حوارات عامة

حوار مع الشاعر السويدي لاس سودربارغ

وذلك ما حدا به لتقديم دراسة حول "الأدب والفن السابع". فهو يدرك بأن الفن عامة يعنى بالصورة التي ترصد الحقيقة . هو مدير مجلة " زهرة النرد " بالسويد ومدير مهرجان الشعر ب"مالمو"، التقيته وكان لي معه هذا الحوار:

 

المعروف أنك شاعر صورة، شاعر ينأى عن الأوهام اعتمادا على العين التي ترى الحقيقة أو جزءا منها وتشكل الصور الشعرية في شكل فني ما، هل أنت ضد الوهم في الشعر؟

- في الحقيقة هناك أوهام ايديولوجية وأوهام دينية والشاعر يصارع هذه الأوهام، ففي حين أنه يبني عالما من الصور في لغة غامضة فهو يبني عالما مرئيا في منتهى الوضوح، وذلك ما جعلني أميل إلى " قصيد الصورة "، فالصورة انعكاس لما تراه العين بوضوح ولا يداخله الوهم، أميل إلى القصيد الذي يتفحص العالم ويشكله كحقيقة، لذلك تفطن النقاد إلى قصائدي كقصائد صورة . فالعين هي مرآة الصور الشعرية، هي مصدر الإلهام، هي التي توحي ببناء بانوراما من الأشكال . الشعر بالنسبة إلي بصري بالدرجة الأولى والصور الواقعية التي تتراءى لعيني الناظرة هي اللغة التي أراها شعريا وقد تتمخض عنها بعض الأفكار، وقد تشكل معنى لأحاسيس دفينة .

تلك هي رؤيتي الخاصة في النظر إلى الحياة والأشياء، الكتابة الشعرية انعكاس لبانوراما من الصور في أشكال هندسية واضحة وفي لغة شعرية غامضة .

 

هل من تعريف خاص للشعر؟ وهل الشاعر المتفحص لصور هذا العالم قادر على تغيير العالم أصلا؟

- دعيني أعرف الشعر بأنه الشيء الوحيد الغير تجاري، الشيء الوحيد الذي لا يخضع إلى الآلية الاقتصادية وإلى قيم السوق، لكن من الصعب بمكان أن ينقذ الشعراء هذا العالم . هم يشكلون حياة أرقى شعريا . الشعر هو لغة وصور، هو شكل فني فقد مرجعية الواقع .

 

لماذ اتجهت من كتابة الشعر إلى الترجمة وإلى النقد الشعري؟

- مرت كتاباتي بعدة مراحل، فقد كتبت الشعر في سن الشباب، وقتها اكتشفت في نفسي الكثير من الأشياء والمعاني، وكان الشعر يمنحني دهشة الحيرة والاكتشاف، كما وجدت في الشعر انفعالي الثوري الذي يريد أن يغير كل شيء، لكنني حاليا أعود إلى الشعر الغربي الكلاسيكي وإلى الشعراء القدامى لأفحص أشعارهم، وأشتىغل على تيمة الشعر كوجود في كل الأعمال الشعرية التي خصصتها بالدراسة .

 

هل لديك اطلاع على الشعر العربي؟ ألم يغرك بدراسته أيضا؟

- في العالم العربي هناك الكثير من الشعراء ولدي اطلاع على الشعر العربي الكلاسيكي، فهو تراث هام وضخم ومن العمق بمكان، كما أنني لم أدرس اللغة العربية وليس لدي علم بقواعدها وتراكيبها وأساليبها البلاغية والايقاع العروضي، ولكنني أدعو المختصين الذين درسوا اللغة العربية إلى أن يهتموا بدراسة الشعر العربي القديم إذ ينطوي على سحره الخاص وله نواميسه وقوانينه ومعاييره .

 

كنت من ضيوف مهرجان جرش للشعر والفنون في دورته الأخيرة، كيف وجدت أجواء الشعر العربي في المهرجان؟ 

- قبل ذهابي إلى جرش كان تركيزي منصبا  على مسرح جرش وهو معلم تاريخي وفني وثقافي عريق، من الصعب أن أعطي رأيي عن أجواء الشعر هناك، لكن من الأهمية بمكان كشاعر سويدي أن أزور بلادا عربية والتقي بشعراء عرب، وقد وجدت الشعر العربي الحديث يوظف التراث الكلاسيكي، وذلك يعود إلى الإرث الشعري العربي وأنساقه الفاعلة في بنية القصيدة الحديثة .

 

هل كانت المرة الأولى التي تلتقي فيها بشعراء عرب؟ وهل هي المرة الأولى التي زرت فيها بلدا عربيا؟

- زرت الجزائر منذ سنوات طويلة وقد كانت زيارتي من أجل حضور مؤتمر حول العمل من أجل تحقيق التضامن بين المثقفين والتقيت وقتها بأهم كتاب الجزائر والمغرب الذين يكتبون باللغة الفرنسية، أما حاليا ومن خلال حضوري مهرجانات ثقافية في ايطاليا واسبانيا وهولندا حيث يوجد هناك مهرجان كبير للشعراء كنت قد التقيت بالشاعر محمود درويش . ويبقى الشاعر الأكثر شهرة لدينا نحن الغرب أدونيس فهو شاعر كبير، وتنظيراته الفكرية مجدية، وكتاباته حول الشعر تلاقي صدى كبيرا لدينا نحن الغربيين، وخاصة اهتمامه بالشعر العربي قبل الإسلام (الشعر الجاهلي) .

 

حاورته : هيام الفرشيشي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1395 الخميس 06/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم