روافد أدبية

ضيوف يوم الثلاثاء / خليل ناصيف

فأثمل بمذاق التاريخ الممزوج بالجراح وحكايات الناس الذين رحلوا وتركوا لنا مفاتيح البيوت والقصص , وربما التقط حينها قصبة اصطاد بها حكاية من تيار الماء تحت الجسر ....

لكنني اكتفي بما رواه لي الجد قبل عشرين عاما تحت دالية العنب في رام الله عندما كنت طفلا يتذمر من كثرة الضيوف الذي كان تواجدهم في غرفة الجلوس يحرمني من مشاهدة مسلسلي الكرتوني المفضل ....آه يا جدي لم اكن بذكائك ولم امتلك جرأتك, ثم ان ضيوف أبي لم يكونوا بوقاحة ضيوف ابيك الذين لعبوا دور البطولة في حكاياتك الجميلة .

(1)

مدينة اللد عام 1940

 

كانت مدينة اللد في ذلك الوقت مشهورة بسوقها المعروف بسوق الثلاثاء وكان يأتيها التجار والمزارعين من القرى المجاورة ليتبادلوا السلع التجارية مع التجار القادمين من مدن الساحل وخاصة مدينة يافا , واحيانا كان يتأخر البعض منهم للمبيت في المدينة في فنادقها أو عند بعض العائلات الميسورة .

كان من بين زوار المدينة مجموعة من التجار من بعض القرى الواقعة شرقي اللد وكانوا معروفين بجشعهم وببخلهم الشديد وكان والد جدي يستضيفهم بشكل دائم وبما أن جدي كان اكبر اشقائه فقد كان يقع على عاتقه واجب خدمة الضيوف وأعداد أماكن نومهم وتقديم الشاي والقهوة وما شابه .

كان ذلك يحرمه من الذهاب الى السينما في مدينة يافا او قضاء وقت ممتع مع رفاقه بعد يوم عمل شاق وبالطبع لم يكن بامكانه التذمر من خدمة الضيوف مع انه لم يكن يرى فيهم سوى مجموعة من الاستغلاليين ليس أكثر.

                                                                                      

(2)

- قال الرجل العجوز لجدي تعليقا على شكواه من ضيوف والده الثقلاء :

" أحضر مجموعة من أكياس الخيش وضعها في الغرفة التي ينام فيها ضيوف والدك ,وأنا واثق بأنك لن ترى وجوههم بعد ذلك أبدا ".

-     لم يفهم جدي المغزى من ذلك الطلب الغريب ولكن لم يكن بامكانه سوى تنفيذ الامر بصمت ...!

عند المساء كان قد اشترى مجموعة من أكياس الخيش الرخيصة ووضعها في غرفة الضيوف , وفي صباح اليوم التالي كان الضيوف قد تبخروا فعلا !.........وكذلك أكياس الخيش .

-     ضحكت كثيرا وجدي يروي لي كيف أنهم لم يستطيعوا مقاومة اغراء سرقة الاكياس والرحيل قبل طلوع الشمس , وبالطبع لم يكن بامكانهم العودة الى المدينة بعد فعلتهم تلك !...

بعد سنوات قليلة جاء لصوص من نوع اخر وسرقوا البلاد بأكملها , سرقة من مستوى رفيع من النوع اللي بيبكي مش من النوع اللي بيضحك .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2150   الاربعاء  13/ 06 / 2012)

 

 

في نصوص اليوم