روافد أدبية

بَزْلميطا / سامي فرّاج

ويصر على عدم التراجع عن خطأ قام به، وفي حالة الأكراه والكسر يبقى مصراً على رأيه ومحتفظاً بموقفه، يتمرد على من حوله وينتهك حقوقهم، يحلم أنه وحش كبير يبتلع كل ما يحلو له،   يمارس الرفض والأحتجاج والممانعه وإبداء الرأي المخالف،   يعاند نفسه ليغيظ   أهله فيرفض اللعبه التي يريدها، و يمتنع عن الطعام وهو جائع، وعن الشرب وهو شديد العطش .

ولأن فمه وعينه أكثر يقظه من عقله إهتدى والده لطريقةِ إقناعٍ له للسيطرة على عناده الكثير المتقلب، فأخذ يسمي له الأشياء بغير أسمائها فيرضيه ذلك ويتنحى عن رفضه ويقبل الأمور .

البَزْلميطا أحد تلك الأسماء التي راقت له وارتضى بها، فيتناول اللعبة التي رماها ويحضنها عندما يصبح إسمها بَزْلميطا، ويلتهم بنهم قطعة اللحم عندما تسمى بَزْلميطا بعد أن كان يفتعل التقّرف والأمتعاض لكونها لحماً مشوياً .(في اللغة التركيه البزلما تعني الكعكه، وال: طا تعني داخل، فتكون البزلما طا داخل الكعكه، وبالمداوله اصبحت بزلميطا)

كبر، وكسب علماً وافراً ومنصباً رفيعاً وثراءاً عريضاً، وكبرت تلك المكابرة معه، فأصبح العناد عنده سلوكاً راسخاً، وسيطرت عليه الغريزة الشرهه ولم تعد تملأ عينه مياه البحار ولا تراب الأرض، وظل يسمي الأشياء بغير أسماءها الحقيقيه، فصار الحق عنده باطلاَ، والباطل حقاَ، وأكل المال الحرام   سعياَ، والكذب فيما يقول شطاره، وتزوير الحقائق إدارة   . وجُنّ بجنون التكبر والأنانيه فأحاط نفسه بهالة من الزهو والخيلاء، لا يسعده إلا الملق والزيف والثناء الكاذب، فيتعامى عن نقائصه وعيوبه ولا يهتم بتهذيب نفسه، ويدأب على تعكير العلاقات الإجتماعية،   وينتقص الآخرين في كل مناسبة، ويهلل فرحاً لآلام الغير ومصائبهم .

ولكنه وبلباقة المحترفين يخفي بواعث الحسد والعداء والمباهاة، بأفتعال بسمةٍ مصطنعةٍ تربط بين أُذُنيه، وبطبطبةٍ على الكتف   أو على ظاهر اليد، وينتقي عذب الكلام لخدمة أهدافه وتحقيق أطماعه الشخصيه، فهو لم يعمل أبدا من أجل رسالة سامية تخدم الغير..

و يبقى كلامه مثل عمله كالبزلميطا .... لسان بلا إحسان          

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2129 الاربعاء  23 / 05 / 2012) 

في نصوص اليوم