حوارات عامة

حوار مع عبد الله المتقي: كل الأجناس وطني

  مبدع مغربي متعدد الاهتمامات يكتب القصة القصيرة جدا والقصيرة والرواية والقصيدة الشعرية، حصل على جوائز ثمينة  من بينها جائزة أحمد بوزفور. له منشورات عديدة الكترونية وورقية، يتميز بالنشاط الكبير هاديء جمعوي معطاء يرى انه قادر على تغيير الواقع الثقافي الذي يميل إلى الركود فيقوم بتعرية الجوانب السلبية محللا إياها بدراية عميقة، قرأت له الكثير وأعجبت بكتاباته وكان لي هذا معه هذا الحوار

 

من هو عبدا لله المتقي؟

-سيف لا يستريح في غمده، أحيانا واضح كنقاء الثلج، وأحيانا أخرى يكون كما رداءة أحوال الطقس، يمشي في الأسواق، يأكل الخبز، ومصاب بحرقة الكتابة واقترافها .

 

أي الأجناس تجد أنها أقرب إليك؟

-كل الأجناس وطني، مرة أنصب خيمتي في القصيدة، ثانية في القصة القصيرة أو القصة القصيرة جدا، وثالثة في الرواية، لأن الكتابة كما مخاض الوليد، قد يولد في غرفة النوم، في مستشفى عمومي، في الحافلة، أو في مصحة .

 

بدأت شاعرا، ثم رحلت بعدها إلى القصة، ما أسباب هذا الرحيل؟ وهل تجدك في القصة أكثر قدرة على التعبير عن أفكارك ومشاعرك؟

- كل قلوب الأجناس بيتي، القصيدة زوجتي الأولى، القصة زوجتي الثانية، ويشاركاني معا نفس الشقة، وبينهما علاقة حميمية، قد أبيت في غرفة القصة لأيام،أو في بيت القصيدة لأسابيع، ولاشيء يتسكع في أرجاء الشقة سوى العلاقات الموغلة في المحبة والإنسانية بيننا.

 

للمتقي أسلوبه الخاص المميز، كيف توصلت إلى صنع بصمتك؟

- بصمتي صنعتها قراءاتي المتعددة، قناعتي بأن الكتابة عبادة وصلاة، وفي أحيان كثيرة، لا أكتب إلا بعد أن أستحم، وأرشني بالعطر، احتراما وتهيبا من الكتابة، وأحيانا أحسني وأنا أنزف وأنا أكتب ..

 

ما هو واقع الثقافة في العالم العربي؟

- الثقافة في أوطاننا العربية هي آخر ما يفكر فيه، وإن حصل وتم التفكير فيها، فهي للفرجة والتسلية، أو لحاجة في نفس يعقوب، أقول: للمدح والاحتفال حتى ينتفخ أولي الأمر كما الطاووس، والحاصل في الكلام، انظري كيف يموت المثقفون في عوالمنا العربية، وحتى لايسقط مني سهوا دفنهم في مقابر الشهداء لايكفي.

 

هل يعاني النقد العربي من أزمة / ما الأسباب برأيك؟ وهل ترى أن الناقد العربي أنصف عبدا لله المتقي؟

- النقد العربي والمغربي بخير، وصلتي بهما بألف خيركمان وكمان، وأنا لست من الذين يكتبون وبعدها يملؤون الدنيا صراخا لأن النقد لم يهتم بنصوصهم وبتجاربهم، معتقدين أن العويل والبكاء سيفتح شهية النقاد .

 

أجرت معك اكاديمة القصة القصيرة لقاء مفتوحا، ما الذي توصل إليه ذلك اللقاء؟ وما رأيك بأكاديمية القصة القصيرة جدا؟

- أولا، شكرا للمبدعة فاطمة الزهراء العلوي منسقة قسم الأخبار واللقاءات بالأكاديمية التي نظمت هذا اللقاء والكثير من اللقاءات مع الكثير من الملسوعين بالقصيصة، وهاته اللقاءت لن تكون سوى أنسنة للعلاقات أولا، وثانيا الاقتراب من التجارب القصصية التي من شأنها تلقيح بعضنا البعض، ومن ثمة خدمة القصة القصيرة جدا واستقواءها .

أما أكاديمية القصة القصيرة جدا فهي مكسب لهذا للومضة القصصية، ولا يسعني سوى أن أشد على أيادي الاركسترا المشرفة على هذا الانجاز الرقمي، وبشدة على اليد اليمنى واليسرى للقائد عبد الرشيد حاجب

 

ما أسباب معاناة المبدع العربي برأيك؟ وكيف يمكن ان نساهم في تخفيف بعض الألم؟

- المبدع العربي يعاني من تهميشه في اتخاذ القرارات التي تعني الشأن الثقافي، من الناشر، من الموزع، من المنع، وأحيانا من الجوع.

 

ما هي عوامل جهل المثقف الغربي بالإبداع العربي، وكيف يمكن المساهمة في ايصال إبداعنا إلى الغرب؟

- غياب مؤسسات مسؤولة للترجمة، على مقاس دار الحكمة أيام زمان، وحتى يتداول الإبداع العربي في المغرب، المطلوب تخصيص ميزانيات لترجمة المتون الإبداعية، وتخصيص جوائز للتحفيز، ولم لا تخصيص قنوات فضائية للتعريف بإبداعنا ومبدعينا

 

لم ارتبط اسمك بالقصة القصيرة جدا؟ وهل تجد القارئ العربي يفضلها على بقية الأجناس الأدبية؟

- ارتبط اسمي بالقصة القصيرة جدا، لأني أحبها كما تحبني، وتحبني كما أحبها، ويبدو أن قراءها وعشاقها يتزايدون يوميا، لالشيء سوى أنهم تعبوا من الكتابات الثقيلة عفوا من الكوليسترول السردي، القارئ أصبح يرغب في قصة تجوع اللفظ، وتشبع المعنى تساوقا مع الزمن المكوكي، والدليل هذه الإصدارات، وتلك اللقاءات، وهاته الجوائز، والكتب والرسائل الجامعية، وسلاما وليشربوا البحر.

 

أنت من مؤسسي الملتقى العربي للقصة القصيرة جدا بالفقيه بن صالح، ما الذي تحقق؟ هل كان بمستوى الطموح؟ وما هي العثرات؟

- الملتقى كان في البداية حلما التف حوله مجموعة من الغيورين على الإبداع والشأن الثقافي، ثم ريثما تحول إلى عرس ثقافي حول هذه المدينة السفلى من مدينة مدمنة على الهجرة السرية وقوارب الموت، إلى كعبة للقصة القصيرة جدا .

حققنا ما استطعنا إليه سبيلا في النسخة الأولى، ولدينا طموح وتفاؤل أكبر ليكون الملتقى في نسخته الثانية في كامل زينته، وبخصوص العثرات يمكن استحضار الدعم المالي، وقلة الموارد البشرية .

 

ما أحب أعمالك إليك، ولماذا؟

- كل أعمالي القصصية والشعرية وحتى روايتي " جنة وآدم " القيد الطبع، لها نفس الفسحة في القلب، هي بمثابة فلذات أكبادي، هي حبر دمي، كرياتي البيضاء والحمراء .

 

هل للمتقي طقوس معينة في الكتابة، أم أنه يهرع ملبيا حين فتنتها؟

- ليست لي طقوس كما السحرة والعرافين: بخور، قرابين، كلام مسجوع ... أنا حين أشعر برغبة في الكتابة، أطلب اللجوء لقلم وورقة،أو للفأرة الالكترونية،، افرغ ما أشاء من وجعي أو فرحي، وبعدها أبعث به لصحيفة، مجلة، موقع رقمي، ليشاركني القارئ هذه المتعة، هذا الوخز.

 

أنت ناشط في عديد من الجمعيات الثقافية، ما دور العمل الجمعوي في رفد عملية الإبداع؟

- كانت الجمعيات و لازالت الرئة التي يتنفس بها الإبداع ويتداول، بل هي مدرسة للتربية الجمالية والتشاركية، والأكثر منه، أن العمل الجمعوي استطاع انجاز مشاريع لم تستطع حتى وزارات الثقافة إنجازها، يحدث هذا بالرغم من ضآلة الإمكانات، وجمالية بنيات الاستقبال.

 

أين وصل مشروعك الورقي " دبابيس قصصية "؟

- دبابيس كما تعلمين يا صبيحة، هي مجلة متخصصة في القصة القصيرة جدا، وهدفها هو المساهمة في تداول الومضة القصصية ونقدها، العدد جاهز، فقط ننتظر تسريح ملف الترخيص الذي مازال قابعا لدى وكيل الملك، من شهر يونيو، ولاشيء غير التسويف، وبالمناسبة، أخاف أن يتم استدعائي يوما لإخباري بأن الملف قد تعفن.

 

 بدأت شاعرا ثم قاصا، ما أسباب هذا الرحيل؟ وهل تجد أن القصة أكثر قدرة على التعبير عما يريد الكاتب من أفكار ومشاعر؟

- مازلت متورطا في محبة سيد الكلام، بالرغم من رحيلي لدولة القصة، وكلاهما سواسية كأسنان المشط في القدرة على تحمل مشاعري، أفكاري، جنوني وشغبي، وكلاهما يفتح لي نوافذه كي أطل على الأمل،وأتفاءل بالحياة

 

هل تؤمن بوجود فروق بين ما يكتبه الرجال وما تكتبه النساء؟ ولماذا؟

- الكتابة واحدة، الألم و الوجع واحد، كما حلمنا بالزمن الجميل واحد، من هنا لا فروق بين كتابة الرجل والمرأة، وبالمناسبة، لا فروق فيما هو بهي، هناك فروق في التعاملات البشعة والموغلة في القبح والألم ليس إلا.

 

كيف تنظر إلى الالتزام بالأدب والفن؟

- الالتزام يعني لدي أن تكون الكتابة شهادة، واستشهاد من أجل الغد الجميل إن تطلب الأمر ذلك، بعيدا عن الكتابة المتملقة والخائنة والمتعددة الأوجه

 

أنت كاتب تجمع بين النت والورق أيهما الأقرب إليك، وهل استطاع النت أن يقدم أدبا مميزا؟

- أنا كائن ورقي وإلكتروني في نفس الآن، ورقي لأن هناك شريحة من القراء مازالت متشبثة بالورق، ولا تملك إمكانية الحصول على جهاز ثابت أو محمول، والكتروني لأن هناك كائنات رقمية تتعامل بعشق مع الأدب الرقمي، وبالمناسبة، هناك أدب مميز وكتابة رديئة في النت كما في والورق، ولا يخصنا سوى توفير الإمكانات للنقاد والنقاد التفاعليين للتصدي للرداءة هنا وهناك.

 

تدير مجلة فوانيس قصصية والمبدع فؤاد زويريق بمهارة، بالمناسبة، هل استطعتما الوصول إلى مستوى الطموح؟

- شكرا لشهادتك صبيحة بخصوص مهارة الفوانيس القصصية وأنت من أصدقائها، لم نصل بعد إلى ما ينبغي أن يكون، يوميا نحلم ونطمح، ونتهاتف ونتواصل الكترونيا من أجل القصة وتداولها، وسنظل نحلم ونطمح إلى أن ينام القمر، ومزيدا من القصة.

 

ما رأيك بواقع المرأة العربية وكيف يمكن أن نخرجها من حالة الركود التي تعاني منها بعض المجتمعات؟

- واقع المرأة العربية متفاوت، أقول: واقع تختلف درجة أبوته وذكوريته واضطهاده من بلد إلى آخر،ولإخراجها من هذا الوضع الراكد لابد من من مجتمع إنساني يقوم على العدل والحرية والصدق والإبداع

 

ماذا تفعل حين تشعر بالأمور التالية:

• الغضب: أتحول إلى لبؤة، ولا يتحملني أحد

• الإحباط: أدخل قوقعتي كما الحلزون، وأتأمل العالم ببلاهة

• الحب: أراني نورسا يرفرف بجناحيه فوق الموج

• النجاح: أشارك حواسي عرسها

• الفرح: أرقص بمجموعي كما درويش تركي

 

ما السؤال الذي كنت تتوقع أن اطرحه عليك ولم افعل؟

بل هي أسئلة، من قبيل:

- كيف تتصور موتك؟

 

- هل الحياة جديرة بأن تعاش؟ وهل أنت جدير بهذه الحياة؟

- بماذا تتهم نفسك كقاص؟

- هل تكتب أم تنكتب؟

- ما الذي تقوله لآلهة الكتابة نسابا لو التقيت بها على الرصيف صدفة؟

- هل أنت بخير سياسيا، إبداعيا، واجتصاديا؟

 

صبيحة شبر

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1553 الجمعة 22/10/2010)

 

في المثقف اليوم