 مناسبات المثقف

(صَحيفة المثقَّف) .. امكانيَّات ثَّقافيَّة ومهنيَّة

mohamadjawad sonbaمُقدِّمة تاريخيّة موجزة: بعد فترة وجيزة، من احداث الاحتلال الأمريكي للعراق في نيسان 2003 ، ظهرت في العراق عموماً، وفي العاصمة بغداد خصوصاً، حالة انتشار كَمّ كبير من الصحف المطبوعة. قُدِّرَت أعدادها في حينها بـ(165)، صحيفة مطبوعة، غالبيتها تَصدر يومياً، والقليل منها يَصدر اسبوعياً.

هذا العدد الكبير في النشر الصُحفي، وضع المثقَّف العراقي الواعي، أَمامَ فضاءٍ واسع جداً، يَستطيعُ عِبرَهُ أَنّْ يُحقّق نشر آرائه البناءة الهادفة، للاسهام في نشر الثقافة الناضجة، في صفوف الجماهير العراقية المحرومة. لكن سرعان ما اكتشفَ المثقَّف العراقي الهادف، إِنَّ هذا الكمّ من الصُحف، يُخفي وراءَه نوايا، لا يُطيقها المثقَّف الملتزم، بخط فكري وطني مستنير.

فقسمٌ من هذه الصُحف، كان الهدف من إِصدارها، التكسّب المادّي، باستغلال الظروف الساخنة، والمتوترة التي كان يمرُّ بها العراق آنذاك. فكان هذا النوع من الصُحف، زاخراً بالاخبار غير المؤكّدَة، والاعلانات الكاذبة، التي تتناغم، مع الاحتياجات الآنيّة للمواطن العراقي المأزوم. هذه السياسة الصَحفيّة الانتفاعيّة، أَتّقنت فنَّ غش المواطن واستغلاله، فأَصبحت من حقنا أَنْ نُصنّفَها، بأَنها صَحافة سوداء.

والقسمُ الثاني من هذه الصُحف، كان مرتبطاً بصورة وأُخرى، بالاحزاب السياسية التي كان عددها، لا يقلّ عن اعداد الصُحف الصادرة وقتذاك.

 

خيارات صعبة واجهها المثقَّف الملتزم

لقدّ وجد المثقّف العراقي المستقلّ، المنتمي للخطّ العراقي الوطني، نفسهُ أَمامَ خيارين احلاهما أَمَرُّ من العَلقَمّ، هما:

أَمّا أَنْ يكون دَجّالاً، ويسيرُ مع منهج الصُحف السَّوداء. لتكونَ تلك الصُحف، مساحته التي يَطرح فيها أَفكاره، وهذا يتنافى مع مفاهيم الانسان الحُرّ.

أَو أَنّْ يكونَ منتمياً (بلا قناعة) لأَحد الأَحزاب، حتى تكونَ صحيفةُ هذا الحزب أو ذاك، نافذةً يطلُّ المثقف الملتزم، من خلالها للتواصل مع الجمهور. وتلك طامّة كُبرى. حيث سيضَعُ المثقف الواعي، ثروته الثقافيَّة والفكريَّة وقيمه الأَخلاقيّة، في جعبة الحزب السياسي الذي سينتمى اليه (قسراً)، ليتصرف الحزب بها، ويوجهها حيث يشاء، وهذا ما لا يطيقة، أي انسان بسيط يحترم ذاته، فكيّف الأمر بحملة لواء الفكر والثَّقافة والمعرفة؟.

ان تجربتي الخاصة جعلتني أُجزم متأكداً، بأن جميع الآفاق، التي يريدُ المثقفُ الرّسالي سلوكها، للوصول الى ذهن المتلقي العراقي، قدّ انسدّت بوجهه تماماً. لكن بصيصاً من الأَمل انبلجَ أَمامَ العراقيين. ففي عام 2005 – 2006 بدأَت تظهر في بغداد، لوحات اعلانيّة معلّقة، على بعض الأَماكن، كُتِبَ عليها (مقهى انترنت).

 

القَرّْصنةُ الالكترونيّة

أَخَذتُ أَرتاد بعض هذه المقاهي، لأَنفتحَ على أُفُقٍ واسعٍ جداً، من الفضاء المعرفي والثَّقافي، المتنوّع في المصادر ، والمتعدّد في وجهات النظر. وللحقيقة يجبُ أَنّْ أُشيرَ في هذه العُجالة، بأَنَّ الصَّحافة العراقيَّة السوداء، وصَحافة الأَحزاب، لمّْ يَفُتّْها هذا الفضاء، لا بلّْ كانت سبَّاقةً، قبل غيرها اليه، لأَنها وجدت فيه، مَعيناً ثرّاً تصّطادُ منه، المعلومات الصالحة للنشر في صحفها، دون أَيّ عناءٍ يُذكر.

لقدّ بَدأَت مرحلة القَرصنة الصَحفيّة من الانترنت، وأَصبحَ موضوعُ اصدار صَحيفة، أَسهلَ من السابق بكثير. فاستطاع بعضُ الاشخاص اصدار صُحف، بكادر يتكون من شخصين، أَحدهما يجيّد استخدام الحاسوب، لاصطياد المعلومات المختلفة من الانترنت، والثاني يقوم بتصميم صفحاتها على برنامج (الكوريل درو)، ومن ثمَّ تسليمها للمطبعة ثم للموزعين.

 

تَجربتي الجَديدَة

الأَنترنت، هذا الفضاء الالكتروني الكبير، وجدت فيه ضالَّتي، لأُحقق رغبتي عن طريقه، لإِيصال رسالتي الثَّقافيَّة، الى مَنْ يُحبُ الاطلاع عليها. وللأمانة ففي صيّف عام 2006، كنت أنشر مقالاتي، على صفحة موقع الكتروني اسمه (الملف). وكان مدير هذا الموقع الالكتروني، الكاتب الاستاذ الدكتور سليم الحسني المحترم. فأرشدني هذا الاستاذ الفاضل، بالتوجه الى صفحة موقع (صَحيفة المثقَّف)، لأنشر كتاباتي على صفحته، وأخبرني الاستاذ الحسني، بأَنَّ موقع (صَحيفة المثقَّف)، لا يشترط على الكتّاب، أنّْ لا ينشروا كتاباتهم بموقع آخر، بعد نشرها على صفحته. وعندما أَخذت أَقرأ، المقالات المنشورة على صفحة (صَحيفة المثقَّف)، وجَدّْت أُمنيتي، التي طالما انتظرتُ تحقيقها. لقد عثرت في (صَحيفة المثقَّف)، على مميزات، لابدّ لي من ذكرها، كالتالي:

 

مُميّْزاتُ (صَحيفة المثقَّف).

1. الأَعمُّ الأَغلبُ من كُتّاب (صَحيفة المثقَّف)، كُتَّابٌ يمتازون بالنُّضج الفكري، والتَّنوع الثقافي، والخصب المعرفي.

2. (صَحيفة المثقَّف)، لا تَضعُ شروطاً على الكاتب، سوى التزامه بمقومات، ومبادئ النشر الاعلامي الصحيح. والتأكيد على رقي مستوى الأَفكار المطروحة، وعدم التجاوز على آراء، ومعتقدات وقناعات الآخرين .

3. ابتعَدَتْ (صَحيفة المثقَّف) تماماً، عن شرط احتكاري مزعج، كان في حينها تشترطُه، أَكثر ادارات المواقع الالكترونيّة. والشرط هو: (على الكتّاب. أَنّْ لا يقوموا بتكرار نشر مواضيعهم، على صفحات مواقع الكترونية آخرى، في حالة نشره على موقع معين).

4. المهنيَّة التي تميَّزت بها (صَحيفة المثقَّف)، حرصتْ على طَرد الغَثِّ من المواضيع، وتقديم السَّمين منها لقرّائها.

5. امتازت (صَحيفة المثقَّف)، بخاصيّة التنوّع في نشر المواضيع، فيجدُ المتصفحُ مواضيعَ مبوَّبَة، على النَّحو التّالي: (سياسية، آراء، قضايا، أدبية، فنون، دراسات وبحوث، نقدّ، كتب واصدارات ....الخ).

6. لقدّ حَرَصَتّْ ادارة موقع (صَحيفة المثقَّف)، على انشاء حقلٍ مُخصصٍ على الصفحة الأولى لموقع الصَحيفة، يحمل عنوان (كتّاب مشاركون). وهذا الحقل، عبارة عن أَرشيف يُوثِّقُ ويحتَفِظُ، بكلِّ نتاجات الكتاب،الذين ينشرون كتاباتهم، على صفحة موقع (صَحيفة المثقَّف).

 

الخاتمة:

إِنَّ الإِسلوبَ العلمي، والمعايير الاعلاميَّة، والمنهج الفكري الرصين، والمسلك الثقافي المتعدد في الرؤى، والمتنوع في الطرح، والمتجددّ في القراءآت، كلّها كانت عوامل فاعلة وناجعة، اجتمعت في السياسة الاعلاميَّة، التي انتهجتها ادارة مؤسسة (صَحيفة المثقَّف). وذلك بوَّأها لتحتلَّ مكانة الريادة والأَوَّليّة، بيّن المواقع الأَلكترونيَّة العراقيّة والعربيَّة.

أُمنياتي لادارة (صَحيفة المثقَّف)، بدوام النجاح، واستمرار التَّقدُّم، خدمة للحركة الفكريَّة والثَّقافيَّة، الموجهة لمجتمَعنا العراقي خُصوصاً، وللمُجتمعات العربيَّة عموماً، والله تعالى وليُّ التَّوفيق.

 

مُحمَّد جَواد سُنّْبَه - كاتب وباحث عراقي

 

للاطلاع على مشاركات ملف:

المثقف 10 سنوات عطاء زاخر