أخبار ثقافية

السوادّ يسرد دور القائد المجهول

صدر مؤخرا عن دار (درابين الكتب) للمؤلف علي جاسم السوادّ كتاب جديد حمل عنوان (القائد المجهول لثورة 14 تموز 1958) . يتحدث الكتاب عن الدور المجهول والخفي للمرحوم الزعيم الركن عبد الوهاب امين، احد اعضاء اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار في انجاح ثورة 14 تموز1958، عبر مذكرات واحاديث تسردها عائلته، فطوال الخمسين عاما، بعد الثورة كان الزعيم الركن عبد الوهاب امين يتحدث الى ابنائه بتفاصيل دقيقة ومعلومات خطيرة حصلت خلال مسيرته الحياتية، والعسكرية، والوطنية . وكانت عائلته وتحديدا ابنائه يُدَونون كل كلمة يقولها (اباهم)، لأن تلك التفاصيل والمعلومات كانت اسرارا لم يُطلِع احداعليها من قبل، كاشفا بها عن وشايات وخيانات كادت ان تطيح بمعظم التنظيمات السرية في الجيش، وخيانات اخرى تسببت بقتل الثورة واغتيال زعيمها (عبد الكريم قاسم )، ومن هم الاشخاص الذين كانوا وراء تلك الخيانات .

لقد استطاع الكاتب علي جاسم السوادّ، المّولع بالبحث والتقصي والتنقيب، عن ما تبقى من اسرار وخفايا في ثورة تموز، من الوصول الى ابناء عائلة الزعيم الركن عبد الوهاب امين، بعد وفاته عام 2008، وجمع تلك المذكرات على مدى اربع سنوات، ليعيد صياغتها بأسلوب علمي ومنهجي، ولتُقدم في كتابٍ ومؤلف جديد له .

قدم السوادّ، في كتابه (القائد المجهول لثورة 14تموز 1985)، ستة اسئلة لم تحدد اجاباتها بشكل نهائي حتى الان عبر المصادر والبحوث والمؤلفات التي كتبت عن ثورة تموز طوال العقود الماضية، واجاب عنها في فصول عشرة، مستندا على ما جمعه من مذكرات تُطرح لأول مرة، اضافة الى خلفيته التاريخية . وقد أوجز تلك الاسئلة بـ :

1_ هل الثورة تمت بفعل قوة وطنية مخلصة او هي محصلة حتمية لتخطيط خارجي نفذته ادوات عراقية ؟.

2_ هل ما أقدم عليه (الضباط الاحرار) صبيحة 14 تموز 1958، هو ثورة شعبية وطنية استدعتها الضرورة التاريخية او هو انقلاب عسكري لتحقيق طموح بالسلطة ؟.

4_ هل الثورة توغلت في عمق المطالب الشعبية والجماهيرية وحققت رغبتها بالحكم الوطني او انها فتحت الباب امام الانقلابات العسكرية لاحقا ؟.

5_ هل عمليات القتل والتصفية التي طالت العائلة الملكية وبعض رموز النظام هي جزء من ادبيات الثورة او انها فعل شخص واحد، وارتجالية، وخارج سياق الاتفاقات بين الضباط الاحرار ؟ .

6_هل الزعيم (عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف ) وحدهُما من قاما بالثورة او هناك ضباط اخرون كان لهم دور حقيقي وفعلي في تنفيذ الثورة ؟.

لقد ذهب المؤلف علي جاسم السوادّ، في اجاباته عن تلك الاسئلة بعيدا الشرط المكاني والزماني، الذي تخضع له تلك الاجابات، في اغلب المؤلفات والمصادر الخاصة بثورة 14تموز1958، لأنه وجد في المذكرات التي نشرها اغلب اعضاء اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار، والتي تمثل اصدق الشهادات المقدمة عن الثورة وما سبقها وتعطي اجوبة مهمة، وجدَّ ان الكثير منها قد خضعت لشروط الزمان والمكان، اذ ان بعض الضباط حين نشروا مذكراتهم والتي تضمنت معلومات عديدة وتفاصيل دقيقة في عمل اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار، عندما اعادوا نشر المذكرات نفسها في مرحلة زمنية اخرى قد غيروا كثيرا من الحقائق فتضمنت المذكرات اختلافات عديدة، تجعل الباحث والقارئ يواصل بحثه وتنقيبه في اقبية التاريخ للوصول الى حقيقة ما جرى يوم 14 تموز 1958، وما سبقه من مراحل تأسيس حركة الضباط الاحرار والخيانات التي تعرضوا لها والتحديات التي واجهتهم .

لذا وجدَّ السوادّ في ابناء المرحوم الزعيم الركن عبد الوهاب امين، احد اعضاء اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار الذين دونوا على مدى اربعة عقود من الزمن مذكرات والدهم التي لم تنشر ولم يتناولها أي كتاب من قبل، احد المصادر المهمة في الاجابة عن اسئلته الستة .

فكان الكتاب عبارة ٌ عن مذكرات يرويها والدٌ لأبنائه تجيب عن الفرضيات المطروحة، اذ تم صياغتها من قبل السوادّ الذي راجع اكثر من ثمانين مصدرا للتأكد من سلامة ما يتم طرحه .

و كما اسلفنا فأن الكتاب يتكون من عشرة فصول يبدأ من المراحل التاريخية التي سبقت الثورة مرورا بالظروف الاجتماعية التي عاشها المرحوم الزعيم الركن عبد الوهاب امين والتي اسهمت في بلورة شخصيته العسكرية والسياسية، كما يتناول الكتاب، الاسباب التي ادت الى نشأت الحركات السرية في الجيش ومتى بدأت تتشكل نواة الضباط الاحرار وما دور الزعيم الركن عبد الوهاب امين فيها ؟. ومن ثم يناقش الكتاب الخيانة التي تعرضت لها احدى المجموعات السرية التي تزعمها المرحوم العقيد رفعت الحاج سري للكشف عن الواشي والتي عرفت بحادثة (الكاظمية)، كما يسلط الكتاب الضوء على المهمة التي نفذها المرحوم الزعيم عبد الوهاب امين في ثورة 14تموز وتغييره لتأريخ وحركة القطاعات العسكرية الت قامت بالثورة، وكذلك دوره في الكشف عن موقف الحكومة المصرية المعادية للثورة، عندما عين ملحقا عسكريا في السفارة العراقية في مصر، ومن ثم الانجازات التي قام بها بعد تسنمه منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية ووزير الزراعة وكالة، ثم يتطرق الكتاب الى موقف الزعيم المرحوم عبد الوهاب امين من انقلاب 8 شباط عام 1963 ورفضه للعمل مع عبد السلام عارف ووفائه للثورة والزعيم وكذلك حركته السياسية في زمن الرئيس عبد الرحمن عارف وترشيحه لرئاسة الوزراء واحباط هذا الترشيح بعد انقلاب البعث في 17 تموز 1968 واعتقاله من قبل السلطة البعثية وبقائه معتقلا في قصر النهاية سنتين، حتى يختتم الكتاب بالمرحلة التي قضاها الزعيم عبد الوهاب امين في المنفى بعد مغادرته وطنه مضطرا 1972، ليقضي ما تبقى من عمره في العمل مع المعارضة العراقية في لندن لحين وفاته عام 2008 .

 

حسين محمد الفيحان _ بغداد

 

في المثقف اليوم