أخبار ثقافية

العرض الكوريغرافي ماريونات

عمل ابداعي يفتح الباب امام مقاربات نقدية وتأويلات متعددة حيث يزخر بنبض الحياة المجتمعية والسياسية بأسلوب طريف وسلس يضعنا امامه الكوريغراف طارق بوزيد، فيجسّد الواقع المجتمعي في لوحة جمع فيها " المجانين، الاثرياء ، المثليون، المثقفون… وهي مفارقة بين فئات مجتمعية فيها ما يعتبر مواطنين درجة اولى وفيها من يعتبر مواطن درجة ثانية. فبقدر ما صوّر العمل شخصيات من الواقع ، بقدر مارتفع وارتقى جسديا وحركيا في كورغرافيا مثّلت نضجا فنيا ودراميا . هاهو الركح تتخبط فيه الشخصيات وكأنها في رحم المعيش اليومي اذ نرى صراعات جسدية تعبر عن آلامها وآمالها الدفينة والمعلنة في واقعها السوسيوسيكولوجي اذ انّها ذوات وبالرغم من هامشيتها مثلت وقودا للرؤى الثورية المجتمعية ومحركا للتاريخ البشري فنرى في دراماتورجيا العرض سلسلة من الصراعات الجسدية تبدأ من اليومي لتنتقل بعالمها الى صراع الجسد مع المادة المتمثلة في شكل الكرسي وهي عبارة عن صراع بشري دائم مع السلطة كطرح اشكالي نقدي لماهو مرئي ومتخيل وهو صراع تاريخي حيث لم يستطع الانسان الخروج من سجن السلطة والنفوذ والمناصب سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية لتشتدّ هذه الصراعات لتنتقل الى نقد الآداء الاعلامي المسيّس خاصة في تزامنه مع بعض الصراعات الواقعية التي يشهدها العالم اليوم " كيف ان هذه السلط تتحكم الى حد ما في العقل البشري كالماريونات، دخولا في مفارقة اقتصادية وهي عبارة عن حرب استنزاف يسلطها المادي "النقود" على المجتمعات الفقيرة ومن هذا المنطلق انتقل الفنّان الى عالم التكنولوجيا الرقميّة في صراع تفاعلي بين العالم الحقيقي الواقعي والافتراضي لتتجمد الصورة بحثا عن حلول انسانية من خلال تسليط الضوء على مفارقات جديدة عبر التغيير الجذري بحثا عن الحرية الثقافية دخولا في عالم من الروحانيات الجسدية للانسان بصفته كائنا من الطبيعة. وهو ما عبّر عنه الفنان قائلا : كثيرا ارتبطت فكرة التحرر الجسدي بالانسان فهي علاقة احادية بين الشكل والمضمون فالجسد هو اول من يجب ان يتمتع بحق الحرية باعتبارها المادة التي تميز بين شخص وآخر، اننا نبحث عن اخترام الجسد ، احترام الذات البشرية، كرامة جسد الانسان هي في حد ذاتها احترام لشخصية الافراد وبالتالي فالجسد والذات البشرية في واقع الامر هما ما يميّز الذوات خلقَا .

 

مروة جبران

في المثقف اليوم