 مناسبات المثقف

المثقف والثقافة...

hasanhatam almathekorالثقافة قد تكون مفردة متواضعة في جماليتها وقد تكون صرخة قهر بوجه الأنكسار او ربما صدى زفير البركان القابع في التاريخ الوطني للمثقف العراقي، في جميع الحالات انه نـداء لمواكحة تيار الأنتكاسة تشترك في اعلانه هيئة تحرير وكاتب وقاريء ناقد، ضمن تلك الأسرة الجميلة وبمناسبة الربيع العاشر لصدور صحيفة المثقف، لا اريد ان اسطر مديحاً طاريءً بقدر ما احاول الذهاب مع الذاكرة في رحاب التاريخ اللامع للثقافة العراقية في زمن تشظت فيه القيم كالزجاج.

الثقافة قد تكون التراث المعرفي الذي لا يُسرق ولا يُزور ولا يُهرب، انه الحقائق التي تتوالد من صميم المعاناة المجتمعية والأشعاع الذي لا يترك للردة فرصة السكينة في عتمة الخراب من دون ان يعريها او قد يكون الفعل الذي يحاصر الأنتكاسة بروح الحقائق وحراك التغيير الحداثي وهو الساقية التي لم ولن يتوقف زلالها المعرفي منذ الاف السنين، الحياة لا حياة فيها بدون تواصل شريان الثقافة الوطنية، واذا ما توقف (احياناً) فيصبح الواقع تابوتاً يتوارثه مفتعل البكاءيات.

قناعتي كقاريء متابع، ان صحيفة المثقف ستتواصل لعشرة اعوام قادمة واخرى بعدها وستحتفل بقادمها اجيال من المحررين والكتاب والقراء تنتمي الى قيم كانت جمرة وعادت شعلة رافدينية من داخل رماد التردي مزهوة بتاريخها غنية بحاضرها، تراكم حضاري يضيء خارجه من وهج داخله، مرحلة ينهض فيها المثقف من كفاءة ونزاهة وشجاعة بكامل شروط وظيفته المجتمعية فلا سر لمواقف المثقف وقناعاته امام الحقائق الوطنية.

المثقف مخيلة المجتمع ووحي الواقع ومعجم التراث وقاموس الذاكرة، من خارج وظيفته يحدث الأنكسار وتتسع الفاجعة، هو المسافر دائماً في اعماق الماضي يبحث عن تراث الأمة لتعود قافلته محملة بالحقائق التاريخية (هذا تاريخ اجدادكم خذوه واقرأوه ثم اعيدوا كتابته كما هو وازيلوا منه ما ليس منتسباً اليكم) هذا هو المثقف وتلك هي الثقافية وحدهما يجنبا الأمة همجية الطوفان الجاهلي وعتمة اعصار الردة.

لهذا سأتواصل مع صحيفة المثقف ابحث فيها لرمد البصيرة عن ضمادات في نتاج كتابها واضافات قرائها، سيساعدني الأمر على رؤية الطريق الذي يأخذ بيدي اليّ في داخل (الأنا العراقية) واحتضن وطناً كما يحتضن المتعبد قبة امام تأله في ضميره، وعلى صفحات المثقف ابحث دائماً عن شيء تولد عنه الأشياء، نص يلغي النص في قصيدة شاعر او لوحة تواكح مقدس اللامعقول وتراكم الغباء المجتمعي او فلكلور شعبي يزيل تراكم الأحزان ومجانية الكئأبة  عن فرح نستحقه.

عندما يلتقي المثقف والمثقف على صفحات المثقف وفي حضور القاريء الذي يعرف ما يريد تولد الثقافة ولا يمكن هنا ان تكون الولادة عفوية في العراء فهناك خيمة ومناخ ربيعي توفرها اسرة التحرير، وعندما نتحدث عن تجربة العشرة اعوام من عمر صحيفة المثقف ستكون الأشارة صريحة الى العمود الفقري الذي تتماسك حوله تلك الأعوام، انه اسرة التحرير، هنا يجب الأشارة ايضاً، على ان انتاج الثقافة الوطنية ليس امراً يسيراً، لكنه للمستحيل نقاط ضعفه تلك التي نفذت منها العشرة اعوام من عمر صحيفة المثقف.

في اجواء تلك المناسبة، ستقف المثقف واسرة تحريرها وكتابها وقرائها في مواجهة العشرة اعوام القادة، مخاض جديد سيثمر ولادة جديدة واخرى جديدة غنية بالعطاء. 

 

حسن حاتم المذكور

 

للاطلاع على مشاركات ملف:

المثقف 10 سنوات عطاء زاخر