صحيفة المثقف

نام مهضوم ولا تنام ندمان .. ‏تاملات في القرأن‬

rafed alkozai(فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُم)

هنالك مثلا عراقيا بدويا يشابه هذه الاية العظيمة المعاني في الذوق والاتكيت وهي لجام الغضب وكبت النفس عن البوح السريع لتصرفات الاخرين والمثل يقول نام مهضوم ولاتنام ندمان اي اصبر على ما اصابك وفكر مليا في الموضوع وبعدها تدبر الامر عسى ان ينكشف لك امرا كنت تجهله وقصة المثل تحكي ان بدويا عريسا في اسبوعيته ضرب ان عمه ضربه افقدته وعيه فاعتقد انه قتله فترك زوجته واهله وعشيرته وهرب’ الى مكان قصيا بعيدا فعمل راعيا عند رجل حكيم فاتفق معه ان يرعى غنمه ويعطيه خروف عن كل خمس سنوات رعي وبعد ان اتم خمسة عشر سنة قال له استحققت الاغنام الثلاثة ولكن هل ابادلك الاغنام بثلاث حكم تفيدك في حياتك المستقبلية فوافق الرجل لما عرفه عن الحكيم من رجاحة عقل ودهاء فقال له الحكمة الاولى (نام على الهضاب ولاتنام في الوديان)

والحكمة الثانية (احذر ذوي العيون الزرقاء والسنون المفارقة لانه قوم غدر) والوصية الثالثة (نام مهضوم ولاتنام ندمان) وبهت الرجل الراعي من هذه الحكم وهو يردد الحكمة الاخيرة نام مهضوم ولاتنام ندمان ولكن الرجل الحكيم كان كريما فدس عشرة ليرات ذهبية للرجل الراعي قال له عسى ان تعينك في حياتك وهكذا سافر الرجل الراعي مع قافلة الى دياره وفي الطريق اراد اهل العير والقافلة ان يستريحوا ففرشوا في الوادي ولكن الراعي تذكر الحكمة الاولى التي اشتراها بكبش سمين ذو قرنين بارزين ونام على هضبة قصية وفي الليل نزل سيل عرمرم فذهب باهل العير والقافلة وبقيت اموالهم وحلالهم خالصة للراعي الواعي بحكمة الرجل الحكيم وهكذا وهو يخط المسير بباقي القافلة لوحده جاء احدهم يسعى من اقصى الوادي ببقايا القافلة قائلا له لنتعاون معا على حراسة القافلة والمسير بها الى وجهتنا وفي الليل وعلى ضؤ البدر المنير لمعت العينان الزرقاوتين والاسنان البيضاء المتفارقة فتذكر تحذير الرجل الحكيم له من بقايا ابناء الصليبين الذي كانوا العرب ينادوهم احتقارا بالاصلبةوهم يمتهنون مهن الغجر من الرقص وقرأة الطالع والتسليب والوشم وهكذا كان ذو العينين الزرقاوتين يقول للراعي لنقتسم الحراسة ان ساغفوا نصف الليل وتبقى انت مستيقضا وبعدها سيحين دوري في النوم انا وانت تاخذ دورك في الحراسة وهكذا كان الراعي مستيقضا له ولغدره وهو يحاول ان يذبحه بعد ان لمع الخنجر في عينه النصف مغمضة فاسرع وطعنه في جنبه الايسر طعنة قاتلة وينهض الراعي مبتسما مترحما داعيا للرجل الحكيم قائلا يستاهل الطلي هذا الرجل بالعافيةعليه وعلى اللي ياكلوه وبعدا سار الراعي بكل القافلة يحث الخطى الى اهله فوصلهم في منتصف الليل فاستقبلته زوجته التي عرفها على ضؤ القمر مهلهلت اهلا بالضيف ياهلا ومرحبا وهي تسقيه القهوة وبعد ساعة جاء فارسا انيقا يمتلاء مهابة فاحتضنها وقبلها من راسها وهي تقول لنا ضيفا نائما في الخيمة والراعي يتقلب غيرة وشكوكا بزوجته فقد اخذته الضنون بعيد وهم يهم بقتلها وقتل الفارس الذي اختلى بزوجته ولكنه تذكر حكمة الحكيم الثالثة نام مهضوم ولاتنام ندمان وبقى عينه يحرقها السهاد وقلبه تعجنه الضنون وفي الصباح دخل الفارس بصحبة زوجة الراعي وقالت له ياولدي اسقي الضيف القهوة حتى اعد لكم الفطور وهنا صارحهم الرجل وعرفته زوجته وهي تقول له لماذا هربت وتركتنتي عروسا وحاملا وانا منتظرتك كل هذه المدة وان ابن عمك لازال حيا وهنا اغرورت غينا الرجل بالدموع وهو يحتضن زوجته وابنه .....

رباط السلفة الى كل السياسين العراقيين والكتاب الفيسبوكيين وغير الفيسبوكيين ناموا نادمين ولاتناموا مهضومين فلاتستعجلوا باطلاق الاحكام واقلامكم وراء اوهام ومخاوف وضنون ما انزل الله بها بسلطان اصبروا قليلا وستتوضح لكم الامور جليا.....

 

الدكتور رافد علاء الخزاعي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم