صحيفة المثقف

من يحرس المحروسة .. مصر؟؟ / وديع شامخ

والتي توصل اليها كل من السلفي الإسلامي الدكتور محمد مرسي، والذي يعتبره البعض مرشح الثورة .. والفريق أحمد شفيق وهو مرشح المؤسسة العسكرية ومن " فلول" النظام السابق وفقا للمصطلحات الاقصائية العربية الجديدة .

ولقد كان للمرشحين الفرصة الكاملة والناجزة للفوز، لإسباب كثيرة ومتشعبة، سوف أتوقف عند أهمها:

-     1- إن نظام حسني مبارك لم يقدم طواله فتره حكمه والتي ناهزت الثلاثين عاما نموذجا للحكم المدني الديمقراطي - التعددي، فكان الفساد مستشرٍ تماما من رأس هرم السلطة الى قاعدتها ..

-     2- خلال فترة الإنظمة الشمولية .. يضمحل الحس الوطني والانتماء الى الشعب ليحل بديلا عنها الولاء الشخصي الطائفي، القومي، العقائدي .. الديني .. الخ .

-     3- خلال فترة حكم العسكر تعودت الشعوب على مبدأ الطاعة المنظمة .. وعند الانفلات منها تكون الفوضى بكل تجلياتها .

-     4- ثبت من خلال الدرس التاريخي في الربيع العربي أن الطغاة يحتمون بالدين، لذا يشاع عمليا النموذج الديني بعد زوالهم .

-     وبقدر تعلق الأمر بمصر فأن تاريخ مصر الحديث سوف لن يسمح بشيوع الظواهر صدفة .. دون مقدمات .. لان تجربة مصر حملت في ثناياها خروج الرئيس المصري من الحكم نتيجة لمطالب الشعب مع ضغط من المؤسسة العسكرية، والتي هيمنت على حاضر اللحظة الراهنة، والوصول بها الى خواتيم مأمونة دون المساس، بمصالح أمريكا واسرائيل تحديدا !

العكسر بعد رحيل مبارك الطوعي،و القسري معا .. اصبح لهم اليد الطولى . ومارسوا عنفا اقسى بكثير من الذي مورس من قبل النظام السابق حيال المعارضين.. ولنا شواهد كثيرة في مناطق الاحتقان الطائفي في محافظات مصر ذات الهويات الدينية المختلفة، لذا فأن المجلس العسكري غير مبرأ الذمة تماما في نتائج الانتخابات .. رغم أن الرئيس السابق حسني مبارك ذهب الى نهايته المحتومة دون تواطيء بين العسكر والدستور والقضاء .. وهذا يحسب للمستقبل المصري ..

بهذا الإشكال يخوض المجتمع المصري إنتخابات رئاسته !!

...................


من يفوز العسكر أم اللحى!؟.

لايمكن إختصار الشعب المصري بهذه الثنائية المقيتة .. ولكن الواقع يفرز ظواهر علينا التعامل معها بواقعية ..

 وبما أن الحديث عن فوز أحد قطبي الرحى في مصر لرئاسة الجمهورية يدخل في باب الاحتمالات والظن، لعدم صدور تقرير رسمي من المحكمة المختصة بأصدار قرارات النتائج .. كما ان التوقعات التي أصدرتها مؤسسات غير رسمية لا يمكن التعويل عليها في ظروف مصر الحالية لتعاضد وتشابك المصالح في إعلان النتائج دون وجود ايّة موضوعية ومهنية لتلك المؤسسات .. وأيضا لغياب الخبرة الكافية لمؤسسات استطلاع الرأي العام العربي للتوقع أو البت في النتائج .

لذا سيبقى منصب رئيس مصر غامضا حتى النطق الرسمي بأسمه وصفته ..

ومهما يكن من أمر النتيجة، على الشعب المصري أن يتقبل الأمر بروح وطنية ويتجنب تجارب الكثير من أمثلة الربيع العربي بدمويتها وخساراتها الفادحة بشريا وماديا ..

ولكن المثير للامر أن الاخوان المسلمين قد بكّروا بالاعلان عن فوز مرشحهم، لا لنتيجة ثقتهم بشعبيتهم وقبولهم من قبل المجتمع المصري، بل لانهم أحسنوا لعبة الهجوم الإستباقي، لإجهاض أية محاولة تقول عكس ذاك .. وهذا ما يجيده الاخوان المسلمين نتيجة لانضابطهم التنظيمي وقدرتهم العالية على كسب العواطف والتلويح بالانتصار لمظلومية الفقراء والمهمشين والتلويح العاطفي لنصرة الدين .. وربما رمي اليهود في البحر!!.

ولكن الوجه الاخر للحقيقة يقول : انهم عمليا اعتدوا على حق غرمائهم في المشاركة الانتخابية قبل الاستحقاق الرسمي لاعلان النتائج.

ولكن المرشح أحمد شفيق ورجال حملته لهم رأي آخر تماما .. فمنذ ظهور الرجل بشكل لافت للإنتباه في المراحل الاولية للانتخابات ووصوله الى مرحلتها النهائية، وصدور أمر القضاء ببراءته من تهمة " فلول النظام السابق"، فقد دخل الرجل في مرحلة التنافس الوطني وخلفة قوى وجماهير عريضة يحركها هاجس الظن السيء بالاسلاميين وتجربتهم في الحكم، ولاسيما في المجتمع المدني المصري ..

كما أن لقرار القضاء المصري بحل مجلس النواب الأثر الإيجابي الكبير لقدرة مصر على تجاوز محنتها في اسباغ الهوية الاسلامية، وهذا ما عمل به مجلس النواب ذو الاغلبية الاسلامية، حيث سادت اللحى ومنطقها .. وصار الآذان يسمع من قبة البرلمان !!!

.....................................................


احترازات المجتمع المصري .. والمجلس العسكري

 بغض النظر عن النتائج الرسمية لفوز ايّ من المرشحين ، لأن ميزان القوى كان قاب قوسين لمصلحة السلفيين وتحول ثانية الى الصوت المصري العام دون حيازة من جهة مخصوصة .، إذ يبدو ان الشعب المصري قد تحصن من فوز الاسلاميين أو الفريق أحمد شفيق معا .. وذلك نتيجة حزمة اجراءات إتخذها المجلس العسكري وهي مكملةً للإعلان الدستوري، ورهنت الموافقة على إعلان الحرب، أو تدخل القوات المسلحة في مهام حفظ الأمن، وحماية مؤسسات الدولة من أية اضطرابات قد تنشأ، بموافقة «المجلس الأعلى للقوات المسلحة»؛ ما يعني، فعليا، أن الرئيس لن يكون القائد الأعلى للقوات المسلحة

أي ان " العسكر" ومن ورائهم مصريا ودوليا، قد ضمنوا للرئيس القادم " منصبا شرفيا" .. وهذا ما يضر الاسلاميين في حالة فوز مرشحهم : محمد مرسي"، ولا يؤثر على رؤية " احمد شفيق " لانه غير معني تماما في إعلان الحروب وتحرير فلسطين ... الخ.

 وبهذين الاحترازين من المجلس العسكري، وانا اعتقد انهما من مصلحة الشعب المصري، الذي أختار الطريق السلمي للتعامل مع أسرائيل، والمعتمد بشكل مهم على المساعدات الامريكية .. سيكون المرشح السلفي " منزوع الدسم والفعالية" .. كما أن حل مجلس النواب المصري سيتيح للشعب المصري ترتيب أوراقة والافاقة من صدمة " زوال الديكتاتور"، للتفكير الحقيقي في مستقبله التشريعي والرقابي عبر إنتخاب مجلس نواب متوازن يمثل الرؤية العامة للمجتمع المصري المتحضر والمدني والمسالم ..

......................................


خلاصة ..

على المصريين أن يثبتوا لانفسهم أولا وللربيع العربي ثانيا .. أن تجربتهم لها خصوصية لايمكن ان تكون نسخة مشوهة من تجربة تونس او ليبيا .. كما أن حكم " مبارك" لا يمكن ان يكون وصفة ناجحة ومطمئة لشعوب الجوار ومنها " اسرائيل " وأمريكا كما يعتقدون، بل ان حركة الثورة المصرية الجديدة ستكون لمصر الجميع .. لان التصريحات القادمة من خارج الحدود المصرية، وتحديدا من فلسطين، حيث تشير الاخبار الى أن محمود الزهار القيادي في حركة حماس يقول "إن مقر المجلس التشريعي في مدينة غزة «سيكون عاصمة الدولة الإسلامية الكبرى». ورأى أن «المرحلة المقبلة ستشهد دورة حضارية جديدة ستزول فيها الحدود» التي وضعها الاحتلال «لأن تلك الحدود لا تحدد الجنسيات والهويات». فهل يقرب هذا «الوصول الإخواني» هذه الدولة؟..

أعتقد أن هكذا مزايدات سيعيها الناخب المصري والنخب السياسية الوطنية، وبضمنهم الاسلاميين أن انتصروا لمصر ولمستقبل الشعب المصري وتعاضدوا في النهوض بدولتهم العلمانية والوطنية والديمقراطية والتعددية .

غير ذاك سيكون صعود أي مرشح من الطرفين نذير شؤم وسابقة لا تليق بصناع ثورة مصر وشبابها في ميدان التحرير .. 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2159 الجمعة 22/ 06 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم