تقارير وتحقيقات

د. كعْـواس يُقارِبُ موضوع النَّوازل في تراث الغرب الإسْلاميّ / د. فريد أمعضـشو

"موضوع النوازل في تراث الغربي الإسلامي"، في قاعة المحاضرات والندوات التابعة لـ"دار الأم للتربية والتكوين"، بالناظور، في إطار سلسلة الحَلَقات العلمية التي دأب "مركز الريف للتراث والدراسات والأبحاث" (وحْدة اللغات والأدب) على تنظيمها، منذ بداية العام الجاري، بتنسيق مع "جمعية تيسير". وذلك بحُضور عددٍ من الباحثين والمهتمّين.

وقد استهلّ الباحث محاضرته بالإشارة إلى أهمية توجيه عناية الدارسين إلى الاعتناء بموضوع النوازل لِمَا يمكن أن يُمِدَّهم به من حقائق ومعطيات ذات قيمة بالغة على أكثر من صَعيد .. هذا الموضوع الذي ارتقى لدى بعْضهم إلى خانة العلوم، ولدى كثيرين إلى أنْ يكون فِقهاً قائماً بذاته. ووقف المُحاضر، بإفاضةٍ، عند مفهوم "النوازل" بادئاً باسْتعراض جملة من التعاريف الاصطلاحية المُعْطاة لها، وبمناقشتها ووضْع الإصْبع على مواطن القصُور فيها، قبل أن يقترح تحديدَها بأنها "الوقائع الجديدة التي تحْتاج إلى بيان حُكْم الشرع فيها، ولم يَرِدْ فيها، سابقاً، نصّ صريح ولا اجتهاد". وأكّد أن مِثل هذا التحديدِ صعْبٌ، وأنه لا يرْقى إلى أن يكون جامعاً مانعاً؛ بتعبير المَناطِقة، شأنُه في ذلك شأن سائر التعريفات المقدَّمة لمفهومه إلى الآن. ودعا إلى بَذل مزيدٍ من الجهْد لإعادة تعريف "النازلة"، بإضافة قيود إليه نِشْداناً للدقة في التعبير عن مدلولها. وكانت هذه النقطة أبرزَ ما أثار نقاش الحاضرين الذين أدْلوا بجُملةِ آراء في هذا الصّدد. ولم يُغفل الباحث المسألة المصطلحية لدى حديثه عن النوازل؛ فأشار إلى أن الغالب بين أهل المغرب إطلاق مصطلح "النوازل" على الوقائع الجديدة المُومَإ إليها آنفاً، على حين يَجْنح المَشارقة إلى استعمال مصطلح "الفتاوَى"، وإنْ كان مِنْ عُلمائنا مَنْ يفرِّق بين مفهوميِ الاصطلاحيْن على نحْو واضح. ويُعبَّر عن ماهيّة النوازل بألفاظ اصطلاحية أخرى؛ مِنْ قَبيل "الواقعات"، و"المَسائل"، و"الأسئلة والجَوابات". وميّز المحاضر، في هذا السياق، بين النوازل وفِقْه النوازل، وأبرز وظائف هذا الأخير تشْريعياً وتاريخياً وقانونياً.

وعقب ذلك، انتقل الأستاذ المُحاضر إلى تتبُّع موضوع النوازل وقضاياه وتواليفه وأعلامه، بصفة عامة، في تراث الغرب الإسلامي الفكريِّ، مُشيراً إلى أن المغاربة والأندلسيّين حازوا قصَبَ السَّبْق في التصنيف في فقه النوازل، وبَرَعوا فيه كذلك. فمنذ أنْ ألّف عيسى بن دينار (ت212هـ) في هذا المجال، توالت كتاباتُ علمائنا وفقهائنا في النوازل؛ مثلما فعل الإمامان ابن سُحْنون وأحمد، وابن الحاج الشهيد وابن رشد وغيرهما كثير فيما بَعْد. مع مُلاحَظة أن مثل هذه التآليف قد تزايدت بعد القرنين الهجرييْن 4 و5. ولَمّا أدْرَك الباحث أن اسْتيفاء الكلام عن مُجْمَل تصانيف علماء الغرب الإسلامي في النوازل أو الفتاوى غيرُ ممْكِن في مساحة زمنية محدودة، فقد ارتأى أن يقف، في محاضرته، تحديداً، عند أحد هذه التصانيف؛ وهو كتاب "مذاهب الحُكّام في نوازل الأحْكام" (تحقيق د. محمد بنشريفة) الذي جمع نوازلَه وأجاب عنها القاضي عياض السبتيُّ، في القرن 6 للهجرة، وتولّى أمْرَ ترْتيبها وتصنيفها ابنُه محمد. وقد عَمَد د. كعواس إلى التعريف بهذا الكتاب، وبدواعي تأليفه، وبأهم مضامينه، وإلى تِبْيان معالم المنهج المعتمَد في ترتيب موادّه، مع الإشارة إلى أن ممّا يميِّز كتب النوازل عدم تنْصيصها على خطط مؤلِّفيها أو مَناهِجهم في تأليفها، سواء في مقدماتها أو بين ثناياها. وختم بالحديث عن قيمة الكتاب وفوائده الجَمّة؛ ممّا يجعله أحدَ الأعمال الرائدة والمهمّة في بابه. ومباشرةً بعد فراغ الباحِث من إلْقاء كلمته، فُتِح بابُ المُناقشة للحاضرين الذين كان لتدخُّلاتهم وتعقيباتهم إسهامٌ واضح في إغناء الموضوع المَطْروق.

 

تغطية: د. فريد أمعضـشو – الناظور. أأ  

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2227 الخميس 27/ 09 / 2012)


في المثقف اليوم