حوارات عامة

ميمون حــرش يحاور: عرين الشاعــر المغربي بوجمعة الكريك

maymon harashبوجمعة الكريك شاعر مغربي أثير، أبان عن قدر كبير من الوهج في الساحة الأدبية، واستطاع أنْ يلفت الأنظار إليه، لاسمه سمعة، ولشعره حظوة، ولمقهاه الأدبية شهرة، وفضلا عن شعره الجميل راكم تجربة كبيرة في إدارة مقهى أدبي بتارجيست، ويعود له الفضل، صحبة الأوفياء من جنود الخفاء، في انتشال هذه المدينة المنسية من براثن اللامبالاة حتى أصبحت منتجعاً لحملة الأقلام داخل المغرب وخارجه، وجوهرة لتكريس الثقافة، ونصرة المبدعين والمبدعات، وبسببها قلتُ عنه في لقاء أدبي باذخ بالناظور بأنه أشهر من كوكاكولا، وإنه لكذلك..

 أصدر الكريك:

- "قراءات في ملامح وجه شاحب"، ديوان شعري، دار الوطن- 2014

- "سماء تظلنا " عن منشورات المقهى الأدبي لاميرابيل.

- " Plume ,Paix,Librté "إصدار دولي جماعي إلى جانب ممثلي عشرين دولة فرانكفونية.

وله قيد الطبع:

- " Jérada, Le phénix qui renait de ses cendres "/الفينيق الذي ينبعث من رماده"- رواية بالفرنسية.

- La complainte des muses- ديوان شعري بالفرنسية..

- "ترانيم "، ديوان شعر ..

- ترجمة "رواية غادة العامرية" لمولاي الحسن بن سيدي علي إلى اللغة الفرنسية.

إنه الشاعر المحبوب بوجمعة الكريك..

مرحباً بضيفنا الكبير، وبشاعرنا الأثير سي بوجمعة في " العرين"..

س - لك أن تقدم نفسك للقراء بما تحب؟

ج- بوجمعة الكريك من مواليد مدينة جرادة العمالية بتاريخ 19 غشت 1966 عشقت مدينتي حتى الوله فكتبت عنها شعراً ونثراً وأذكرها بكل اعتزاز كلما سنحت الفرصة. أنا عاشق للتصوير الفوتوغرافي والعمل الجمعوي.

 

س- دعني أقف معك عند ديوانك الجميل " قراءات في ملامح وجه شاحب"..

يقر الدكتور محمد أزلماط في تقديمه للديوان بأنك صنعتَ لنفسك بديلاً ثالثاً في الإبداع الشعري ..ما ذا يعني ذلك، وما هي تجليات هذا البديل؟

ج- بصراحة حين كتبت ونشرت ديواني الأول " قراءات في ملامح وجه شاحب" لم يكن يخطر ببالي بأنني سأرسم خطا أو بديلا ثالثا في الإبداع الشعري المعاصر، كان هوسي أن أكتب بصدق وبشدة عن المعاناة الموسومة بالشحوب فتفاعلت بألم وبحسرة مع كل معاناة رسمتها في قصائدي من دون البحث عن الإثارة وحينما اقترح علي الدكتور محمد أزلماط وضع تقديم للديوان تراءى له بأنني صنعت لنفسي بديلا ثالثا في الإبداع الشعري المعاصر قد يكون قد أصاب، ويفترض أيضا أنه قد أخطأ الحكم فعلى العموم يبقى باب النقد مفتوح والتصنيف لا يفسد للود قضية.

 

س- يهيمن على الديوان الشكلُ التناظري، والشكل السردي للحفاظ على الانسجام والوحدة..أوليست بعض نصوص " الوجه الشاحب" فيها خرق لهذا الانسجام؟

ج- من المؤكد أن الشكل التناظري يطغى على الديوان وكذا الشكل السردي لكن المتون الأولى من الديوان وأخص بالذكر الوجوه الشاحبة الثلاث بها خرق لهذا التناغم والخروج عن القاعدة يعدو إلى كون المواضيع الثلاث المثارة استدعت عدم الاعتماد على التناظرية في محاولة لإبعاد المتلقي ما أمكن عن شكل القصيدة وجذبه عنوة نحو المضمون وبهذا تصل الرسائل المشفرة التي تحتويها المتون الثلاث.

 

س- تنحاز في شعرك لقضية الإنسان الوجودية في حيرته ومتاهته، وتعبر في بعض قصائدك عن القلق النفسي، والمرض الداخلي، هلا مثلتَ لنا ببعض شعرك مما يؤكد هذا الطرح؟

ج- الشعْرُ شعور بالوجود وتفاعل الشاعر مع هذا الوجود وأنا لم أخرج عن هذا التعريف فعبرت في قصائدي عن همومي الذاتية، عن قضايا الإنسان الوجودية وعن مؤثرات شتى يرتبط بها الشاعر قسرا أو عن طواعية . أذكر مثلا قولي في قصيدة "خلوة" ص: 103

شعري يجلدني كل مساء،

أبياته سياط تقطب جلدي.

آه من عشق يتسلق شراييني

ليتربع على عرش فؤادي

.

.

.

أنت قِبْلتي ومحجي،

أنت الأرض الموعودة

بين شريان وشريان.

و في موضع آخر كتبت:

 

ويحك يا بحر

أتهجرني اليوم؟

أراك ساكن الأحضان

.

.

.

كأن لم أكن يوما

صديقا.

(جحود بحر، ص: 48)

و أخيرا قصيدة "جِنِيُّ الفؤاد" ص:107

بَلْهَاءُ

تِلْكَ الاِبْتِسَامَاتُ

الْمُعَلَقَةُ

عَلَىوُجُوهِكُمْ

تَحِيكُونَ مَالَذَّ

مِن ْقِصَصِ

التَجَاعِيدِ.

ثَمِلْتُ مِنَ نَظَرَاتِ

مَنْ كَانَ

حِينَ كَان َمَخْمُوراَ

والكأس إلى الأعلى

هَاوِيَة

تَتَنَاثَرُاشْمِئْزَازاً

فِي رَاحَةِ يَدٍ الْخَمَّارِ.

إِنَهَا رِسَالَتِي الأَخِيرَة

جِدوا لِي كَاهِنَاً يَصْرَعُ

جِنِيَّ الْفُؤَادِ

لَعَلِّيَ أَفْقَهُ تَرَاتِيلَ

الأَجْسَادِ.

الْمُقَلُ تَنْسَلُّ حَوْلَ

الْعُقَدِ

فَيَقُولُ اللِّسَانِ

وَيَتَقَوَّلُ

فَيُصِيبُ بِسُمِّ اللُّعَابِ

الْحَاضِر َوَمَنْ غَابْ

 

بَلْهَاْءُ تِلْك َالْعُيُونُ

تُغَازِلُ جَهْراً

الْمُدَّثَرَاتِ مِنَ النِسَاءِ

تُلاَمِسُ، فَرَضاً،

تَفَاصِيلَ الأَجْسَامِ.

 

س- الديوان أيضاً غارق في التأمل، تأمل الذات، وعاكس لتوتر الإنسان في الأزمنة الثلاثة (الماضي والحاضر والمستقبل).. من أين تأتي بهده القدرة العجيبة على استنطاق ذات الإنسان المتورمة؟

ج- بالفعل هذه الملاحظة في محلها الديوان غارق في التأمل، تأمل الذات وتوتر الإنسان في الأزمنة الثلاث ولا عجب في ذلك لأن الشاعر كما يشاع ابن بيئته وأنا كما أسلفت ابن بيئة علمتني استنطاق الأشياء التي تدور في فلكي وأكثر هذه الأشياء الإنسان بطباعه، ردود فعله وأحلامه.

أتأمل الوجوه، أسائل نفسي ومن حولي عن ما مدى جدوى التلفظ بكلمة "الحب"

و قد جردناها من بعدها الإنساني الذي جمعنا منذ الأزل وبعد أن أضحت النرجسية تنخر الذات الإنسانية.

هي كل تلك الأسئلة الوجودية التي تؤرقني وتمنحني القدرة على استنطاق الواقع ومن خلاله الذات الإنسانية على حد قولكم.

 

س: لهذين الشاعرين:

 Alphonse de Lamartine، وCharles Baudelaire:

تأثير ما على بعض شعرك، الأول رومانسي، والثاني سريالي ..هل تسعى إلى التنويع في موضوعات شعرك من خلال المزج بين المدرستين؟

ج- التنويع والتنوع الشعري مطلوب بل مرغوب فيه لعدة اعتبارات:

- لتجنب السقوط في النمطية وإشعار المتلقي بأنه يقرأ نفس الشيء.

- كل المواضيع لا تعالج بنفس الطريقة، المقاربات متعددة لكن يجب تفادي الوقوع في التصنع.

- التأثير معطى لا يمكن إغفاله لكن اللمسة الفنية الشخصية التي تصنع، كما قلنا سابقا الخط الإبداعي للشاعر، هي التي تميز الشعراء فيما بينهم. قد أكتب كما بودليير أو لامارتيين لكنني لست كأي واحد منهما. أنا بوجمعة الكريك وأكتب بطريقتي التي يمتزج فيها الواقعي بالرومنسي والسريالي وهكذا أكون "أنا".

س- " مدينتي..هويتي" قصيدة أخاذة، جميلة، ولافتة، بل وأعتبرها أيقونةَ الديوان، تصورُ فيها حزن نساء جرادة، ، ومآسيَ عمال " الرومبلي"/الجبل الأسود حيث أصيب الكثيرون منهم بأمراض مزمنة، بسبب سنوات العمل التي قضوها تحت الأرض بحثاً عن الفحم.. تقول في القصيدة:

     "نساء مدينتي لا يتكحلن،

     سواد العين خلق معهن،

وحين يبكين فراق حبيب تتدلى السيول السوداء

فتنحت الأخاديد العميقة

في الوجوه البريئة."

- حدثنا عن جبل "الرومبلي" في جرادة، وعن المآسي التي يسببها للأهالي هناك.

- تحدثتَ عن هذا الجبل بحرقة شديدة، ولولاها لما استمتعنا بهذه التحفة عن الرومبلي.. هل الألم، كما الحاجة، مؤشر على الابتكار؟

ج- الرومبلي بمدينة جرادة كأبي الهول بمصر يقبع هناك يتربع على عرش المدينة بسواده وحمولته المأساوية التي تؤرخ لمدينة جرادة، لصمود رجال أشداء سقوا جوف الأرض بعرقهم ودمهم ليزهر اقتصاد البلاد.

الرومبلي هو تراكم بلايين الأمتار المكعبة من الأتربة المستخرجة من باطن الأرض. الرومبلي جبل شامخ شموخ الرجال الذين كانوا وراء وجوده، الرومبلي أب اليتامى وزوج الأرامل... الرومبلي "أنا" وهو أيضا محمد العرجوني، السهلي أعويشي، عبد القادر بنهار، الزرزاي وآخرون.

الرومبلي عنوان المعاناة يذكرني بأبي رحمه الله وكيف كان يذبل أمام أعيننا وصدره المتهرئ المنخور بالسيليكوز يعزف سمفونية الموت البطيء، يذكرني بالأنابيب البلاستيكية التي كانت تربطه بمضخة الأوكسجين الباهظة الثمن التي كنا نستعيرها لساعات قبل أن تذهب إلى منزل آخر يوجد به رقم آخر يحتضر. فبالله عليك كيف لا تكون المعاناة في مثل هذه التجليات أماً للابتكار؟

 

س- " الحرف الجريح" قصيدة استرعت انتباهي في الديوان، كتبتَ بين قوسين للتوضيح ربما "قصيدة لن أتم كتابتها شفقة بها "..

- طيب، لماذا شفقة بها؟ألــم يكن من الأجدر إتمامها إجلالاً لها بدل هذه الشفقة..

- إكرام الميت دفنه، والحرف عكسه تماماً، لا بد من إحيائه وليس العمل على قهره وإقباره عبر البتر.. كيف ترد؟

ج- أوافقك الرأي، سيدي ميمون، إكرام الميت دفنه وإجلال القصيدة في إتمامها لكن قصيدة "الحرف الجريح" خرقت العادة ! هي قصيدة أعتز بها شديد الاعتزاز وهذا ما أرغمني على نشرها ولو أنها لم ولن تكتمل أبدا. هي بإيجاز جوهر تجربة إنسانية فاشلة تعود إلى عدد من السنين خلت كنت حينها قد قررت الانعزال والانفراد بنفسي فهممت بنظم القصيدة فإذا بشلال من الدمع الحارق ينهمر على الورقة فتوقفت وبقيت القصيدة على حالها.

 

س- عنوان الديوان فضلا عن أنه طويل، كلمة " قراءات " التي تتصدره تُحيل على عمل نقدي وليس ديوانَ شعر..هل أنا مصيب في هذا الرأي؟

ج- هو فعلا كذلك فلو فرضاً حذفنا كلمة "شعر" التي تصنف العمل من على الغلاف لتبادر للذهن بأنه عمل نقدي أو دراسة أدبية وقد تعمدت هذا لإيهام القارئ وليس لخداعه لأن عملي هذا، كما جاء في سؤال سابق، مسائلة للذات الإنسانية واستنطاق للواقع المعيش وأظن هذا كاف لإثارة البعد النقدي للديوان. لنأخذ على سبيل المثال الوجوه الثلاثة في أول الديوان، هي قصائد أثارت مواضيع شائكة وطابوهات مسكوت عنها أسالت مؤخرا الكثير من الحبر: الفقر، استغلال الفتيات القاصرات في الدعارة، الإدمان على المخدرات الصلبة ...إلخ

قصيدة "زووم على القذارة" أليست نقداً لواقع أغلب الحواضر المغربية والعربية. أظن أخي ميمون بأن هذه الأمثلة كافية وكفيلة لتبرر اختياري لهذا العنوان.

 

س- قصائد جميلة جداً مبثوثة في الديوان، ولكنك آثرتَ أن " تكرم" قصيدة " قلبي باحة استراحة" وجعلتها تتصدر الواجهة الخلفية للديوان..هل هذا التتويج من القوة بحيث يبرر هذا الاختيار؟

ج- في الحقيقة، حين تكون بصدد إعداد الإصدار لنشره تتردد كثيراً ومطولا عند اختيار ملامح الكتاب من لون وخط وصورة وغيرها وعندما وصلت إلى مرحلة تأثيث الغلاف الأخير للديوان بحثت عن القصيدة المناسبة لكن اختلطت علي الأمور وكنت يومها قد كتبت هذه القصيدة "قلبي باحة استراحة" طربت لها ولبعدها الإنساني الجميل فانتخبتها على رأس القصائد، بالرغم من أن الديوان لا يتضمنها، لتتربع على عرش الغلاف الخلفي للديوان.

 

س- نصوصك الشعرية اعتمدت فيها على أسطر حرصتَ أن تكون لغتها ماتعة، ومخملية.. لكن ماذا عن الموسيقى الشعرية، ما نصيب الوزن في أشعارك؟

ج- أذكر في هذا الصدد ما قاله الأستاذ الناقد عبد السلام الجوهري في إحدى القراءات للديوان عن الموسيقي الداخلية أو الشعرية: "الْإيقَاعُ فِي الشِّعْرٍ إِيقَاعُ الذَّاتِ الشَّاعِرَة، بِهِ تُنْشِئُ عالَمَها الشِّعْرِيّ، وَهُوَ مَفْتُوحٌ عَلى كُلِّ الْعَوَالِمِ، وتَعْتَمِدُ الذَّاتُ الشَّاعِرَةُ فِي ذَلِكَ إِيقَاعاً دَاخِلِيّاً بَعْدَمَا تَمَّ الابْتِعَادُ عَنِ الْإيقَاعِ الْخَارِجِي مَعَ مَوْجَةِ الْحَدَاثَةِ الشِّعْرِيَّةِ. ومِن ْأ َهَمِّ خَصَائِصِ الْإيقَاعِ الدَّاخِلِيّ الَّتِي تُمَيِّزُ الخِطَابَ الشِّعْرِيَّ وَتُخْرِجُهُ مِنْ دَائِرَةِ الْقَوْلِ الْعَادِيّ، التكرار بِمَا هُوَ تَرَدُّدٌ مُنْتَظِمٌ وغَيرُ مُنْتَظِمٍ لِوَحَداتٍ صَوْتِيَّةٍ كَالأصْواتِ والألفَاظِ والتَّراكِيبِ والوَزْنِ والقَافِية...وهِيَ مُوَزَّعَةٌ عَلى فَضَاءِ النَّصّ وَفَضَاءِ اللُّعْبَةِ الإيقَاعِيَّة."

بوجمعة الكريك متغير الهوى، لا يحب القيود ويأبى الأسر وإن كان في الكتابة الشعرية لهذا فلن يجدني المتلقي منضبطا للقوافي والأوزان وسيلاحظ حتما أنه يطرب لموسيقي داخلية تجذبه يخلقها التكرار والجناس الصوتي وغيرهما من الأدوات التي اعتمدتها في إيقاع القصيدة.

 

س- ما نصيبك من الجوائز الأدبية؟وما رأيك في كثير من الأدباء الرافضين تسلم مثل هذه الجوائز؟

ج- أنا لا زلت في أول الطريق والبداية ولله الحمد مشجعة. أخذ الديوان حظه في الإعلام السمعي البصري سواء بإذاعة الحسيمة الجهوية، كاب راديو أو على القناة التلفزية الثانية، وأيضا أخذ نصيبا ولو قليل في الإعلام المكتوب (أقصد الجرائد الورقية) وكان آخر ما نشر عنه هو قراءة في الديوان للمبدعة الشابة الأخت زلفى أشهبون بجريدة بيان اليوم.

أما بالنسبة للجوائز فأنا لا أطمح لها وإن كنت أريدها كالجميع طبعا ولم يسبق لي أن قدمت للتباري على جائزة معينة، يكفيني الآن التكريمات التي حظي بها عملي بسيدي قاسم، الناظور، وجدة وتارجيست أما الجائزة الكبرى بالنسبة لي هي حب الناس لعملي وتفاعلهم الإيجابي معه.

 

س- كيف حال النقد معك؟ هل أنت مرتاح من جهة النقاد؟ وهل نالت أعمالك نصيباً من اهتمامهم؟

ج- لحد إجراء هذا الحديث الشيق معك أخي ميمون حرش "الهدهد" كان ديواني "قراءات في ملامح وجه شاحب" محط العشرات من القراءات قام بها أساتذة أجلاء من مثل الدكتور أزلماط محمد، عبد السلام الجوهري، زلفى أشهبون، الدكتور السهلي اعويشي ...

لكن المقاربات النقدية للديوان فلا زالت جد محتشمة.

 

س- أنتقل بك إلى الحديث عن عملك الرائع في العمل الثقافي والجمعوي ..

يشار إليك بالبنان، ويعرفك القاصي والداني، وسيرتك تحضر بألق، في الملتقيات، كلما كثر الحديث عن العمل الجمعوي..

ماهي الوصفة السحرية لنجاحك في إدارتك للمقهى الأدبي بتارحسيت، وفي العمل الجمعوي عموماً..؟

ج- لا أخفيك سرا بأن نجاح المقهى الأدبي تارجيست والإشعاع الذي حققه ليس بالأمر الخارق للعادة بل هو نابع من التصميم على النجاح والتنظيم المحكم لكل المحطات التي مر بها وأهم سبب هو انني تعلمت من التجارب السابقة لبعض المقاهي الأدبية أو الثقافية فوقفت عند نقط قوتها وتجنبت هفواتها وطورت آليات الاشتغال فكان النجاح حليفنا.

التشاركية واستبعاد كل سبل الإقصاء في إدارة جمعية المقهى الأدبي تارجيست منحها مصداقية محليا، إقليميا، وطنيا ودوليا.

 

س- ضيوف كثيرون شرفوا "تارجسيت" نزولا عند دعوة المقهى الأدبي، وسجلوا اسمهم وحضورهم..حدثني عن أطرف زيارة، ومن هو الضيف الاستثنائي وما المثير في كل هذا..؟

ج- ضيوف كثر حلوا على المقهى الأدبي تارجيست أشاعوا في فضاءها الصغير نور وفتنة الإبداع فأنشدوا وأنصتوا لأصوات جميلة كانت دفينة العزلة وعدم الاهتمام. كل واحد ممن زارونا تركوا بصمة في رواد المقهى واعذرني سيدي ميمون يصعب علي تفضيل هذا عن ذاك لكن يبقى أن البعد الإنساني حاضر بقوة ننسج العلاقات، نتعلم من بعضنا البعض نرشد أقلاما شابة لتجد الطريق الصواب وهذا هو الفضل العظيم.

وأما الضيف الاستثنائي فكان هو الدكتور عبد الواحد الفقيهي الذي استضفناه في لقاء تفاعلي دام أكثر من أربع ساعات ونصف حول الذكاءات المتعددة ودون أن يبرح أحد مكانه. كان بالفعل نشاطا متميزا.

 

س- يُعاب عليكم، في المقهى الأدبي، أنكم تجاملون كثيراً حين تستضيفون أسماء "صغيرة" غير محسوبة على أهل الأدب رغم أنها أصدرت كتباً..كيف ترد؟

ج- والله يا أخي قد يعاب علينا هذا لكنني أعيد السؤال بصيغتي: ما العيب أو الخطأ في أن تجامل اسما جديدا فتيا يشق طريقه في مجال الإبداع الأدبي أو الفني؟ ومن يكون "أهل الأدب"؟ أليس جدير بنا كحملة مشعل الثقافة أن نشجع الأقلام الفتية؟ كيف لنا أن نمارس الإقصاء على تلك الأقلام؟

المقاهي الأدبية لا تملك حق الوصاية على المبدعين كبارا كانوا أو صغارا وهي لا تصدر الأحكام على الأعمال الإبداعية فلندع لكل ذي أمر أمره وهناك من ذوي التخصص والأكاديميين ما يكفي للحكم على الأعمال الأدبية والبقاء للأصلح .

 

س- حصدتَ ألقاباً عديدة منها: كروان الجبل- الأشهر من كوكاكولا.. هل أنت سعيد بها، ثم ما تضيف هذه الألقاب للأديب برأيك؟

ج- حقا أنا سعيد بتلك الألقاب لا لسبب إلا لأن من أطلقها علي أناس أكن لهم من الحب والتقدير ما لا يوصف وأنت على رأسهم أخي الجميل "الهدهد" ميمون حرش. قيمتها في من أطلقها عليك فبالتأكيد هذه الألقاب قيمة ويعتز بها أي أديب.

 

س- أحيت جمعية جسور للبحث في الثقافة والفنون بالناظور الملتقى الأول للقراءة والأدب في 25 يناير 2016، تحت شعار " اقرأ"..ولقد شرفتَ المركب الثقافي بحضورك، وقرأت شعرك الجميل، واحتدت الأكف لك بالتصفيق كما العادة.. ما تقييمك لهذا الملتقى الذي حضره شعراء كثيرون من مدن مغربية مختلفة؟

ج- بالطبع أحاول المواظبة على حضور كل التظاهرات التي تنظمها جمعية جسور للبحث في الثقافة والفنون بالناظور وكما أشرتم تشرفت بحضور الملتقى الأول للقراءة إلى جانب أسماء كثيرة من مختلف أرجاء الوطن، استمعنا لبعضنا البعض ولا يمكنني إلا التنويه بالعمل الدؤوب الذي تقوم به الجمعية من أجل الإرتقاء بالمشهد الثقافي بالمنطقة وبالمغرب ككل. كان الملتقى مجال التقاء بين مختلف التيارات والمشارب الأدبية التحمت حول شعار ورد في الكتاب الحكيم "إقرأ" ومن هنا أشد على يد القائمين على الجمعية وكل من يحمل هم الثقافة والمثقفين بالناظور.

 

س- كيف تقيم الحركة الشعرية بمدينة "تارجيست"، ومن هم شعراء مدينتك الذين يصيبون هوىً في نفسك؟

ج- تارجيست أدهشتني بطاقاتها الشعرية الدفينة التي كانت مرغمة على الاعتصام بين دفتي غلاف الكراس أو حبيسة لوح إلكتروني وتجربة المقهى الأدبي ضخت دما جديدا ونقيا في الحركة الشعرية بمدينة تارجيست فظهرت أسماء وازنة كالأستاذ أحمد اليعقوبي، آمال يوسفي، فريد المطوشي، مرزوق لفريع، مصطفى الشعرة، سعاد أحدوث، إيمان السكروحي، إسماعيل حبيب الله وغيرهم (التمس العذر ممن لم أذكر أسمائهم)

 

س- ما هي مشاريعكم في المستقبل تأليفاً، وعلى صعيد نشاطك في المقهى الأدبي؟

ج- فيما يخص شق التأليف فقد أشرتم في الديباجة إلى المؤلفات التي منها ما يوجد قيد الطبع ومنها ما هو في المراحل الأخيرة قبيل رؤية النور وبطبيعة الحال حبل الإبداع لا ينقطع. أما بالنسبة للشق الذي يهم نشاطات المقهى الأدبي المستقبلية فسنسير على نفس المنهج إن شاء الله مع تطويرات في الأداء وتنوع في الاستضافات وأكبر رهان للموسم القادم بإذن الله تعالى هو تنظيم المهرجان الأول للشعر والزجل وفنون أخرى بتارجيست وهذا تحدي جديد سنخوض غماره بكل الوسائل المتاحة لنخرجه إلى الوجود.

 

س- ماذا تقول في: شعر الهايكو- القصة القصيرة جداً- مولاي اسماعيل بلبكري ..

ج- بالنسبة لشعر الهايكو أنا دائم الاعتراض عن التسمية لآننا في العالم العربي لا نكتب "الهايكو" بالطريقة اليابانية التقليدية إنما، وهذا رأيي الخاص، نكتب "الومضة" وهي تقليد له في الشكل وأحيانا في الموضوع أما عن الغاية والدافع لكتابة "الهايكو" فالإختلاف واضح ولن ينكره أحد.

القصة القصيرة جدا أعتبرها من روائع الإبداع الحديث وكتابتها يتطلب إلماما كبيرا بكل أشكال الكتابة الإبداعية في خفتها، تناغمها وإيجازها. أن تقول كل شيء في سطور أقل فهذا ما أعتبره "سحر الكتابة".

ماذا أقول عن مولاي اسماعيل بلبكري؟

صعب أن تذكر بوجمعة الكريك دون مولاي اسماعيل بلبكري الذي أختزل فيه كل شيء: الصديق، التلميذ، الابن، حافظ السر... ما يجمعني به أكبر وأثمن من مجرد صداقة.

 

س- كلمة أخيرة شاعرنا الكبير بوجمعة ..

ج- محاورتكم سيدي أكثر من ممتعة وفي الأخير لا يسعني إلا أن أشكركم على هذه الالتفاتة الاكثر من رائعة وأن أشكر طاقم مجلة العرين ومن هذا المقام أوجه رسالة إلى كل مثقفين هذا الوطن بتوحيد الصفوف وخدمة الثقافة في بعدها الإنساني بعيدا عن الحسابات الضيقة من أجل أن نرقى ونرتقي حتى يكون النجاح والسداد حليفنا في كل أمورنا.

مرة أخرى شكرا لك، هدهد الناظور، الأستاذ المبدع ميمون حرش..

 

حاوره: ميمون حــرش

 

في المثقف اليوم