صحيفة المثقف

نصوص من المنفى

باردة كانت الرياح، التي تعصف بالسفينة،

أثناء ما كانت تبحر فوق المياه.

 

قاسية كانت الحياة في هذه السنوات الثلاث،

باردا كان الشتاء.

 

هذه القصيدة كتبها اريخ فريد في عام 1941 في منفاه الانكليزي في مدينة لندن ـ رغم بساطتها ـ فقد عكست إحساس الكثير من الكتاب الذين اضطروا للهرب من النمسا وألمانيا وعاشوا في الغربة في بداية الثلاثينيات من القرن العشرين بعد وصول النازية إلى ألمانيا وضم النمسا لها عام 1938 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية. وكانوا كل الذين هربوا منذ عام 1933، أي عند استلام هتلر وحزبه السلطة، سواء كانوا كتاب أو شعراء أو فنانون، قد ظنوا، في بادئ الأمر، بأن ما تمر به ألمانيا ليس إلا أزمة عابرة، لهذا، فإن ألكثير من هؤلاء قد توجهوا إلى دول مجاورة أملا بعودة قريبة. لكن علاقات هتلر الخارجية، خصوصا تلك الاتفاقية التي أبرمها مع الفاتيكان ودورة الألعاب الاولمبية التي أقيمت في ألمانيا عام 1936 إضافة إلى اتفاقية ميونخ، التي وقعت عليها كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا، واندلاع الحرب الأهلية الاسبانية وقيام دكتاتورية فرانكو، قد بدد أي أمل كان يراود هؤلاء بالعودة إلى وطنهم. 

 

وعندما بدأت القوات النازية باكتساح الدول المجاورة لها بدأ أيضا هؤلاء اللاجئين بالهروب، خوفا من أن يقعوا في قبضة هذه القوات  والبحث من جديد عن أماكن لجوء أخرى. ولقلة الدول الأوربية التي تمكن هؤلاء الهاربون من جحيم النازية في اللجوء إليها، اضطروا إلى البحث عن دول تقع عبر البحار كالقارة الأمريكية الشمالية والجنوبية وبعض من دول أسيا (الصين/ شنغهاي).

 

لم يحمل الشاعر معه، آنذاك، وهو في طريقه بالبحث عن مكان آخر للإقامة فيه دون خوف بعيدا عن أيدي الغستابوا " ومعسكرات الاعتقال والإبادة البشرية " ربما " لاشيء " سوى الذاكرة وصورة المكان، الذي ربما سيعود إليه في يوم ما ثم القدرة على الكتابة، التي تمكنه من الإحساس بوجوده ككائن مثل الآخر له همومه في معايشة الواقع، الذي هو جديد بالنسبة إليه، واقع الغربة والخوف من المجهول، الذي نراه واضحا في قصيدة " المدينة الغريبة " للشاعرة الألمانية إيرمغارد كوين " Irmgard Keun " (1905 برلين ـ 1982 كولن)، التي منعت النازية في ألمانيا من تداول مؤلفاتها، حيث وضعتها في القائمة السوداء وقامت بحرقها إلى جانب الكتب الأخرى واضطرت في الآخر من الهروب إلى بلجيكا والإقامة فيها حتى دخول الجيش الألماني إليها، والهروب ثانية، ولكن هذه المرة (في الاتجاه المعاكس)، إلى ألمانيا حيث أخفت نفسها هناك حتى عام 1945 أي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

مدينة الغربة

دعيني أخفي نفسي خلف جدرانك،

دعيني أن أكون تحت سقفك في أمان...

ساعة واحدة

أو ربما أقل .

حزين أنا،

مدينة الغربة،

جوع، وكلاب

يطاردان البائس الفقير،

فلا تطاردينني، أيضا، أنت، يا مدينة الغربة.

دعيني أضع الرحال تحت سمائك الممطرة،

أيتها المدينة الغريبة.

أما الكاتب والصحفي النمساوي يوسف روت (1894 ـ 1939)، الذي ترك ألمانيا في نفس اليوم الذي وصل فيه هتلر إلى السلطة والإقامة في بلجيكا أيضا، والذي توقع برسالة كتبها إلى ستيفان تسفايج، بأن " العالم يتجه نحو كارثة كبيرة، وأن ما يحدث في ألمانيا الآن سوف يقودنا إلى حرب جديدة. لقد تمكن هؤلاء البرابرة من أن يصلوا للسلطة. " فقد تمكن من الوصول إلى فرنسا والإقامة في باريس. ومنعت كتبه من التداول وكان نصيبها الحرق أيضا. ومات يوسف روت عام 1939 فقيرا في إحدى المستشفيات الباريسية المخصصة للفقراء. ولم يتمكن شتيفان تسفايج من القبول بالأمر الواقع عما يحدث في القارة الأوربية، عندما ترك بلجيكا متوجها نحو البرازيل حيث انتحر هو وزوجته عام 1942 في بتروبوليس. أما الغجري أودين فون هورفاث، الكاتب النمساوي، فقد كان الموت بانتظاره في واحدة من ساحات باريس، بعد أن ترك أمستردام، إذ سقطت على رأسه فرع شجرة على اثر هبوب رياح قوية أودت بحياته على الفور (1938). أما روبرت موسيل (Robert Musil)، الذي ترك النمسا عام 1938 متوجها إلى سويسرا والإقامة في زيورخ، فقد مات فقيرا (1942) إلى جانب كتاباته التي لم تجد طريقها إلى السوق إلا بعد مماته، حيث وضعت في مطاف الأدب العالمي. وهكذا نرى أن قيام الحرب الأهلية عام 1934 في النمسا ووصول النازية في ألمانيا إلى سلطة عام 1933 سببا إلى هروب الآلاف من المثقفين (كتاب، شعراء وفنانين) من كلا البلدين خوفا من بطش السلطة. أدناه نصوص لشعراء عاشوا المنفى وكتبوا عنه.

 

 2 - نصوص هيلدا دومين Hilde Domin 1909 ـ 2006

شاعرة ألمانية ولدت في مدينة كولن (K?ln) في اليوم السابع والعشرون من شهر تموز عام 1909. درست القانون ثم علم الاقتصاد النظري، علم الاجتماع والفلسفة (كارل ياسبر وكارل مانهايم) في هايدلبيرغ، برلين بعدها توجهت عام 1932، ولأسباب سياسية لانتمائها إلى الحزب الاشتراكي الألماني، إلى إيطاليا (فلورنسا وروما) وأنهت دراستها عام 1935 في مدينة فلورنسا بأطروحة حول (Pontanus als Vorl?ufer von Machiavelli). وعلى أثر صدور قانون " التميز العنصري/ الطائفي في ايطاليا لم تتمكن هيلدا دومين من البقاء في هذا البلد لكونها كانت تعتنق الديانة اليهودية وعضويتها في الحزب الاشتراكي الألماني،  فتوجهت إلى انكلترا، التي لم تمكث فيها غير سنة واحدة (1939/1940) بعدها سافرت إلي جمهورية الدومنيكان ومكثت بها حتى عودتها إلى ألمانيا في عام 1954، حيث مارست هناك مهنة تدريس اللغة الألمانية في جامعة سانتو دومينكو.

 

بدأت هيلدا دومين كتابة الشعر في عام 1951 بعد وفات والدتها، وكان أول ديوان شعري صدر لها عام 1955 بعنوان " الخريف السرمدي " بعدها صدرت لها الكثير من المجاميع الشعرية (14 ديوان) منها " أين هي شجرة اللوز " (1957)، عودة السفينة (1962)، " هنا " (1964)، أريدك (1970) و " بيت دون نافذة " . إلى جانب كتابة الشعر فقد كتب أيضا القصة " الجنة الثانية " ومقالات حول الأدب كان أهمها " لماذا الشعر اليوم ...؟ ".

 

جهزت لي غرفة في الهواء

تحت حركة البهلوان والطيور:

فراشي على أرجوحة تهتز

مثلما تهز الرياح عش عند نهاية غصن.

 

اشتريت لي غطاء من صوف خراف ناعم

تمشي على أرض

مثل غيمة متألقة

عندما تمر من تحت ضوء القمر.

 

أغمض عيناي وأدثر نفسي

في فرو هذا الحيوان الوديع.

رغبتي إحساس بذرات الرمل تحت حوافر صغيرة

وأن أسمع صوت المزلاج،

الذي بغلق باب الحظيرة.

 

إلا إني كنت مستلقي على ريش طائر في فراغ يهزني.

يصبني الدوار. يبعد النوم عن عيني

يداي

تبحث عن مكان أريد أن اسند نفسي عليه

إلا أني لم أجد إلا زهرة (Rose) أمسكت بها.

 

في الظلام 

 

بعثت يدي إلى الظلام

والأصابع تبحث عن ضوء

ترتجف خوفا من المجهول.

 

وعندما جمعت أصابعي

إلى الداخل على راحة يدي

أحست بأمان مثل ما تحس

صغار الكلاب حينما تكون عند حلمة ضرع الأم.

 

روزا آوسلندر Rose Ausl?nder  1901 - 1988

معجزة

نحن موتى

إلا أننا لازلنا نعيش

ولدت روزا آوسلندر (روزاليا بياتريك) في الحادي عشر من شهر أيار عام 1901 في مدينة جيرنوفتس (Czernowitz) التي كانت تابعة آنذاك إلى الإمبراطورية النمساوية ـ الهنغارية. هربت أو هاجرت إلى مدينة فيننا عاصمة الإمبراطورية ودخلت مدرسة إعدادية التجارة. في عام 1919 وبعد انهيار الإمبراطورية عادت إلى وطنها الذي صار له اسم " رومانيا " وبعد سنتين من إقامتها في جيرنوفتس، أي في عام 1921 سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية والإقامة في مدينة نيويورك وهناك تزوجت صديق صباها اغناس آوسلندر ولن تدم هذه العلاقة الزوجية سوى سبعة سنوات بعدها تم الانفصال وعادت إلى جيرنوفيتس وبعد إقامة سنتين في هذه المدينة ذهبت إلى بوخارست وبقت هناك سبعة سنوات عند عودتها إلى جيرنوفيتس عام 1940 وبعد دخول القوات النازية إلى هذا البلد أجبرت على الإقامة في الغيتو (Getto). في عام 1946 تمكنت مرة أخرى من السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبقت هناك حتى عام 1964 وعادت إلى أوربا حيث استقرت في بادئ الأمر في مدينة فيننا العاصمة النمساوية، إلا أنها تركتها بعد سنة من الإقامة فيها وتوجهت نحو ألمانيا، معللة هذا " زيادة العداء للسامية في هذا البلد ".

استقرت روزا آوسلندر في مدينة ديزلدورف وفي عام 1972 سكنت في واحدة من بيوت العجزة وبقت هناك حتى وفاتها في اليوم الثالث من كانون الثاني من عام 1988.

بدأت الكتابة في اللغتين الانكليزية والألمانية وكانت ما تكتبه أنذلك ينشر في الصحف، ألا أن أول ديوان شعري صدر لها كان عام 1939 بعنوان " قوس قدح " (Der Regenbogen) وبعد فترة طويلة، تجاوزت الخمسة والعشرين سنة صدر ديوانها الثاني وهو يحمل عنوان " صيف أعمى " (Blinder Sommer) عام 1965. أن هذه المسافة الزمنية الشاسعة بين صدور الديوان الأول والثاني يعود إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية واحتلال القوات النازية للمدينة التي كانت تعيش فيها الشاعرة الذي ترتب عنه إرسالها إلى العمل الإجباري وهروبها واختفائها فترة طويلة في واحدة من الأقبية وكان معها، كما ذكرت هي، الشاعر باول تسيلان، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ضياع جميع ما كتبته في تلك الفترة تقريبا.

 

في المنفى

يوم في المنفى

بيت دون أبواب ونافذة

 

على لوحة بيضاء

سجل عليها بفحمة:

الزمن

 

في الدولاب

أقنعة من الوجوه الميتة

آدم

أبراهام

وأسماء أخرى من يعرفها.

 

يوم في المنفى

حيث تنحني الساعات

كي تخرج من ظلمة السرداب إلى الغرفة

 

ظلال

تجتمع حول ضوء أبدي لفانوس زيتي

تروي حكاياتها

بأصابع عشرة مظلمة

على امتداد الجدران.

 

كتابة II

حروف

تخط نفسها في داخلي

تزورني

مقطوعة النفس

أحتضنها

تدور من حولي

أكتب محاورها.

 

شكل

نخترع حروفا

وتلك الأشكال

التابعة لها

 

تتوارى في ثقوب من الطين

نأخذ كتلة منه

نعجنه

نعجنه

حتى يصير كلمة

ثم تتنفس.

 

لن أستغني

لن استغني

عن الأزهار والموسيقى

عن غضبي

من أجل الجياع

عن ابتسامة إنسان

عن كلمة غليظة وأخرى رقيقه

عن الوجود

في عالم غامض.

 

إلا أني، وبطيب خاطر،

استغني عن الموت

الذي لا

يستغني عني.

 

نسيان

نسيت نفسي

في مكان ما

هناك

بقى اسمي مركون

 

في النهر

صورة مشوهة

لا أستطيع أن اغرف منها

كي أضع قلة ماء

أمام باب بيتك

 

اشرب

من حنيني

الذي كان قد غرق

مطمورا تحت رمال البحر.

مارسيل بيلش

Marcel Pellich

1908 ـ 1945

 

ولد في مدينة فيننا عام 1908 وكان موظفا مسئولا على واحدة من المكتبات العامة، عندما دخلت القوات النازية النمسا عام 1938. هرب عبر إيطاليا إلى سويسرا والإقامة في مدينة زيورخ حتى وفاته عام 1945. ترك ورائه أعمال أدبية لم يتمكن من نشرها وهو على قيد الحياة منها قصة " العدسة المكبرة "، نص مسرحي (دراما) مأخوذا من " القصر " لكافكا إلى جانب ثلاث مجاميع شعرية صدرت له وهو على قيد الحياة.

 

الغرفة

في الغرفة وأنا في انتظار المساء،

مثل طفل ضائع يبحث عن صور،

حينما يتطلع في زقاق ضيق.

صور! .... أحلام وذاكرة

مثل دقات ساعة شبيهة بصوت حيوان أسطوري،

ودولاب ملابس له مرآة، كأنها قد عثرت علي من جديد

وعلى بعد

مائدة يجلس عليها إنسان وحيد.

 

الباب بلونه الرمادي،

الذي كانت والدتي تدخل منه،

ثم صديقي،

أصبح مهجورا،

لأن والدتي كانت قد ذهبت

وصديقي كان يمر من عنده، لا يريد رؤيتي...

وأنا جالس في غرفتي

وصورته صارت غريبة،

مثل صورة والدتي، الميتة،

المعلقة في هذه الغرفة.

 

ستيلا  روتنبيرغ Stella Rotenberg  1916

ولدت في مدينة فيننا عام 1916. في عام 1938، وبعد ضم النمسا إلى ألمانيا، التي كانت النازية إدارة لدفة الحكم فيها، منعت من الاستمرار في دراستها (دراسة الطب) لأسباب: أنها كانت تعتنق الدين اليهودي وإنها تنتمي إلى الحزب الاشتراكي النمساوي. وحينما تأكد لها بأن حياتها في خطر، تمكنت، في عام 1939، وبحجة البحث عن عمل، الهروب عبر الأراضي الهولندية والوصول إلى بريطانيا وهناك منح لها حق اللجوء السياسي. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وصل لها خبر قتل جميع أفراد عائلتها في معسكرات الاعتقال (المحرقة).

بدأت الكتابة عام 1940 وكانت أولى قصائدها (دون وطن) المذكورة أدناه. 

 

دون وطن

نحن نجلس على مجموعة كراسي ليست لنا.

نحن نأكل من صحون ليست لنا.

نحن نتحدث لغة غير لغتنا.

 

نحن لا نملك سوى شوارع مغبرة وقناطر ضيقة للعبور.

ولا لدينا سوى الرحيل من مكان إلى آخر،

مثل كائنات حية تتحرك لا جذور لها.

نحن لا وطن لنا.

 

سيرة حياة

ولدت

في زمن الحرب

في فيننا،

ماتت

في زمن الحرب

في طريقها إلى مينسك،

قتلت ضربا من قبل رجل أل S.S

من فيننا،

لأنها كانت عاجزة عن السير.

لم تترك اسما من ورائها،

ولا أثرا لجسدها

ولكن سوى

صرخة قصيرة.

 

صيف

عندما افترش ذراعك:

نصبح نحن العالم.

ابتسامتنا أشعة ضوء

لهثاتنا مثل هبوط وارتفاع أمواج البحر.

ورقصة الأفلاك السماوية

هي رقصتنا.

شفتاك مثل زهرة متفتحة

لي رغبة لامتلاكها.

 

          II

الحنين ينقلني من مكان إلى مكان.

أشجار صديقة،

القمر في الطليعة ينير الطريق،

والريح علامة ترشدني إليك.

 

الإنسان

الإنسان يكره:

             خصمه

             منافسه

             من يذله

             من يقهره

             محاكم التفتيش

             جلاده         

لكن أشد ما يكره الإنسان هو:

            ضحيته.

 

أوسكار ماريا غراف Oskar Maria Graf 1894 ـ 1967

شاعر ألماني ولد في (Berg am Starnberger See) التابعة لمقاطعة باير في اليوم الثاني والعشرين من شهر تموز عام 1894. مات في مدينة نيويورك (الولايات المتحدة الأمريكية) في الثامن عشر من شهر أكتوبر عام 1967. تعلم مهنة " الخبازين " عن أبيه. ثقف نفسه بنفسه من خلال المطالعة والقراءة. هرب في عام 1911 من البيت على أثر المعاملة السيئة من قبل العائلة متوجها متنقلا بين مدينة ميونخ، برلين وايطاليا حيث عاش حياة بوهمية ومارس الكثير من الأعمال المختلفة من اجل " لقمة العيش ". اقتيد عام 1915 إلى الخدمة العسكرية والمشاركة في الحرب العالمية الأولى، عصى، في واحدة من المرات، تنفيذ الأوامر العسكرية، التي حوكم على أثرها وصدر بحقه قرار، بإدخاله دار للمجانين، ولم يخرج منه إلا عام 1917 حيث شارك (في نفس السنة هذه) في ثورة أيلول والمجالس الجمهورية في باير واعتقل أكثر من مرة بعدها عين كاتبا للدراما في مسرح العمال في ميونخ. هرب عام 1933 عبر فيننا، إلى موسكو منها إلى تشيكوسلوفاكيا ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

 

رسالة من أب في المنفى إلى ابنته

طفلتي، أنتي تكتبين لي من الوطن،

أن الربيع يعود ثانية.

في الصباح عندما يضع المرء أقدامه فوق الحشائش المبللة،

هكذا تكتبين، تبدو الأرض وكأنها تزداد اخضرارا.

 

وعندما أقرأ رسالتك هذه،

أرى المزارع، الغابات والحقول،

صورة جميلة

مثلما هي، عندما كنت أسير فيها،

أحس بالسعادة

حين تخطر على الذاكرة.

 

تكتبين عن الحرب

مهزلة!

ردا على تلك الأخبار الكثيرة، يرددها الناس عنها.

نعم..! تقصدين أن أكثر كبار السن قد ماتوا

والشباب، عدد لا يحصى، صاروا عساكر

لأن الحرب، قريبا، ستندلع.

 

طفلتي، عند القراءة ينقطع نفسي!

هل هذا كل ما تعرفين...؟

لا حديث عن السلام أبدا...؟

الغابات والحقول وثمارها،

أراها أمامي، تبدو، وكأنها أرض مقفرة...!

لا بشر عليها...

 

...................

المصادر

1.Wolfgang Emmerich und Susanne Heil (Hg): Lyrik des Exils, Philip Reclam jun. Stuttgart 1997.

2. J?rg Thunecke (Hg): Deutschsprachige Exillyrik von 1933 bis zur Nachkriegszeit, Rodopi, Amsterdam - Atlanta, GA 1998.

3. Lukas Moritz (Hg): Deutsche Gedichte, Anacaonda Verlag 2005 K?ln.

4. Bettina v. Wangenheim (Hg): Vokabular der Erinnerungen zum Werk von Hilde Domin. Fischer Taschenbuch Verlag, Frankfurt am Main 1998.

5. Ute Hechtfischer, Renate Hof, Inge Stephan und Flora Veit-Wild: Aturinnen Lexikon. Suhrkamp Taschenbuch Verlag 2002.

6.  Erich Fried: Gesammelte Werke in 4 B?nden. Wagenbach Verlag 1998.

7.  Miguel Herz-Kestranek, Konstantin Kaiser, Daniela Strigl (Hg): In Welcher Sprache tr?umen Sie? ?sterreichische Exillyrik. Verlag der Theodor Kramer Gesellschaft 2007.

8.  Helmut Braun (Hg): Rose Ausl?nder, Gesamtwerke in 6 B?nden. Fischer Verlag Frankfurt am Main.

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1073  الثلاثاء 09/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم