 مناسبات المثقف

أن تكون وراء صرح ثقافي كبير ..!! / صائب خليل

saieb_khalilلا شك انه شعور عميق بالفخر والإعتزاز، ذلك الذي يشعر به الأستاذ ماجد الغرباوي، الذي يقف وراء هذا الصرح الشامخ من الثقافة والسياسة والأدب. ليست خمس سنين طويلة لمثل هذا الإنجاز،

وليس لنا إلا أن نهنئه ونغبطه على ذلك متمنين له وللمثقف الإستمرار في التقدم والتطور. لقد أصبح للمثقف خلال هذه السنوات موقع مهم في الفضاء الثقافي والسياسي العربي، وبالتالي صار مسؤولية كبيرة أيضاً.

 

وما دام الأستاذ ماجد قد دعانا للنقد لتطوير المثقف، فإني أتوجه إليه بالملاحظتين التاليتين:

 الأولى: أننا الكتاب في السياسة لم نجد الإهتمام بموضوعنا بقدر اهتمام المثقف بالأدب والأدباء، رغم ان بلداننا تمر بمرحلة سياسية وليس أدبية، حاسمة وتحتاج إلى أن يتم تشجيع المثقفين على الكتابة في السياسة كما في الأدب، وربما أكثر من الأدب. لكن الأمر هنا بالعكس، فملفات التكريم حسب علمي كلها للأدباء دون غيرهم.

 

وأود لفت الأستاذ ماجد والقراء الأعزاء إلى أن كتاب المقالة السياسية، إن كانوا يكتبون بحرية وإخلاص، هم الجزء الأكثر تفانياً في عمله، فصاحب المقالة السياسية لا يتوقع من مقالته لنفسه، ما لم يكن مأجوراً، سوى كسب الأعداء والألم والتشهير، بينما يحظى الأديب والناقد الأدبي بحصة الأسد من الإحترام ومحبة الناس وإعجابهم. كذلك فأنه في الوقت الذي يكون فيه الأديب يبني لنفسه تكويناً متراكماً مما يكتب، فأن ما يكتبه الكاتب السياسي، يفقد معظم قيمته إن لم يكن كلها، بمجرد مرور الأحداث وعبورها، أما القصيدة فتبقى خالدة.

 

هذا في الوقت الذي تمثل تلك المقالات السياسية، ذات القيمة المؤقتة، المرتكز الرئيسي للحوار والجدل السياسي الأساسي لكل نظام ديمقراطي، والذي يساعد القراء على رؤية الأحداث وربطها بشكل قد لا يسهل عليهم فعله بدون المساعدة التي تقدمها تلك المقالات، ويساعد على تكوين رأي أكثر علمية للقرار السياسي، كما يزيد من صعوبة الغش السياسي وطمسه في أحراش العبارات السياسية المستغلقة الشائكة، بفضل العيون الساهرة، والتحليل المضني لهؤلاء الصحفيين الذين يعملون بلا مقابل، لتقديم صورة أكثر وضوحاً وأسهل فهماً للناس.

 

لدينا في "المثقف" نخبة رائعة من كتاب السياسة ممن يستحقون بدون أي شك أن يحتفى بهم، ويمر ببالي على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ جواد البشيتي، الذي، رغم اختلافي معه في بعض الأفكار، فإن مقالاته قطع أدبية سياسية من الدرجة الأولى، وهو يكتب بنشاط وعناية فائقة، ومتابعة ممتازة وخلفية ثقافية سياسية متينة تتسرب من بين سطوره بلا تكلف أو استعراضية.

 

نقطة النقد الثانية: هي المبالغة أحياناً في ملفات التكريم، خاصة حين تحجز الصفحة كاملة للكتابة عن شخصية محددة ولمدة طويلة نسبياً، فأن لهذا رد فعل معكوس في تقديري لدى القراء، مهما كان المحتفى به مستحقاً لذلك التقدير، واتصور أن هؤلاء السادة يتفقون معي أيضاً على هذه النقطة. وربما كان الأنسب أن تخصص الصفحة الرئيسية للمحتفى به ليوم واحد ثم يترك رابط لها في جانب الصفحة، وربما مع رابط في وسط الصفحة في الأعلى ايضاً.

 

كذلك نلاحظ أنه في الوقت الذي يحتفظ بالمقالات الأدبية المتميزة ثابتة في جانب الصفحة، فمن النادر أن تبقي المثقف مقالة سياسية في زاوية "قضايا ساخنة" مع أن الزمن والمنطقة شديدي السخونة ولم تعرف منطقتنا البرد والسلام بعد. وربما يرد الأستاذ أبو حيدر، بان بعض تجاربه في هذا المجال جاءت برد فعل سلبي أحياناً، وحاد، ولكن ما الذي يبقى من الصحافة إن هي تجنبت كل رد فعل سلبي وحاد؟

 

أخيراً أذكر أنني اقترحت على الأستاذ ماجد الغرباوي بعض الإقتراحات ولم أعرف رأيه فيها بعد، ولكنها تعتمد على إمكانيات الموقع المادية والبشرية، أذكر منهما، مشروع تطوير للكتاب الشباب من خلال ورشة يقدم فيها هؤلاء مقالاتهم أو قصائدهم، ويطلبون ملاحظات أحد كتاب ونقاد الموقع المعروفين، ويمكن لهذه الفكرة أن تسرع في تطوير الكتاب الشباب خطوة إلى أمام. كذلك إقترحت عليه مسابقة سنوية (مثلاً) للكاريكاتير، فهي قليلة في العالم العربي، ولا أدري إن كانت موجودة في العراق.

 

إنها ملاحظات جانبية ولا تمس أساس جمال "المثقف" وقيمتها الأدبية والسياسية، أكتبها أساساً إستجابة لرغبة أخينا العزيز أبو حيدر، ودعوته للمشاركة في التفكير لتطوير موقعنا العزيز، "المثقف". متمنياً له وللمثقف كل الخير والتطور بغير حدود.

 

خاص بالمثقف

..................................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: المثقف .. خمس سنوات من العطاء والازدهار: 6 / 6 / 2011)