تقارير وتحقيقات

جامعة سيدي محمد بن عبد الله تتحدث بلسان علم مقارنة الأديان

نظم مركز دراسات الدكتوراه: اللغات والتراث والتهيئة المجالية بتنسيق مع فريق البحث علم مقارنة الأديان الملتقى الدولي الثالث للطلبة الباحثين في علم مقارنة الأديان في موضوع " معرفة الأخر خطوة نحو الحوار" أيام 16 و 17 مارس 2017 برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس.

بعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم بصوت الطالب الباحث توفيق وهيب. استهل اليوم الأول من الملتقى بجلسة افتتاحية، ترأسها الدكتور "عبد الله الغواسلي المراكشي" أشاد فيها بأمرين أساسين أولهما القيمة العلمية للموضوع (معرفة الآخر خطوة نحو الحوار) خصوصا في عالم يسوده العنف والإقصاء. في حين تمحور الأمر الثاني في الجمع بين أساتذة بارزين في مجال علم مقارنة الأديان وعلوم أخرى من داخل الوطن وخارجه، وفتح المجال أمام الطلبة الباحثين مغاربة وأجانب من أجل إغناء هذا العلم. بعد ذلك نوه السيد نائب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الدكتور "عمر جدية بهذا الملتقى، وطبيعته والمشاركين به، مؤكدا على أن البحث في مثل هذه المواضيع يتطلب التعامل بموضوعية ورصانة وألا يسلط الضوء على دين من الأديان على حساب الأديان الأخرى متمنيا في الأخير أن يتكلل الملتقى بالنجاح والتألق. ثم تلته كلمة رئيس فريق علم مقارنة الأديان الدكتور "سعيد كفايتي" مبرزا من خلالها الهدف من وراء تنظيم هذا الملتقى، متمثلا في الدعوة الصريحة الى معرفة الآخر المختلف، وترسيخ قيم التعارف والتعايش معه. وأشار إلى أن اقتران الملتقى بالطلبة لم يكن وليد الصدفة وإنما هو إيمان بأهمية الشباب في إثراء البحث العلمي، وتقاسم المعرفة معهم لتكون لديهم بصمة في تأسيس علم مقارنة الأديان. طامحا في الأخير إلى بلوغ هذا الملتقى أوجه، وأن يصل العالمية مستقبلا ،وتحقيق حلم تأسيس جامعة لعلم مقارنة الأديان بالمغرب. افتتحت الجلسة الأولى برئاسة الدكتور "سعيد كفايتي" الذي عرف بنخبة من الدكاترة المشاركين في الجلسة، ثم أعطى كلمة المداخلة الأولى للدكتور "بشير عز الدين الكردوسي" من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية – قسنطينة الذي ثمن جهود الدكتور الفاضل "سعيد كفايتي" معتبرا هذا الملتقى حلقة من حلقات التنوير والتحسيس بأهمية هذا التخصص في الجامعة المغربية. وتكمن أهمية هذا التخصص في عدة أسباب بدءا بالأهمية القصوى لهذا الحقل المعرفي في الدراسات الإسلامية لأن هناك عدة شفرات كامنة في الدراسات الإسلامية لا يمكن حلها إلا عن طريق التمكن والحفر في علم مقارنة الأديان..

بعد ذلك قدم رئيس الجلسة الكلمة للأستاذ الدكتور "ادريس اعبيزة" من جامعة محمد الخامس الرباط حيث جعل موضوعها يحوم حول علم مقارنة الأديان، مؤكدا أن الحوار مع الآخر هو معرفة ما عند الآخر في لغته الأصلية قائلا: (كل ترجمة خيانة)، وأشار إلى أن أفضل ترجمة عربية للتوراة هي التي قام بها سعيد بن يوسف الفيومي الذي يعد أول واضع للنحو العبري، واستطرد منوها بأفضال مدينة فاس العلمية والمعرفية في ظهور الدراسة المقارنة، وسبق يهوذا بن قريش في هذا المجال، معززا كلمته بأنه آن الأوان لرد الاعتبار للدرس الشرقي خاصة مع اللغات الشرقية.

استهل الدكتور "منتصر حمادة مدير" مجلة أفكار- الرباط كلمته بالتأكيد على ضرورة التوسل بالعدة المعرفية، و عدم تكريس خطاب الطمأنة في سعينا لمعرفة الأخر. هذا الآخر المختلف دينيا وعرقيا وعُرفيا ... وأكد على ضرورة الحوار مهما كان المخاطب من الأديان التوحيدية أو الوضعية، وقد شدد على التفريق بين الدين والتدين وأعطى مقارنة هامة بين المتدين السلفي والصوفي مختتما كلمته بتساؤلات هامة من قبيل: لماذا أغلب المنتحرين منذ هجومات 11 شتنبر هم من السلفية الجهادية وليس من المتصوفة؟ ولماذا يعرف الغرب عنا أكثر مما نعرف عنه؟. ثم انعقدت الجلسة العلمية الأولى تحت عنوان التأويل ونقد النص الديني برئاسة الدكتور "الحسن الغرايب" الذي قدم أولى المداخلات بالإنجليزية للطالبين، الباحث "بدر الدين حميدي" - كلية الشريعة - فاس/ محمد الحتاش- جامعة الأخوين – إفران التي تناولا خلالها نظرية الهرمونطيقا، وعوائق التفاهم والحوار بين الأديان، وضرورة تأويل النصوص الدينية من أجل فتح سبل الحوار. وكانت آخر مداخلة ضمن هذه الجلسة العلمية الأولى بالإنجليزية أيضا، والتي حاول فيها الطالب الباحث "بدر الدين الزيتي" - كلية الشريعة - فاس/ جامعة الأخوين – إفران. أن يجعل موضوعها يتمحور حول قانون أهل الذمة، وهي دراسة تاريخية لتطور النص الديني التشريعي للدولة والأقليات غير المسلمة.

وقد عقدت الجلسة العلمية الثانية تحت عنوان بعض مناهج علم مقارنة الأديان برئاسة الدكتورة "سناء الراشدي" والتي استهلت بمداخلة الطالب الباحث مصطفى خاضري من كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس- فاس في موضوع علم مقارنة الأديان: مفهومه وأهميته حيث رصد دلالة مفهوم علم مقارنة الأديان لغة واصطلاحا إلى جانب بعض الأهداف العامة لعلم مقارنة الأديان. وكانت المداخلة الثانية للطالبة الباحثة حميدة طرقي - جامعة الامير عبد القادر للعلوم الإسلامية – قسنطينة الجزائر، تدور حول تقنية توظيف الرياضيات في مجال إحصاء الأناجيل الثلاثة إنجيل متى ومرقس ولوقا، واختتمت الجلسة العلمية الصباحية بمداخلة للطالبة الباحثة أسماء الوردي عن جامعة محمد الخامس بالرباط، والتي جعلت موضوعها بعنوان: " خصوصيات المناهج في قراءة وتحليل العهد القديم ( النص الديني أنموذجا) محاولة من خلالها تسليط الضوء على النص الديني من عدة جوانب أولها المراحل التاريخية التي مر منها الكتاب المقدس حيث كان في البداية عبارة عن لفائف ثم أصبح كودكس codex إلى أن أصبح كتابا كما هو عليه الآن، و ثانيها الشواهد التي يستشهد بها من العهد القديم مقسمة إياها إلى نوعين: شواهد مباشرة(النص العبري الماسوري، الترجمة السبعينية، الترجمة السامرية/ الآرامية، مخطوطات قمران، مخطوطات حلب). وشواهد غير مباشرة (الترجمة اللاتينية، الأوريجانوس، الترجوم، الترجمة السبعينية).

وانطلقت الجلسة المسائية من فعاليات الملتقى الدولي في يومه الأول حول بعض قضايا علم مقارنة الأديان الأنموذجية برئاسة الدكتورة "حنان السقاط"، وتضمنت هذه الجلسة ثلاثة بحوث علمية وهي: دور العقيدة الألوهية في احترام الآخر (حولية ون أمون أنموذجا) من إلقاء الطالب الباحث حميد بن فارس من جامعة محمد الأول وجدة، وقد تطرق من خلالها إلى شرح حولية ون أمون التي كتبت بالمصرية القديمة، وتم اكتشافها نهاية القرن التاسع عشر مكتوبة على ورقة البردي، وتعرض الطالب الباحث لفحوى هذه الحولية، وتفاصيل القصة من الناحية التاريخية بين أمون و" زكر بعل" والحوار الذي دار بينهما، منهيا مداخلته بتمنيه أن يعم هذا الحوار عصرنا الحالي. المداخلة الثانية كانت تتعلق بالطقس الذبائحي بين الأنثربولوجيا ونحل الأديان حيث استهلها الطالب الباحث محمد المدني من كلية الشريعة بفاس بعرض سريع لتصميم مداخلته، منتقلا إلى سؤال مفاده عن علاقة القرابين الذبائحية، ودورها في محاربة العنف الإنساني. وقد أمعن في تحديد مفهوم الطقس الأضحوي من الناحية الأنثروبولوجيا والتاريخية وحتى الجغرافية حيث ضرب المثل بشعوب المايا والأستيك بأمريكا الجنوبية وطقوس القرابين البشرية تقربا لآلهتهم، وانتقل إلى نظرية التضحية والعنف عند "رينيه جيرارد" واعتبار الرغبة المحاكاتية أساس العنف عندما تتحول إلى رغبة تملكية ما يحيل على الاقتتال المفضي إلى الدماء، ولنهاية هذا الاقتتال يكون قتل الإنسان كأضحية هو السبيل الوحيد ومن ثم وصل الإنسان إلى إبدال الإنسان بالحيوان كأضحية.

فيما ركزت الطالبة الباحثة يطو وهمي من جامعة محمد الخامس على مساهمة الأقليات في اقتصاد المغرب – يهود شمال المغرب الشرقي أنموذجا – دراسة تاريخية تحليلية، وسعت الطالبة الباحثة إلى إقامة جرد كرونولوجي للوجود اليهودي بالمغرب، خصوصا بالشمال الشرقي ، وقد اعتبرت الأقلية اليهودية أقلية ناجحة في الأعمال التجارية والصناعية، أسهمت بشكل ناجح في عدة فترات من تدعيم الاقتصاد المغربي ، واختتمت الباحثة بتعداد الصناعات التي برع فيها يهود المغرب خصوصا بتازة ، وتاوريرت ، ودبدو. عنونت هذه الجلسة ب: قضية الحوار بين الأديان واشكالية التطرف، تشرف بتسييرها الدكتور "عبد اللطيف نجيد". وكانت أولى المداخلات في هذه الجلسة المسائية للطالب الباحث عبد الرحيم ايت عبد السلام من جامعة ابن طفيل – القنيطرة حيث وضح من خلالها خلالها نظرة الغربيين السلبية للإسلام مشيرا إلى أن الإشكال الأول في هذه النظرة يكمن في شحن الإعلام للمواطن بأن الإسلام دين منغلق، ودين العنف، وأشار الباحث إلى أن الإسلام ديانة مفتوحة وليست محدودة، كما هي محصورة عند الغرب في تلك الصورة النمطية والتفكير البدائي الذي يسيء للمسلمين والإسلام على حد سواء.

وكانت المداخلة الثانية من نصيب الطالبة الباحثة سناء العليوي من جامعة السلطان مولاي سليمان بمدينة بني ملال، عنونت ب " فلسفة قيم الحوار والتسامح والتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وقسمت موضوعها إلى ثلاثة محاور رئيسة هي : تاريخ الحوار الإسلامي المسيحي وأهدافه ؛والذي بدأ منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مع الملك الحبشي. وبواعث التسامح الإسلامي كالباعث الديني ( الصلاة، الصوم، الصدقة...)، والباعث الخلقي (منظومة الأخلاق التي تحكم الإنسان ). واختتمت هذه الجلسة المسائية بمداخلة تحت عنون مقصد الإنسانية وأثرها في حوار الأديان عند الفلاسفة المسيحيين "ديسديريوس إراسموس أنموذجا" ألقاها الطالب الباحث "هشام مباركي" من كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس-فاس تطرق فيها الطالب الباحث إلى الدراسة الفلسفية الدينية التي قام بها إراسموس للكتاب المقدس، من خلال تحليله لنصوص الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، معتمدا في ذلك على الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس vulgata مستنبطا أهم مقصد للديانة المسيحية معتبرا إياه فلسفة الدين المسيحي ككل ،ألا وهو مقصد الإنسانية humanism حتى دعي بأمير الإنسانية. وفي ختام الجلسة ضر ب وموعد لجلسات يوم الجمعة.

عن اللجنة المنظمة

 

الدكتورة كريمة نور عيساوي

  

في المثقف اليوم