صحيفة المثقف

حديث الرياح الأربع (*)

من تعرضّ القوات الإسرائيلية صبيحة يوم الإثنين 31/5/2010، لقافلة من السفن كانت متجهة لكسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة .

 كان المغزى من تلك العبارة  واضحاً، فهي إشارة الى ان  تركيا ليست  كالدول العربية التي عجزت طوال عقود عن ردع إسرائيل عمّا تفعله، وبالتالي على إسرائيل ان تدرك أنها أمام خصم من نوع مختلف لاتستطيع فرض إيقاعها وشروطها عليه كما فعلت   مع أنماط من أنظمة عربية مازلت تحكم وفق الأعراف القبلية، في عالم يتسارع نحو بنى سياسية تختلف جذرياً عما ألفه العرب  .

كانت إشارة أردوغان ترفع قبضتين: أحداهما تهدد، والأخرى تحمل راية

(ارتفع العلم التركي على سواعد مئات الألاف من المتظاهرين في أنحاء العالم، فطغى حتى على العلم الفلسطيني المحاصر في غزة) . 

هي لحظة الوصول الى الذروة في الدراما التي رسمتها تركيا بعناية فائقة وكرستّ فيها زعامتها للمنطقة، لقد فشلت سنوات من السعي التركي للإنضمام الى الإتحاد الأوربي، وكان ذلك درساً بليغاً تعلمّه الأتراك وصاغوه في مقولة " أن تكون تركيا دولة شرقية أولى، خير من ان تكون دولة أوربية أخيرة " .

نصف إستدارة تركية نحو الشرق العربي، كانت كافية لإشغال موقع محوري في منطقة تعاني كل دولة فيها من إشكاليات مختلفة المعالم والأوجه .

 منافسو تركيا المحتملون في المنطقة، هم خارج المنافسة واقعاً، فمصر منهمكة بمعالجة عجزها الإقتصادي والتزاماتها تجاه السلام الذي وقعتّه مع إسرائيل، والإهتزازات الداخلية في  مجتمعها المنذرة بتطورات خطيرة، ان بشكلها السياسي وما يشهده من صراعات بين قواها المختلفة، أو مايقع من حوادث عنف بين مكوناتها  الدينية (*5)، وإذا ما أضيف الى ذلك، طبيعة  مشاكلها  مع دول حوض النيل التي بدأت تهزّ الطمأنينة المصرية بقوة، تقوقعت مصر على نفسها وخفت دورها درجة الذبول  .

في الجانب الآخر البعيد، أثقلت إيران حركتها، بطموحاتها النووية وتوسعها السياسي المرفوض علناً أو ضمناً من دول المنطقة  أنظمة ومجتمعات، بفعل الإختلاف المذهبي أو التخوف السياسي مما تثيره السلوكية الإيرانية في تعاملها مع الآخرين .

 لقد دخلت إيران في مواجهات سياسية مع الكثيرمن الأطراف الإقليمية – مصرفي خلية حزب الله – السعودية والحوثيين – الإمارات والجزر- لبنان وحزب الله – سوريا ومحاولات التأثير في قراراتها – العراق والضغط على الأطراف السياسية -  الأكراد والقصف اليومي على السليمانية – إمتداداً الى دول شمال افريقيا التي طالما اتهمت إيران بتهديد أمنها كما فعلت المغرب (*6) .

ومع مايضاف الى المشاكل الداخلية التي تعانيها إيران في أوجهها السياسية حيث تزداد المعارضة لنظام الحكم، أو تململ المكونات الإيرانية من هيمنة العنصر الفارسي على مقدرات البلاد وآليات صنع القرار،وهو ما أظهر   إيران بصورة  دولة مارقة تصارع الجميع وغير مرغوبة من الجميع  . وهكذا حوصرت إيران بحيثياتها وطموحاتها، ومن ثم لينحصر دورها في مجالات تعامل ضيقة قد لا تتعدى الجانب المخابراتي أو العلاقات الخاصة،  مع قوى سياسية يزداد تراجع تأييدها  الشعبي في بلدانها،  فيما يندفع أكثرها نحو الإحتفاظ بفعلية عسكرية على غرار حركة حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان و جيش المهدي في العراق والحوثيين في اليمن --- الخ -  اما علاقات إيران  في المجال الدولي، فتكاد تقتصر على سوريا وحدها، لحسابات قد تكون آنية بالنسبة لسوريا التي لم تجد بعد بديلاً آخرأكثر ضماناً من إيران -  قبل الظهور التركي في دوره النشط - .

البوابة الوحيدة للدخول الإيراني الى الوجدان العربي، كانت القضية  الفلسطينية في صوت حماس، وهي الطرف الفلسطيني القوي الذي لاينكر علاقته مع إيران، وان شكلتّ تلك العلاقة ركناًً من المآخذ الرئيسة على حماس في المجالات الداخلية والعربية والدولية، وجزءاً مهماً من أسباب حصارها التي شاركت مصر في تنفيذه للإعتبار إياه في بعض الوجوه، حيث ينظر الى حماس بمثابة مخلب إيراني .

وعلى ذلك، لابد للدور التركي ان ينتزع تلك الورقة من إيران ليزيح من طريقة أكثر المنافسين خطورة، فما تستطيعه تركيا أردوغان،تعجز عنه المملكة السعودية الغارقة بمشكلاتها هي الأخرى،على رغم هدوئها الظاهري ونشاطها الإعلامي، فالنظرة اليها لاينتابها الإرتياح،لا في دول المنطقة ولا في المجال الدولي، فهي مجتمع منغلق على نفسه، لايتمتع إنسانه بأبسط الحقوق السياسية،  وتمنع فيه النساء من مجرد  قيادة السيارة في إجراء فريد من نوعه، ناهيك بالحقوق بمصادرة الأخرى،كذلك فالمملكة  دولة وصمت بأنها تقف وراء نشر التشدد الديني أو تشجيعه،كما اُعتبرت المصدر الفقهي للحركات العنفية أومايسمى بالحركات الجهادية، التي أصبحت تمثل تحدياًً يواجه  المسار البشري بعموم دوله .

لابديل لتركيا في استنهاض المسلمين، هكذا تشكلتّ الصورة التركية بإسلامها المعتدل وديمقراطيتها الثابتة، ولما كانت في الموقع الجغرافي الإستثنائي كجسر يربط الشرق بالغرب، وفية لشرقيتها وإسلامها، وتتكىء على ماضّ عريق حينما كانت إمبراطورية مترامية الأطراف،  أعتبرت  على إمتداد خمسة قرون بأنها (بيضة الإسلام) في عهد سلاطينها الفاتحين الذين استطاعوا اجتياح إجزاء كبيرة من أوروبا ووضعها تحت حكم الإسلام .

 علاقة تركيا بقضية بفلسطين لم تكن جديدة، كانت  منذ ان رفض السلطان عبد الحميد، طلباً تقدمت به الحركة الصهيونية لشراء فلسطين بخمسة ملايين ليرة ذهبية، في وقت كانت الخزينة السلطانية تعاني من نقص خطير في الأموال .

تركيا العملاق الشرقي  المتصالح مع العالم، لايعاني من إضطراب داخلي سوى تحركات حزب العمال الكردستاني في جنوب البلاد  التي أمكن حصرها في نطاق يمكن التعامل معه، كذلك لا توترحادّ في علاقة تركيا مع دول المنطقة وشعوبها، والإختبار الأكثر تجلياً في ذلك، كان العراق . رفض الأتراك استخدام أراضيهم ممراً للغزو  الأمريكي عام 2003، وحين تبدلت الأوضاع، إتخذت تركيا مواقف متزنة ومتوازنة، لم تدعم العنف المتصاعد في العراق كما فعلت جميع الدول المجاروة الأخرى، ولا نادت بنصرة طرف على طرف آخر – عدا موقفها غير المتشنج  من كركوك – بمعنى انها إتخذت من الخطوات إكثرها ضرورة، لكن المحسوبة بدقة .

 وفي علاقتها مع الأطراف السياسية، حرصت ان تكون مقبولة من الجميع ونقطة تقاطع يلتقي فيها الجميع، عقد الصدريون مؤتمرهم على أرضها، كذلك فعل البعثيون وانصارهم، اما إعترافها بالعملية الديمقراطية في العراق، فقد حدث في وقت مبكر، توالت من خلاله زيارة مسؤوليها الكبار الى العراق، وعلى مختلف مستوياتهم .

لم تبق  مناسبة أو حدث تعرض فيه مسلمون،إلا واتخذت تركيا موقفاً متقدماً حياله، من الصين الى فلسطين، كانت تتقدم من دون عوائق الى موقع خططت له ورسمت طريق الوصول اليه .

 لكن ولما كانت لتركيا حساباتها الخاصّة التي لا تتفق والرؤية الأمريكية / الإسرائيلية  بالضرورة، فقد تقدمت تركيا  في هذا المعترك لتعيد القضية الفلسطينية  الى بداياتها، إذ أصبحت مواقفها وشعارات خطابها، تقترب مما كانت ترفعه الأنظمة العربية التقدمية (حسب التسمية الدارجة في ستينات وسبيعينات القرن العشرين )  جمال عبد الناصر – صدام حسين – حافظ أسد- معمر القذافي  -  إلخ –.

 كان أردوغان يستخدم سلاح الخطاب التعبوي (الثوري) الذي سبق ان لجأت اليه النظم المذكورة واتخذته واحداً من أهم  الدعائم في إدامة حكمها، لكن أردوغان سيأخذ الخميرة دون الحموضة، فلا يهدد إسرائيل برميها في البحر،ولا بحرقها او إزالتها من الوجود كما فعل حكام "دول القبيلة " السابقون    .

هناك دمّ جديد وأمل مستجد أيقظته المواقف التركية، ما يعني في مآله، إعطاء دفق الى القوى الرايديكالية من يسارية وقومية،  لتعيد نشاطها الى جانب ماهو قائم من تنظيمات إسلامية، وجدت في التفاعل التركي مصداقاً لما كانت تنادي به من مقاومة الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، الممتد ةمن الصين وروسيا وافغانستان وباكستان التي ُتطالب حكومتها بالمزيد من التعاون لقمع (المجاهدين) في طالبان، وصولاً الى العراق وفلسطين والسودان  .

في بدايات مشاريع السلام مع إسرائيل، التي إنتعشت بعد توقيع إتفاقية أوسلو عام 1991 مع منظمة التحرير بقيادة ياسرعرفات، ظهرمشروع للتسوية الشاملة أطلق عليه (الشرق الأوسط الكبير) ( *7) وبموازاته تداولت مقولة  (المال العربي والعقل اليهودي) في ثنائية  تعاونهما لصياغة وتجسيد ذلك المشروع،  كما تبناه شيمون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق .

 كان مقدراً في تنفيذ ذلك المشروع،  أن يجمع دول الشرق الأوسط – بما فيها إسرائيل وتركيا وإيران – في محور إقليمي كبير يتواصل مع العالم ويستجيب لتطورات الحداثة ومشتقات العولمة،ليجعل من إسرائيل (دولة يدفن فيها الأبناء آباءهم) كما أورد يوري أفنيري الصحفي الإسرائيلي الذي قابل ياسر عرفات إبّان حصار القوات الإسرائيلية لبيروت في نسيان  1982.

حساسية تركيا من التحركات الإسرائيلية  قد تكون على علاقة بالنشاط الإستخباري للموساد الإسرائيلي والدعم الذي يقدم لأكراد العراق،  مع ماقيل عن مخططات لإسكان عدد كبير من اليهود الكرد في مناطق الموصل وكركوك (*8)، وهوماضّمنه أردوغان في تصريحاته بعد حادثة السفن بأن (حزب العمال يعمل لصالح آخرين) وعليه فماقامت به تركيا،كان  يحمل في بعص وجوهه،رسالة لإسرائيل بأن ما تقوم به في المنطقة الكردية لم يعد مقبولا ًولا مسموحاً به .

المواقف المتتالية للقيادات التركية، أكملت طوق الحصار حول إسرائيل، فصواريخ حزب الله من لبنان تغطي مناطق الجليل باكملها وصولاً الى عمق أراضي 1948، وصواريخ حماس من غزة تتكفل بجزء آخر من إسرائيل بما فيه مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب الذي سبق لسلاح الجو الإسرائيلي أن أسقط  بالقرب من أجوائه،طائرة ركاب مدنية ليبية، كان على متنها عشرات المسافرين قتل معظمهم(*9) .

لم يبق لإسرائيل من ممرّ سوى البحر،وهاهي تركيا ترفع أشرعتها لتملأ المياه القريبة من شواطىء إسرائيل، مخترقة بذلك،  الخطّ الأحمر الذي بإمكانه إغلاق المنافذ ليكتمل الطوق من حول الدولة العبرية .

أكثر المحتملات تشير الى ان تركيا كانت تدرك بان  إسرائيل ستمنع السفن من الوصول الى غزة، ولما كانت القافلة عالمية الطابع تركية القيادة،في  منظورها الإنساني كنجدة لشعب يعاني الحصار، ومع تحولّ في المزاج الدولي لغير صالح إسرائيل، كانت الدراما متوقعة  الحصول .، معيدة القضية الفلسطينية الى قلب الحدث في إنحاء العالم والخبر الأول على شاشات آلاف الفضائيات .

الكاسبان الرئيسان من الحدث كانا إثنين –، أولهما  رجب طيب أردوغان بشعبيته الكاسحة التي داعبت خيال الأتراك في ظهوربطل قومي  طال انتظاره، وطوّبته زعيماً أوحد لتركيا، من الصعب التفكير بمنافسته أو انتقاده من قبل القوى التركية الأخرى - بمن فيهم جنرالات العسكر (حراس العلمانية) كما يسمون اأنفسهم -  لكن ذلك قد يذكر بمصير ثلاث (ثورات) وقعت في الماضي القريب في ثلاثة بلدان متجاورة ورئيسة في المنطقة :  إيران – العراق – تركيا -  .

قد يمكن الإختلاف حول تلك الثورات وأحقية تصنيفها كثورة، لكن يصعب إنكار المحاولات  التي بذلتها كلّ منها  في سبيل تحديث أوطانها ووضعها من ثم على سلمّ الحضارة .

 نوري السعيد في العراق، حاول الإلتزام بالدستوروجعل العراق دولة ديمقراطية، فأجهضه العسكر، والشاه رضا بهلوي في سعيه لجعل إيران دولة تماثل الدول الأوروبية  في تطورها كما فعل من قبله بطرس الأكبر في روسيا، فأجهضت الثورة  الدينية محاولات الشاه،اما عن ثورة مصطفى أتاتورك الذي نقل تركيا من عصر السلاطين وحريمهم،الى عصر التقدم والعلم، فأصبحت مرفقة بالسؤال: هل تجهضها خطابات أردوغان ؟ .

الرابح الثاني من الحدث الإسرائيلي، كان إسماعيل هنية رئيس وزراء حركة حماس، لقد سلطت عليه الأضواء الى درجة جعلته في موقع نسي فيه العالم انه كان واحداً من أسباب الحصار بعد إنقلاب حركة حماس على الرئيس الفلسطيني  (محمود عباس) وبالتالي الإستيلاء على غزة والتفرد بحكمها .

كان ضرب قافلة السفن التركية أشبه بكرنفال إحتفالي لقوى المقاومة العربية ومصداق لشعاراتها،وبالتالي منحها زخماً تعبوياً لتحسين أوضاعها الداخلية والتوسع في مدّها الشعبي، وهو ما انعكس بدوره على الساحة العراقية .

الفارق بين موضوعي فلسطين والعراق، يكمن في التعاكس، ففي حين تنتعش القضيةالفلسطينية حينما يزداد الإهتمام الدولي والإقليمي بشأنها، وبالتالي يعرقل مخططات إسرائيل من التفرد بها، تنقلب الصورة في العراق الذي يحتاج ان يقلل العالم ودول الإقليم من الإهتمام به .

 تلك معادلة قد تكون غريبة من نوعها، لكنها مما ينتظره العراق، فإن تنفتح في المنطقة ملفاتّ اخرى ساخنة، يعني ان توزع التنظيمات الإرهابية مساحة نشاطها، وتخفف بالتالي من تركيز عملياتها في ميدان تراجعت وسائل الإعلام من إتخاذه خبراً رئيساً، وما فائدة الإرهاب من دون صخب إعلامي؟ .

الإعلام أداة مركزية في نظر الإرهاب، فالعملية الناجحة،هي الأكثر ضحايا والأسرع تغطية، وكلما ازداد عدد الضحايا وقربت من مراكز التواجد الإعلامي، كلما إقتربت من تحقيق أهدافها (إبعدوا الإعلام – تقتلوا الإرهاب) تلك هي الخلاصة .

في مقلب آخر، لا نشاط للإرهاب من دون دعم خارجي، والتقاتل الإقليمي في العراق وعليه، يبقي الأوضاع فيه مضطربة ومعقدة، حيث يشتد أزر القوى السياسية العراقية المرتبطة بهذه الدولة الإقليمية او تلك، فترفع سقف مطالبها وشروطها بتناسب طردي مع ارتفاع درجة الإهتمام بما يجري في العراق .

سخونة الملفات الإقليمية، تبّرد من سخونة الملف العراقي، مايستدعي الإحتمال بأن القوى العراقية ستجهد في الإعتماد على نفسها لإيجاد حلول داخلية لا يحضر فيها تأثير الخارج بالقوة نفسها، وهوما يذكر بقصة ذلك المزارع الذي طلب من إبنه ان يجمع غداً اقرباءهم وجيرانهم  لحصاد حقل  نضجت سنابله،لكن وكما توقعت قبّرة كانت تضع عشهاّا هناك، فان احداً لم يأت، وفي اليوم التالي طلب الوالد من إبنه ان يعزم للحصاد  أخواله وعمومته المقربين، لكن القبّرة توقعت ان احد لن يحضر وبالتالي فلا حصاد سيحصل، وفي اليوم الثالث طلب الوالد من ابنه ان يستعد غداً لبدء الحصاد بنفسيهما من دون مساعدة من احد، عندها رحلت القبّرة  .

القوى الوطنية العراقية التي وضعت في برامجها ان تنتزع القرار العراقي من تأثيرات دول الجوار، عليها ان تعمل بدأب وصمت على تشجيع تركيا للإستمرار في رفع حدّة  خطابها ضد إسرائيل، ولتملأ المنطقة ضجيجاً، فذلك هو المطلوب .

 اما إيران، فالأفضل للعراق أن يتمسّك نجاد بتصلبه وتحديه للعالم فيما خصّ ملفه النووي إضافة الى المزيد من الإشكالات مع دول المنطقة .

كما ينبغي العمل على دفع القيادة السورية الحالية الى مواقف أكثر  (ثورية) ومراهنات مغامرة .

 كذلك القيام بجهد مواضب، و بكلّ الوسائل غير المباشرة، من أجل دفع السعودية الى الخروج من صمتها وتحفظها تجاه القضية الفلسطينية وقضايا المنطقة الأخرى، والتالي الكشف عن حقيقة نواياها وسياساتها (دعه يغضب – دعه يرتكب الحماقات) .

كذلك تشجيع طرح المعاناة التي يعيشها سكانّ مناطق سعودية معينة،مثل القطيف وحائل والإحساء، وذلك عبر وسائل إعلام  عراقية أو مواقع  ألكترونية  أو سواها، والتركيز على مواضيع الديمقراطية وحقوق الإنسان وروح العصر – الخ،  من دون ان تتبنى أيّاً من ذلك، جهات رسمية عراقية .

انها بإختصار إستراتيجية المطرقة التي عليها ان تعمل بدأب، لكن بسلوك طرق غير مرئية بادىء الأمر - ومن دون إثارة واستعراضات لا لزوم لها -  وذلك من اجل إحداث شقوق في الجدار الذي يحكم حصار العراق، ومن ثم اختراقه  بوسائل واساليب متعددة بما فيها الإلتفاف حوله، فلاحياة للعراق الإ ان يعمل على حصار حصاره كما صرخ الشاعر الفلسطيني محمود درويش : (حاصر حصارك لامفر)، ولن يكسر حصار العراق، الا ان يبني الآخرون جداراً من حولهم تزيد سماكته (بسماكة) مواقفهم، وعلينا ان نشجعهم على فعل ذلك،مستحضرين مافعلته دول الخيلج مع صدام حسين حينما  دفعته الى إرتكاب الأخطاء وصولاً الى الخطايا .

 انها السياسة، مطرقة وجدار أو ابتسامة وتحفز، وبالتالي ينبغي أن يأتي  ذلك التوجه ضمن خطط إستراتيجية ترتبط بالمصالح العليا للدولة، وليست ثأراً قبلياً تتبّعه أو تسكت عنه هذه الجهة العراقية أو تلك، تبعاً لعلاقاتها الخاصة .

 (لادولة بين العراق والبحر) تلك هي المقولة الإستراتيجية التي ينبغي أن تعزز التوجه لإزالة العائق السوري بوحدة كونفدرالية أو بشراكة إستراتيجية، وهو مايقتضي تمهيد الطريق لما سيأتي.

  

 .......................

هوامش

(*) من كتاب للمؤلف  يصدر قريباً بعنوان ( صراع الأمة والدولة في العراق الجديد – استراتيجية المطرقة والجدار )

5) : إشارة الى حوادث العنف الطائفي التي تحصل بين الأقباط والمسلمين في أماكن مختلفة

من مصر، منها مرسي مطروح والاسكندرية والقاهرة وسواها .

(*6) :  (كانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية قد أعلنت أن المملكة المغربية قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على خلفية تداعيات التصريحات الإيرانية المهددة لسيادة البحرين.

وقام المغرب باستدعاء القائم بالأعمال بالنيابة بالسفارة المغربية في طهران عقب وصف علي اكبر ناطق نوري العضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام البحرين مؤخرًا بأنها "المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة تاريخيًا") – إسلام اون لاين – وكالات – 13/ 3/ 2009

 

(*7) أعلن  الرئيس الأمريكي جورج بوش عن مشروع الشرق الاوسط الكبير في 6 نوفمبر 2003، وقد ذكرت بعض التقارير، ان شيمون بيريز كان من أكثر المؤيدين والداعمين له . 

 

(*8) قال ( آفي ديختر ) وزير الامن الاسرائيلي : "ذروة أهداف اسرائيل هو دعم الأكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الأمنية من أجل تاسيس دولة كردية مستقلة في شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان".

ميدل ايست اون لاين – المرصد العراقي -  22/ 5/ 2010 – وكالات .

 

(*9)  ( في 21  شباط (فبراير) 1973،  اسقط سلاح الجو الإسرائيلي طائرة ركاب ليبية فوق بئر جفجافة 70 كلم شمال مدينة  الاسماعيلية المصرية   بعد ان خرجت عن مسارها الجوي  وكان على متنها 113 راكباً  قتل منهم 108، وطبقا للرواية  الاسرائيلية، إعتقدوا  انها في طريقها  لتنفيذ عملية انتحارية لقصف مفاعل ديمونا .- جريدة (المصري) الأسبوعية - العدد 134 – 28/ 2/ 2006 .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1421 الثلاثاء 08/06/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم