صحيفة المثقف

عقلنة السياسة

السياسة "بهذا المعنى يوقعنا في مطبان كثيرة، منها أننا نعطي للسياسي الشرعية المطلقة والضوء الأخضر على أن يتصرف على هواه ويحكم بما يحلو له، فيسيق القوانين ويشرع الأحكام ويسيس الناس وفق منهجه وما يرتأيه هو ويقبله ضميره، بل أن السياسة يجب أن تتعقلن، ويكون السياسي ذو خطاب عقلاني وحس إنساني ووازع من ضمير، يعي ما يقول ويدرك ما يجري من حوله، من قضايا وأمور تتعلق في طبيعة عمله كسياسي يسير الأمور بحنكة ودراية، فكل شئ لابد وان يخضع الى العقل والوجدان، ويكون مدروسا ويرهم على كل المقاييس السياسية، وما يتطلبه الظرف الراهن الذي يعيشه السياسي ويتطلب منه حسمه بأسرع وقت ممكن، بشرط أن لا يداهن او ينحاز اوينجر الى عواطفه الشخصية واتجاهاته الفئوية او الحزبية او المناطقية، وان فعل ذلك فأنه قد خان شعبه ووطنه وثقة المواطن الذي صوت له ونادى باسمه .

للأسف الشديد، أن معظم السياسيين تأخذهم العزة بأنفسهم، ودائما ما يصيبهم الغرور فيشعرون بأنهم اكبر من حجمهم الطبيعي، وتأخذهم الخيلاء فيصدرون أحكاما وأوامر، في أحيان كثيرة، لا تخضع معظم هذه الأحكام والأوامر الى منطق العقل او التريث، على اقل تقدير .

فلذلك نراهم، بعض الأحيان، يتراجعون عن أمر قالوه او حكم أصدروه، ولاسيما اذا كان لهذا الكلام ردود افعال من قبل الرأي العام او غير الرأي العام، ويكون تعليقهم او اعتذارهم بأن يقولوا أن القصد كان غير هذا والمعنى ليس كما فسرتموه وان وسائل الإعلام قد حرفت المعنى الحقيقي.

السياسي الحقيقي يجب أن يكون عقلاني ويتمتع بحنكة سياسية ومنطق سليم يؤهله للمنصب الذي يستحقه، ويود أن يشغله لكي يدير دفة الأمور والقضايا التي هي بحاجة الى وجوده وقيادته، ولولاه لظلت الناس مثل السفينة في لجة البحر تتقاذفها الأمواج والأعاصير .لذلك نرى كثير من السياسيين قد فشلوا في اداء مهامهم السياسية ولم تسير الأمور بقيادتهم على ما يرام، بل قد تعقدت كثير من القضايا التي هي اقرب الى الحلول المناسبة التي لا تستوجب مزيدا من العناء،  والمواطن دائما ما يكون هو الضحية فيدفع الثمن من مستقبله.

ولا نريد أن نقول بأن السياسيين كلهم على حد سواء، بل فيهم الصالح والطالح فليس عبد الكريم قاسم كصدام حسين فالأول لازال الشعب العراقي يذكره فيترحم عليه، والثاني يلعنه ويدين أفعاله وما ارتكبه بحق الشعب.كما أن هنالك من السياسة على شاكلة هؤلاء، لكنا لذي يمتلك حنكة اكثر وعقل راجح هو الذي يفوز في نهاية المطاف ويكسب ود وثقة كل الناس.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1414 الثلاثاء 25/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم