أخبار ثقافية

وقفوهم إنهم مسؤولون

wiam molsalmanعناوين شتى بين ساخطة وساخرة كتبتها ومحوتها حتى وقع اختياري الأخير على هذه الجملة القرآنية البليغة والتي هي من صميم غايتي ومرامي.

هو شهر رمضان الذي لم يأخذ سواه من الشهور هذا الحيز الخاص من الإهتمام لدى كل الفضائيات "وقد كتبت عن هذا الأمر في سنوات سابقة "، فهو شهر الرزق و الدعايات التجارية والإيمانية والذي تتمنى كل فضائية لو أن الله جعل كل شهوره رمضانا .. بعد أن كان شهر العتق من النار والمغفرة صار شهر الأخذ بنا إلى النار من فرط الانشغال بالبرامج المتنوعة التي تُبث فيه، ومن الطريف في الأمر أن قناة كـ "الفرات" على سبيل المثال لا الحصر تبث قبل إذان المغرب مباشرة أي وقت ذروة الصفاء الروحي سيلاً من الدعايات الممولة لها بالخيرالوفير بديلاً عن النفحات الإيمانية !

بعيداً عن مساحة الدراما والكوميديا وما إلى ذلك لابد من توقف وتأمل جاد ببرنامج مسؤول صائم "صايم" الذي تقدمه قناة البغدادية وقد شاهدت حلقات قلائل من البرنامج بعد أن شدتني صور موائد الإفطار على صفحات التواصل الاجتماعي " الفيسبوك" والتعليقات التي ترافقها، وبعدما اطلعت على البرنامج وجدتني أمام مهزلة حقيقية وتجسدت أمامي على أرض الواقع مقولة "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" ولا علاقة لي بطبيعة الأسئلة والحوارات التي ترفع الضغط والسكر معاً والتي تقدم لنا بؤسنا على طبق من صفيح صدئ، وتبادر إلى رأسي سؤال يتعلق بهدف البرنامج ،هل هو فخ ذكي من فخاخ الإعلام قامت به قناة البغدادية لترينا درجة إيمان مسؤولينا! هل هو كشف للواقع المعاشي حيث الترف والبذخ الذي يتنعم به المسؤول في وطن يرزح الملايين من أهله منذ سنوات تحت خط الفقر ، وطن الأرامل واليتامى إذ يبحث أطفاله في حاويات القمامة كما القطط عن مصدر عيش أو لقمة تسد رمقهم ! وحكايات النازحين قسراً بسبب الإرهاب الداعشي وما يعانون من ضنك وفاقة وعوز وهدر كرامة فتنزوي الكلمات خجلاً واستحياءً غير قادرة على تجسيد حالهم البائس وهم يلوذون بخيم وجوامع وأي مكان يمكن أن يكون سكناً لهم في هذا الهجير الفتـّاك !

كنت أتابع على مضض وأقارن بين مائدة فطور هؤلاء وبين فطور رجل خلده التاريخ إنسانيا ً مبتعدة بذكره عن كل المعطيات "الدينية والمذهبية" وأعني به علي بن أبي طالب "ع" وهو الخليفة والإمام الذي يمتلك مفاتيح بيت المال وكل زاده حبات تمر وقرص رغيف لم يُنخل طحينه وماء وربما لبن، وهذا الزهد يحسبه علي بطراً ويخشى النار فيه ! أما ما لدينا من مسؤولين وأخص بالتحديد الذين اتخذوا من علي سلماً إلى أمجادهم فيجاهرون بموائدهم من باب" وأما بنعمة ربك فحدّث" ربما هكذا هي الحجة الشرعية التي يستندون عليها! وكل مائدة تكفي لإشباع فيلق من الجياع في وطن لا يحمل مسؤوله ذمة ولا ضميرا، لا لشخصين أمام الكاميرا وأنفار من كادر العمل الذي يقف خلف الكواليس .

يظن البعض وللأسف أن الذي يعيش خارج العراق وبحكم سنين الغربة ستبرد مشاعره ويقل اكتراثه وهذا هو الإثم اليقين فنحن نكابد ونقاسي ونعمل على مد يد العون إلى أهلنا وفق الإمكانات المتاحة وإيصال صوتنا للعالم بكافة الوسائل عسى أن ينتصر لنا شرفاؤه.

في رمضان العام الماضي كتبت بطاقة شعرية ونشرتها على مدونتي " الفيسبوك" وسأعيد نشرها لتكون خاتمة لسطوري التي أدرك سلفاً أن المسؤول لا وقت لديه لقراءتها ، ولسان حالي يقول : السلام على من بات على الطوى لليالٍ ثلاث معرضاً عن الدنيا وما فيها .....

 

سيد العدل

منذ طلقتها وزهدت

مكتفياً بفرادى من التمر

وملح وقرص رغيف

وأنت خليفتها ومالك بيت أموالها

لم يكن يدرك ما كنت ترنو إليه السواد

وما نام جفنك ، خيفة أن لا تكون عدلت

لكن من ادعوا أنهم بفكرك يقتدون

أغمضوا أعينهم في الضياء

وراقت ضمائرهم في غطيط الوساد

زيفوا نهج تقواك حسب أهوائهم

وما خجلوا منك يا سيد الحق

سرقوا خبزة الجائعين

وعاثوا خراباً فضاعت حقوق العباد

ارتدوا بزة الدين حيث الخديعة مأوى الفساد

وصلّوا مكاءً، وذرّوا بكل العيون الرماد

فعد يا علياً

وصلِّ بهذي الحشود صلاة العراق

فإن لتاريخ جُرحك والعراق امتداد .

 

وئام ملا سلمان

في المثقف اليوم