبا للشعر العربي القديم .. لكنكم ومن جهة أخرى تناصرون ما سمي بقصيدة النثر .. بل انتم تفضلونها على قصائد العمود .. في قصائدكم النثرية ايضا اجد موسيقى الشعر القديم كامنة .. وقد نبهني صديقي الشاعر سامي العامري مرة الى بحور الشعر في قصيدة لكم كنت احسبها قصيدة نثر ..

 بالنسبة لي انا فهمتكم وفق منطوق بيت شعر المتنبي اعلاه. لكنني اطمح ان توضحوا للقراء الكرام حقيقة موقفكم من قصيدة النثر .. العربية الحديثة .. ومن قصائد العمود المعاصرة ..

ج10: د. عدنان الظاهر: نعم عزيزي الأستاذ سلام كاظم فَرَج. وقال المتنبي مخاطباً إبن العميد حين كان ضيفه في أرجّان من بلاد فارس:

نافستُ فيه صورةً في سترهِ

لو كنتها لَخفيتُ حتى يظهرا

في محاضرة لي في ستوكهولم إستشهدتُ بهذا البيت وبغيره لأبيّن للحضور أنَّ المتنبي هو واضع أسس الشعر السوريالي .. ألا ترى في البيت الذي فتحت به باب حوارك معي وفي هذا البيت .. ألا ترى الطبع السوريالي أو أولياته؟ الآن أتكلم بجد وقد شكوتك لجناب الأستاذ الغرباوي أنَّ أسئلتك من الوزن الثقيل وأنا عمّك عدنان من وزن خفيف الريشة فكيف نتكافأ في الميزان أو الكبّان؟ نعم عزيزي سلام أنا مع قصيدة النثر الجيد وليس كل نثر جيد كما تعلم. انا ببساطة مع سُنن التطور في الحياة في كافة مجالات ومناحي الحياة والشعر بعضها. قصيدة النثر هي آخر حلقة في مسلسل وعالم الشعر. بدأ المسلسل بقصيدة العمود العربي أو بشعر بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي وانتقل إلى قصيدة الشعر الحر لينتهي في أيامنا هذه إلى قصيدة النثر وأنا أسميها قصيدة الشعر السامي لماذا؟ لخلوها من قيود وكبول التفعيلات التي هي في أفضل أحوالها قوالب من الكونكريت المُسلّح تضرب رأس شاعرها وتقولب فكره وأحاسيسه وتصبها في قوالب أسموها تفعيلات .. لذا فالشاعر هنا إنْ هو إلاّ عبدٌ مأمور وتابع ليس أمامه إلاّ القليل من حرية التفكير والحركة والمناورة. الشعر ـ الحرية والحرية ـ الشعر ! فات الزمنُ شعر البحور وغرقت التفعيلات في خضمّ هذه البحور ثم إذا طافت طافت منتفخة ميّتة أو كالميتة ليس فيها إلاّ بقايا نَفَس واهن فتسعلُ إنْ أرادت التنفس .. مثل كبار السن في العراق واحدهم يكح ويض .. أكرر: ليس كل المنشور من هذا الضرب من الشعر جيداً أو ينتمي للشعر الجيد والمجوّدون فيه (إناثاً وذكوراً) هم ما زالوا قلّة تستطيع أنْ تعدّهم على رؤوس أصابعك وهي [عشرة شمع].

ثم .. ليس عندي شعر منثور يا سلام ! أنا أجهل هذا الفن ولا أستطيع ممارسته لأني متخلف عنه وإنه وُلِدَ لزمان غير زماني وأنا وُلِدتُ في زمن ليس زمنه. أنا أكتب شعر التفعيلة أي الشعر المموسق بإيقاع التفعيلة وهذا أمر لا تجده في قصائد شعر النثر أبداً. هذه نقطة ضدك يا سلام.

 

س11: سلام كاظم فرج: لكارل ماركس مقولة غريبة وجدتها ترتد لتشمل نظريته ومريديه ..

 يقول (ان وعي الماضي يثقل .. كالكابوس .. على الناس الاحياء .. ) .. هو يتحدث عن التراكم المعرفي لمجموعة املاءات تبنتها البشرية. ربما كانت مفيدة في حينها .. لكن تكلسها وجمودها حولها الى كابوس معيق لقفزة الى امام ..

 وانا أتأمل ما آلت اليه توجهات اليسار العالمي ومساراته في ايامنا هذه .. اجد ان مقولة ماركس قد سارت في اتجاهين متعاكسين ..

 فمن جهة. انحسر دور اليسار العالمي ليتحول الى مجموعة مطالبات متواضعة بحق الاجهاض.مثلا. والدفاع عن حقوق مجموعات مهمشة وبائسة .. وتقلص الاهتمام بريادة الطبقة العاملة

 وجبروت سطوتها على القرار وصناعة التاريخ .. الى دعوات لمزيد من الحرية على مستوى العلاقات الشخصية في الجنس والملابس والموقف من الحجاب وما شاكل.

 ومن جهة اخرى .. كثر ترداد مقولة ماركس نفسها بشأن ماركس. اي ان النظرية قد شاخت واصبحت معيقة للتطور النوعي

 اما بالنسبة لليسار العراقي فوضعه لايسر عدوا ولا صديقا

 فثمة اكثر من ثلاثة عشر فصيلا .. كل يدعي انه وريث فهد وسلام عادل. يتبارون في كيل الاتهام لبعضهم .. وهم في مجموعهم ومجموع قواعدهم .. لايتمكنون من حصد مقعدين او ثلاثة على الاكثر في البرلمان ..

 .. هذا الانحسار .. كيف يراه الاستاذ الدكتور الظاهر .. اسبابه. مبرراته .. ونتائجه .. وآفاقه .. ؟؟

ج11: د. عدنان الظاهر: أدخلتنا يا سلام في حيص بيص وطرحتَ أسئلة جادّة لا تكفي مقالة طويلة عريضة للإجابة عنها فرفقاً يا سلام بالقوارير (والقوريات .. قواري الشاي الثقيل الجيد التهدير أو التخدير). بدأت بالسؤال عن ماركس وما قال لتنتهي بالسؤال عن اليسار العراقي فكيف آتيك ومن أي باب أدخل بيتك؟

الذاكرة التأريخية وكل تأريخ البشر لا يمحوها الزمن بل يحفظها الزمن نفسه ويحفظها بحركته الأبدية. يتكلم ماركس عن الوعي السالف وأنا أفضّل الكلام عن الذاكرة .. ذاكرة الأفراد ثم الذاكرة الكلية. الآن .. الحياة أطوار تقدم وتقهقر .. نجاح وفشل .. صعود ونزول .. إنتصار وانكسار .. الآن كما أرى تمر البشرية بطور أو مرحلة إنتكاسة أو إرتداد لكنها مرحلة إستراحة لتستأنف طوراً جديداً ليس فيه إلا النصر. أتكلم عن اليسار العالمي واليسار العراقي معاً. أين الإمبراطوية اليونانية وأين إمبراطورية روما وأين الإمبراطورية العربية ـ الإسلامية؟ لمن الغَلَبة اليوم ولأية إمبراطوية؟ لإمبراطورية إسمها إسرائيكا أي إسرائيل زائداً أمريكا. ولكن لا دوام لشئ في الحياة ، ستنتكس وتتقهقر هذه الإمبراطوية الصاعدة اليوم وتخلي المكان لإمبراطوية أخرى جديدة أقوى وأفضل. ما سمات هذه الإمبراطورية الجديدة؟ لا أحد يعرفها على وجه الدقة. وعليه لا من مجال لليأس ولا من مجال للإستسلام لجبروت وعنجهية إمبراطوية اليوم الإسرائيكية. أهل الفلسفة قالوا قبلنا: ما ليس بجوهر يموت بنقيضه. الإمبراطوريات ليست جواهر ثابتة بل هي ظواهر عارضة أي زائلة ونقائضها كثيرة تزداد يوماً بعد يوم .. هذه هي سُنّة ومشيئة وقانون الحياة.

 

س12: سلام كاظم فرج: يقول غاندي:

(غالبا مايلح علي اصدقائي بالسؤال .. لماذا لا تلعب الشطرنج؟ الايعلمون بأني من المستحيل ان اقبل التضحية بجنودي لكي يحيا الملك؟؟)

 سؤالي .. للدكتور الظاهر .. كم ملك تحتاج البشرية لتتوجه وتنحر الجنود من اجله قبل ولوج مرحلة الانسان؟؟ وسؤال شخصي .. هل لعب الدكتور الظاهر الشطرنج .. وهل كان يغلب ام يغلب .. بفتح الياء ثم ضمها .. ؟؟؟

مع خالص محبتي ومودتي

 سلام كاظم فرج

ج12: د. عدنان الظاهر: هذا سؤال الإجابة عنه صعبة. لا أقرأ الغيب أو تخت الرمل وما وراء المرايا ولكن .. ألا ترى تداعي الأنطمة الملكية ولو ببطء وعلام يدلُّ ُ هذا التداعي؟ الأنطمة الملكية كباقي ظواهر الحياة لعبت أدوارها حتى أصبحت عبئاً ثقيلاً مقيتاً تنوء بها رقاب وظهور البشر. ستنهار هذه الأنظمة تباعاً بتطور قناعات مواطني هذه الأنظمة. في بريطانيا على سبيل المثال يستطيع مجلس النواب خلع الملكية لكنَّ الإنكليز لم يطوروا قناعاتهم بعدُ لخلع التاج البريطاني وسيأتي ذلك اليوم لا مَحالة. إذا غابت الرأسمالية أو إنكمشت ستسقط الملكيات. أو .. أبعد من ذلك: وجود الأنظمة الملكية مرهون ببقاء وبقوة الرأسمالية.

أما زلتَ تسألني هل ألعب الشطرنج وهل أغلب وأخسر؟ نعم ، لعبتُ الشطرنج ردحاً من الزمن وكنت أنتصر يوماً وأخسر في اليوم الآخر حتى مللتُ فزهدتُ. ما زلتُ ألعب الطاولي في بعض الأحيان وفي بيتي ثلاثة طاوليات فتعالَ نجرّب حظوظنا شرطَ أنْ يأتي معك أخونا موسى فَرَج متفرّجاً وحَكَماً.

 

س13: نيفين ضياء الدين، أديبة / مصر: د. عدنان الظاهر تحياتي وبعد نجد نشاطاً أدبياً نثرياً لإبنتك الواعدة قرطبة الظاهر هذا غير كتاباتها السياسية والفلسفية الطابع، لذلك أليس من الممكن أن نجد لأديبنا عملاً مُشتركاً أو حواراً سياسياً حول شؤون العراق الراهنة مع الأستاذة قرطبة؟

ج13: د. عدنان الظاهر: سلامٌ على السيدة نيفين ضياء الدين / مقترحكم جيد ووارد ولكن من الصعب أنَّ أجد وابنتي قرطبة موضوعاً واحداً يجمعنا حول العراق وما في العراق .. هي لها وجهات نظرها الخاصة كما أنَّ لي وجهات نظري الخاصة .. لها إلتزاماتها السياسية والمهنية ولها طقوسها واهتماماتها التي لا تتفق مع اهتماماتي والتزاماتي

هي إبنتي لا ريبَ لكنها قرطبة وأنا أبوها لكني عدنان الظاهر.

 

س14: نيفين ضياء الدين: هل من الممكن أن نجد للدكتور الظاهر نشاطاً فى الوقت الحالي يتعلق بإلقاء الشعر فى الندوات والأمسيات الشعرية؟ بمعنى هل يُحب الدكتور عدنان الرحيل بين البلدان المختلفة وذلك إلقاء قصائدة الشعرية فى الوقت الراهن أمام مُحبي الشعر من مُريدي الأمسيات الشعرية؟

ج14: د. عدنان الظاهر: مارست العديد من تلك الأنشطة وسافرت وقرأتُ وحاضرتُ حتى اكتفيتُ فتقوقعتُ واعتكفت ! ظروفي الراهنة لا تساعد ولا تُشجّع لذا وجدتُ القعودَ أسلم والتفرّغ للكتابة والشعر أجدى وأنفع والبركة فيكم بناتي وأولادي فلكل زمان ناسه وأهله وأمزجته.

 

س15: نيفين ضياء الدين: هل يميل الدكتور عدنان للأدب الألماني وخاصةً الشعر أم أن القصيدة العربية تبقى عِشق دكتور عدنان الوحيد؟

ج15: د. عدنان الظاهر: لا أرتاح إلاّ للشعر العربي بكافة أشكاله ومستوياته وخاصة للشعر الحر / شعر التفعيلة حيث أجدُ نفسي معه وفيه ربّاني فتربيتُ عليه أنشأني فنشأتُ وربما تقرأين أو قرأتِ بعض أشعاري المنشورة .. نعم ، قرأتِ وعلّقت على ما أعجبك من شعري مشكورةً. قرأتُ الشعر الروسي بلغته والشعر الإنكليزي بالإنكليزية وقرأت الشعر الألماني باللغة الألمانية لكني لم أجد نفسي وضالتي إلاّ في الشعر العربي ودواوينُ كبار شعرائه لا تفارقني.

 

س16: نيفين ضياء الدين: حول الرومانس والغزل فى أدب الدكتور عدنان نجد للمرأة ظهوراً ملحوظاً ولكن الرومانس دائماً حزين الطابع هل ذلك لأن الحب دائماً لا يستمر بين الرجل والمرأة حتى نهاية العُمر؟أم لأن الحب ينتهي بالفناء بين المُحبين وهذة طبيعة الحُب؟

ج16: د. عدنان الظاهر: لا أعرف ولا أمارس الغزل البذئ والعاري والمُسطّح لأني أراه إساءة لأجمل وأشرف وأروع مخلوق في هذا الكون: المرأة ! المرأة ليست للغزل المبتذل إنما خُلقت ليقدّسها الرجل والدةً وزوجاً وأباً وأختاً وصديقةً. وإذا أراد شكرها والتعبير عن حبه لها فليكن حَذِراً وأنْ يختار جيد الكلام الذي يناسب مقامها ومكانتها بين البشر. على الشعراء وغير الشعراء أنْ يتعلموا كيف يخاطبون المرأة وكيف يحبونها وكيف يتغزلون بها. بإختصار / إني مثلاً أظلُّ ألف وأدور لأقتنصَ اللفظة الراقية والجميلة التي أوجهها للمرأة أعبّرُ فيها عن حبي وإعجابي وسدادي لجميلها المتعدد الأشكال والمستويات وفي شعري المنشور تجدين مصداق قولي.

 تحياتي

  

س17: صائب خليل، كاتب ومحلل سياسي / هولندا: مرحبا دكتور عدنان، العالم الأديب والإنسان الكبير ذو الإبتسامة الصامدة ابداً والنكتة التي لا تعترف بضغط الظروف أو الآلام ..

أرجوك أن تحدثنا أكثر عن الإنسان الشاعر (والأديب عموما) وعلاقته بالإنسان العالم ، وعلاقتهما بالإنسان الإنسان كما نفهمه، بصدقه وشجاعته ونبله ..

 ج17: د. عدنان الظاهر: عرفنا منذ سنوات دراستنا المبكّرة في المدارس الإبتدائية أنَّ الشاعر فارسٌ وإنه لسان قومه وأنه الكريم لا يفارقه سيفه ورمحه وأنه خلاصة بيئته وما في عشيرته من نبل وشجاعة وكرم وحماية المستغيث .. أقول هذا الكلام وفي خاطري عنترة العبسي ثم جاء المتنبي صاحب " الخيلُ والليلُ والبيداء تعرفني // والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلم " .. وفي رأسي شعراء آخرون من غير العرب قاتلوا واستشهدوا دفاعاً عن مُثلٍ إعتنقوها وضحوا بأرواحهم من أجلها وهم كثرة كاثرة يحضرني منهم فيديريكو كارسيا لوركا .. نعم .. ضحوا وما طخوا ولا أناخوا رقابهم وظهورهم لحاكم مستبد طغى واستكبر وتجبّر فتشردوا في الدنيا وقاسوا ما قاسوا تعرفهم أنتَ كما أعرفهم فيهم ناظم حكمت التركي وفيهم عبد الوهاب البياتي العراقي بل وفيهم حتى اللورد الإنكليزي جورج كوردن بيْرنْ الذي ضاق ذرعاً بطبقته ومجتمعه فترك الجزيرة البريطانية وقاتل مع الثوار اليونانيين ضد الإستبداد العثماني ومات غريباً وحيداً في جزيرة كريت.

الإنسان يا عزيزي هو الإنسان سواءً أكان أديباً أو شاعراً أو صحافياً أو طالبَ علم أو محسوباً عليه بهذا الشكل أو ذاك .. إنسانية الإنسان لا تتجزأ ولا تقبل القسمة وإنها تُعربُ عن نفسها بوقارٍ وتواضع من غير ضجّة وقرقعة شعاره بيت المتنبي:

وطعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرِ

كطعمِ الموتِ في أمر عظيمِ

أفلمْ يتجرع سقراط كأس السم ثمناً لشجاعته ومواقفه وما اعتنق من فلسفة وآراء؟ وهل ننسى موقف غاليليو بشأن كروية الأرض وعلاقتها بالشمس؟

ولماذا صُلب الحلاج ثم قُتل ولُفَّ جسده في بارية من قصب أو بردي وأحرق وذريَّ رماده في نهر دجلة؟ أننسى محنة ومأساة الحسين وأهل بيته في كربلاء؟ وهل نسينا عالم الذرة الأمريكي الذي أحرقوه وزوجه بالكرسي الكهربائي؟ أننسى ما حلَّ ببعض علماء ومفكري العراق من قتل وسجن وتعذيب في سجون ومعتقلات البعث في إنقلاب شباط 1963 ثم في عام 1968 وما تلاهما من اعوام وقتول؟ أليست ذكرى ومحنة الدكتور عبد الجبار عبد الله ما زالتا حيتين في وجدان العراقيين الغيارى والمنصفين؟ الأمثلة كثيرة يا عزيزي وفي كل مكان وفي كل قطر من أقطار الدنيا.

 

س18: علي القاسمي: هنيئاً للمثقف الذي يستضيف العالم الشاعر الأديب الدكتور عدنان الظاهر. ويسرني ،أن أوجّه إليه السؤال التالي مع تمنياتي الطيبة له بموصول الإبداع والتألق::

هل هنالك علاقة بين الكيمياء والشعر؟

ج18: د. عدنان الظاهر: نعم .. أيها الصديق العزيز الكريم. هناك علاقة وثقى ما بين الإثنين. الكيميائي بشرٌ .. إنسان كباقي الناس وكذلك الشاعر سوى أنَّ الأول لا يغامر ولا يسلّم أموره للخيال المحض بل يقيد نفسه بالتجارب المختبرية وما تُسفر عنه هذه التجارب من معادلات وقيم جديدة تخضع للمصداقية وقياسات الصحّة والدقّة وهي عرضة للصواب كما عرضة للخطأ. الشاعر طليق يهيم ويحلّق مع المطلق يجرب الممكن كما يحاول المستحيل. أسوق هذا الكلام وأنا أعرف أنَّ هناك ما يُسمّى بكيمياء الحب ! الحب رومانس فما علاقته بأمر بعيد عن الرومانسية؟ التعبير تعبير مجازي .. الكيمياء تفاعلات بين عناصر ومركبات وخطوات يتم فيها تبادل ألكترونات وإعادة ترتيبها فيما بين العناصر أو المركبّات .. أما الحب فإنه كما تعلمون كذلك هو ظاهرة علاقات بين امرأة ورجل يشترك فيها كامل الجسدين وكامل الرأسين أي تتفاعل في الحب حجيرات المحبين جميعاً لذا فالحب أكثر تعقيداً من التفاعلات الكيميائية لكنها تبقى تفاعلات. الحب تفاعلات وانفعالات متبادلة وهنا تجد الشاعر والكيميائي معاً يقفان وقوف الند للند فلا فضلَ لأحدهما على الآخر. على أنْ: ليس كل كيميائي شاعراً أو يستطيع أنْ يكونَ شاعراً. وليس كل شاعر كيميائياً أو يستطيع أنْ يكون.

أسألك عزيزي أبا علياء: لماذا اخترتَ الكيمياء طالباً ثم أستاذاً في جامعة بغداد في روايتك [مرافئ الحب االسبعة] وأنت لا علاقة لك بالكيمياء لا من بعيد ولا من قريب .. وكنت آنئذٍ غارقاً في علاقة رومانسية مع زميلتك وداد؟ إذاً أنت السبّاق في جمعك الإثنين معاً: الرومانس والكيمياء !

 

يمكن توجيه الاسئلة عبر الاميل الاتي

 

[email protected]

 

 

 

للاطلاع

حوار مفتوح مع الأديب ا. د. عدنان الظاهر

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2264 السبت 03 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم