 مناسبات المثقف

تهنئة للمثقف مع الشمعة الخامسة / علي عبد الباقي

mothaqaf-m1عرفنى الروائى والشاعر الأستاذ السنباطى بالمثقف .. عرفنى به بعد منتصف الليل بعد عودتنا من ميدان التحرير .. كان المسمار الصدئ قد خُلع من دولايب مصر الحرة توا ..

كانت رؤوسنا لم تزل تشتعل بالدهشة والرجفة والفرحة مما تحقق على أيدى ثوار شبان .. فتيان وفتيات، بلا قائد، وبلا نخبة وبلا طحن كلام .. وبينما كلنا .. كلنا وكأننا قد أُخذنا على حين غرة بما فينا "المسمار المخلوع"، والشعب بكل أطيافه، والغرة تختلف فيما بيننا حسب موقع كل منا بطبيعة الحال، وحسب أكنت معنا إلى الحرية والعدالة أو كنت معهم بين قطعان الجِمالْ والبغال التى أرادت إعادة مصر إلى الخلف لقرون.! .. جلسنا والسنباطى إلى الكمبيوتر ـ وكان ضيفى ليلتها ـ وإذا به يفتح على المثقف قائلا: أنظر، هذا موقع محترم .. سيعجبك .. فقلت له: أما زلت تعول على المثقف، لقد اعتمدت الثورة فى مصر الفعل لا الكلام .. كنت أقصد بالطبع المثقف بالمعنى العام، المثقف الذى فتح عليه الباب .. مع دخولى من الباب، يوما من بعد يوم، رأيت الذى نادى به المثقف من أخذه بالرأى دونما النظر إلى خلفيته الأيديولوجية أو انتماءاته الثقافية حق واقع، وماثل أمامنا بالفعل .. ويقول السيد رئيس التحرير لكل المهمشين أن تعالوا وأنا أريحكم من القيب ومن كل الخطوط الحمراء التى تبيتكم كمدا .. والمهمشون فى بلادنا كثر .. ليسوا كثر بفعل تلك الأسباب، وإنما كثر لأسباب أخرى، منها تجنى المثقف على أخيه المثقف بفعل الشللية، والعلاقات العامة مثلا، والكرباج فى هذه الحالة الأخيرة يكون أكثر إيلاما مما عداه من أسباب أخرى .. أنا أعتقد أن التفاوت الرهيب بين المثقفين لربما عائد إلى هذه الأسباب الأخيرة بأكثر بكثير جدا من كل ما عداها من مقص الرقيب ومن كل الخطوط الحمراء  .. ولربما همّش عندنا المثقفون أنفسهم، وباعدوا بينهم وبين الشعب بسبب هذه الأسباب ذاتها .. تهميش المثقف لنفسه بتهميش المثقفين الآخرين يفقدنا جميعا المصداقية، ويجعلنا جميعا وكأننا ننفخ فى قربة مقطوعة، أو كأننا كمن يحارب طواحين الهواء، وبعدها نتباكى ونسأل: لم لا يقرأ الناس.؟ .. ولا يقرأون لأنهم يروننا فى مشاجراتنا وفى عدم اجادتنا لفنون الحوار .. يروننا فى محافلنا وفى صحفنا وفى مهرجاناتنا وفى .. وفى ...الخ ..  أفمن أجل ذلك أكد موقع المثقف على احترام الرأى والرأى الآخر.؟ .. لكن ما شعرت أنه ينقصنا هنا ـ وهذا نقد ذاتى، لا دخل للموقع فيه ـ هو عدم التفاعل بين رواد الموقع فيما يكتبون .. أشعر كثيرا أن كل واحد يودع ما كتب هنا، وكأنه أودع مالاً فى بنك تحت رقم حساب سرى وممنوع أن يقترب منه أحد .. لعل السبب فى ذلك هو أننا كمثقفين لم نزل نخشى الحوار والنقد، فلم نزل تشخصن النقد، ولم يزل مرتبطا عندنا بالعوامل الشخصية، ونعجب عندما نتذكر المعارك الفكرية والأدبية بين قادة الفكر والأدب فى القرن الماضى، وقد كانت معارك تنفتح فيها كل المصاريع على مختلف القضايا، وكانت تشد إليها أدباء ومفكرين كبار كالعقاد وطه حسين والرافعى وزكى مبارك .. الخ، وكم أثرت مثل تلك المعارك من حياتنا الفكرية .. فلماذا ليس بمقدورنا دائما البناء على ما خلفه لنا الآخرون، وعلى عاتق مَنْ يقع مثل هذا العجز.؟ 

هل يستطيع المثقف الأليكترونى وغيره من المواقع تدارك مثل هذ الأمر، وحل إشكالية مثل هذه.؟ .. هل تقع الثنائية هنا بين ما هو مطبوع وبين ما هو أليكترونى ـ أم الإشكالية يطالها ويعقد منها تكوين العقل العربى وبنيته ذاتها .. وهى البنية التى لطالما لم يستفد منها إلا أنظمتنا العاجزة المستبدة..(!)  ولم يزل السيد رئيس التحرير ينادى دون كلل : تعالوا معشر المثقفين إلىّ وأنا أريحكم .. سنأتى لنسترح عندك سيدى

 

احترامى وتقديرى

على عبد الباقى

خاص بالمثقف

..................................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: المثقف .. خمس سنوات من العطاء والازدهار: 6 / 6 / 2011)