أخبار ثقافية

عبد الكبير ربيع يصدر "المنجز في مطلقه"

صدر حديثا المؤلف الجمالي "عبد الكبير ربيع.. المنجز في مطلقه"، تحت إشراف وتنسيق الفنان والباحث في الجماليات محمد رشدي، منشورات" H2 / 61.26" الدار البيضاء، وهو كتاب جماعي ساهم فيه كل من النقاد والباحثين الجماليين: إليزابيث شامبون وجان كلود غويك وجان لانكري ومصطفى الشباك وآلان فلامان، بالإضافة لما يقترحه الفنان عبد الكبير ربيع عينه من نصوص خاصة، إذ يعدّ هذا الفنان من فناني جيله المغاربة القلائل الذي، بالإضافة لنشاطه الفني، قد طور نشاطا للكتابة ومساهمات جادة في ندوات تركز على أعماله الخاصة، وكذلك أعمال فنانين آخرين.

1215 uعبد الكريم ربيع

وقد جاء في نص تقديم الذي أنجزه محمد رشدي لهذا المنجز الجمالي الضخم، 276 صفحة من الحجم الكبير، "بإسناد مهمة الكتابة إلى مجموعة نيّرة من الكتاب المرموقين، فإن هذه المونوغرافيا تظهر إذن، ليست كـمجلد صُور (مما لا يعني أبداً أنه قد تمّ إهمال قيمتها الجمالية، أو التضحية بها في أسوأ الأحوال)، لكن بوصفها –قبل كل شيء- منجزا ذا محتوى يسعى إلى فتح أفق فكري من خلاله يمكن لأثر المونوغرافيا أن يغدوَ جلياً. إن هذه المونوغرافيا تطمح لخلق البيئة النقدية والتحليلية اللازمة ليكون النشاط الإبداعي لهذا الفنان مرئيا ومُمَوْضَعاً ومفهوماً بشكل أفضل. حيث إن النصوص التي تم ضمّها هنا، تهدف إلى رسم مسارات للتفكير، فاتحة توجهات أساسية ساعية إلى تثمين والنفاذ إلى دقة وتعقيد العمل الفني لفنان ملتزم فنيا منذ ما يربو عن 60 سنة في مغامرة فنية منفردة ومتطلبة وصارمة وفريدة بشكل جليّ، ضمن تاريخ الفن الحديث والمعاصر في المغرب. منجز يبدو أنّه ثنائي الاشتغال، بسبب تذبذبه المستمر بين التشخيص والتجريد، لكنه في الواقع –وهذا ما سنفهمه بالتأكيد عند قراءة هذا الكتاب- يبقى متماسكا بشكل كبير، ومحمولا بموقف شعريّ واحد وبحث فلسفي حيث، ولا يفتأ، يتشابك الفعل والقلق الدائم للتفكير réflexion حول الفعل الإبداعي والأعماق الإنسانية التي ينطوي عليها هذا العمل". ويضيف رشدي قائلا، " اقترحتُ على ربيع ألا نرضى بتأليف "مجلّدِ صُوَّرٍ" Beau-livre مشابه لما يتمّ اقتراحه يوما بعد آخر في المغرب. إذ إن الغرض من هذا العمل لا يكمن في القيام بوسيلة تسويقية جذابة قد تخاطر بالتضحية بالنص التحليلي، لصالح كتابة تملقية، وصور جميلة لأعمال أسيئة قراءتها. في الواقع، ينبغي علينا الإسهام في تقديم تعريف أفضل للفعل الجمالي، مغذين إيجابيا التفكير في الفن في بلدنا، الذي لا يزال يعاني –للأسف- من قصور شديد، على الرغم من التقدم الملحوظ. إننا في حاجة ماسة لاستيعاب الاشتغال الحقيقي للمنتوج الفني الذي يبدعه الفنانون الساعون إلى إبراز والتبليغ عن انشغالاتهم الحقيقية، والرهانات الأساسية التي تحرّك توجهاتهم الفنية، والحمولة التشكيلية والفنية والدلالية لعوالمهم الشعرية... بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تأليف كتاب قد ينوّرُ محتواه القارئ حول أعمال عبد الكبير ربيع، وحول قوة اشتغاله التشكيلي وغنى وعمق دلالاته، سيفرض نفسه باعتباره مشروعا جادا يجب تطويره".

بالتالي هو منجز جمالي يحمل في طياته اشتغالا مغايرا وعمليا لتوضيح بشكل دقيق آليات وأبعاد العمل الفني لعبد الكبير ربيع، حيث وإجابة عن سؤال أية علاقة بين الرسم والصباغة في أعمال عبد الكبير ربيع؟ تركز إليزابيث شامبون اهتمامها، الرسم كصباغة والصباغة كرسم، مع التأكيد على المقاربة الغرافيكية للفنان، وخصوصية كتابته التشكيلية والطريقة الذي يخلق بها علامات ذات قيمة فنية. بينما يرتكز النشاط الإبداعي لعبد الكبير ربيع على الجسد وروح التي تحركه. إذ إن أعماله هي نتاج أساسي لدينامية حركاتية gestuelle، تتكون من رَقيمِ آثار traces على أسطح تصويرية يعدها مسبقا بعناية خاصة. فما هي فرادة الفعل الإبداعي عند هذا الفنان واشتغاله الشعري؟ وما هي محصلتهما التشكيلية والفنية؟ من هذا السؤال، وانطلاقا من مقاربة شعرية، طوّر جان-كلود لوغويك تحليله لأعمال الفنان التجريدية. إذ يسعى في بحثه إلى الكشف عن أهمية المراحل المختلفة في نشأة أعمال الفنان.

هذا ويوضح ميشيل غيران، من خلال النزعتين التعبيريتين اللّتين اعتدنا وضعهما في مواجهة بعضهما البعض، التشخيصية والتجريدية، كيف أن الفن لدى ربيع يستقي مصادره من ذاكرة حية للأماكن والأزمنة. ولأنه يعمل كل من الخيارين التشكيليين بتأثير متبادل ويبدو أنهما يمثلان استمرارية دون أي قطيعة حقيقية أو تراتبية. فما هي الغاية من هذه الحركة الدؤوبة بين التشخيصية والتجريدية في منجز ربيع، وكيف يغذي هذا الأمر الاستيعاب الذاتي في انفتاحه على الروحانية؟ هذا ما يسعى مصطفى الشباك لمعالجته في نصه. ومن جانبه وإجابة عن سؤال: ما هي الروابط الممكنة بين النشاط الإبداعي لعبد الكبير ربيع وباقي المجالات الفنية، وخاصة الشعر والموسيقى؟ يوضح ألان فلامان، في نهاية المطاف بأن أيّ لوحة لـعبد الكبير ربيع لا تُنجَز إلا كصيرورة شعرية خالصة، لتكشف عن سيمفونية بمقدورها أن ينبثق عنها الضوء لتمسنا بشكل أفضل، بل في أعماق أنفسنا، في أقصى أعماقنا الوجودية، وتولّد فينا طاقة عاطفية عالية.

 

خاص

 

في المثقف اليوم