 مناسبات المثقف

التفاعل اليومي مع منشورات صحيفة المثقف

saleh altaeiبمناسبة مرور عشر سنوات على انطلاق صحيفتنا وبيتنا الافتراضي (صحيفة المثقف) أزف أجمل التهاني والتبريكات إلى الأخ ماجد الغرباوي وأسرة صحيفة المثقف وجميع كتابها وروادها وأصدقائها، متمنيا لها ولهم عمرا مديدا عامرا بالعطاء شامخا بالبناء مفعما بالثراء.

طويلة هي العلاقة التي تربطني بصحيفة المثقف، فهي تعود إلى الأيام الأولى التي تعلمت فيها استخدام الانترنيت، وعلى يديها تفتحت مواهبي في النشر الالكتروني، وذلك من خلال مزاملة ومجايلة النخبة التي كانت تكتب فيها.

لم تكن الكتابة في صحيفة المثقف مجرد عمل روتيني تنقطع علاقة الكاتب به بمجرد أن تُنشر المادة، بل كانت تبتدئ بشكل فعلي منذ اللحظة التي تظهر فيها المادة على صفحة العدد، حين تتناولها النخبة بين ليِّن متسامح، أو محب مجامل، أو متشدد منفعل، وتقوم بتفحصها وتفكيكها، ومن ثم التفاعل معها غالبا بمهنية لا تجد لها نظيرا في المواقع الأخرى.

هذا التفاعل بالذات هو ما أطلقت عليه في عدة مقالات كتبتها اسم (فن المداخلة)، ومن هنا كان التفاعل مع الموضوع يترجم على أرض الواقع أفكارا ورؤى ونقدا وتقويما وتأييدا واعتراضا وربما عدوانية شرسة أيضا.

لم تكن إدارة الصحيفة ممثلة بسادنها الأستاذ ماجد الغرباوي تتدخل لتوجيه المداخلات إلى جهة ما، ولم تكن تعترض على مداخلة ما حتى لو كانت تخالف نهج الصحيفة ولكنها لا تمس الذوق العام، كانت الإدارة ترصد وتراقب سير واتجاه المداخلات والتفاعل مع الموضوع، وتقيس درجة سخونتها، وحينما كانت الأمور تتأزم أو تكاد تصل إلى درجة القطيعة، وهذا ما حدث كثيرا سواء مع زملاء أو مع قراء خارجيين، يثيرهم الموضوع، فيتفاعلون معه بحماس، وربما بعصبية تصل في بعض مفاصلها إلى التطاول، كان الأستاذ الغرباوي حكما دوليا، يقف على الخط متحفزا، ليشهر إما كارتا أصفر بحذف المداخلة المخالفة لمقاييس الآداب العامة، أو يشهر الكارت الأحمر، فيوقف المداخلات على الموضوع، ويعتذر عن نشر أي مداخلة جديدة.

أما استمرار التفاعل مع المادة فقد كان أحيانا يمتد إلى أسابيع بحيث ترفع المادة من مكانها لتأخذ حيزا في منطقة اسميناها (البقعة الساخنة)، أتذكر أن الأستاذ الغرباوي فتحها باقتراح مني، وفي هذه البقعة لبث أحد مواضيعي مدة طويلة، جمعتُ المداخلات عليه فبلغت (104) صفحات (A4)، وهذا يعطيكم صورة عن حجم ونوعية التفاعل اليومي مع ما كان ينشر في الصحيفة.

إن للمداخلة في صحيفة المثقف لذة حقيقية تُشعرك بالرضا عن نفسك حتى ولو لم تكن في صالحك، لأنك تشعر حينها أنك نجحت في إثارة شخص ما، فأرضيته أو أغضبته، وتتناسب درجة رضاك مع تصاعد عدد المتداخلين المُثارين أو المنتشين.

ومنذ سنتين أو أكثر، بعد أن رحلت وجوه، وحلت وجوه، وتبدلت وجوه، بت أفتقد تلك الألفة الحميمية التي كنت أشعر بها وأنا أرد على المداخلات، لسببين:

الأول: قلة عدد أو فقدان المتداخلين، حيث يقتصر عدد المتداخلين على مواضيعي مثلا على الأخ الدكتور صالح الرزوق والأخ الأستاذ جمعة عبد الله، وفي أحسن الأحوال لا يتجاوز عدد المتداخلين الخمسة أشخاص بعضهم لا أعرفه أساسا، وبعضهم الآخر من أصدقائنا القدامى.

الثاني: أن هناك طبقة متشددة أفرزها الخلاف الفكري والعقدي في المجتمع العراقي، بدأت تتداخل مستخدمة كلمات نابية سوقية قذرة، تستفز المرء أحيانا، وتكاد تجره إلى منازلة لا تليق به.

أما أجمل ما قام به الأخ الغرباوي فهو آلية إرسال المداخلة إلى الطرف المعني ليقرأها قبل النشر، فإن وافق عليها يتم نشرها وإلا فتحجب ولا يعلم بها أحد.

والأجمل من كل هذا أن تكرار المداخلات والتفاعل معها خلق بيننا نوعا من الألفة والمحبة الصادقة، تحول إلى صداقة متينة، فعن طريق صحيفة المثقف وعن طريق المداخلات، كسبنا عددا كبيرا من الأصدقاء النبلاء العمالقة الذين زينوا حياتنا بالجمال في زمن عز فيه الجمال....

أما قمة الجمال فتتمثل ببقاء صحيفة المثقف زاهية شابة فتية بتقادم الأيام ومرور السنين، وهو أمل يستفز فينا رغبة الدعاء لندعو لها ولسادنها بشباب دائم وصحة دائمة.

 

صالح الطائي

 

للاطلاع على مشاركات ملف:

المثقف 10 سنوات عطاء زاخر