صحيفة المثقف

الشاعر والناقد د. صدام فهد الاسدي .. الاصرار اساس النجاح

sadam alasadiفي البصرة عوالم تثبت لها جذور على مدى تاريخها العريق حتى يومنا هذا لا زالت تخرج من احضانها مئات المبدعين وانت تسير بك المركبة تشتم رائحة القصب والبردي واعذاق نخيلها والهيل الفائح من مضايفها .. انها (القرنة) تلك المدينة التي انجبت خيرة المبدعين اللذين ابتلوا بمرض الشعر، منهم الشاعر والناقد صدام فهد الاسدي، الذي تأثر بوالده (ملا فهد) المرفأ الشعري الاول وقاريء في (المواكب الحسينية) انذاك، وكبرت الكلمة في عينيه حتى كانت اولى قصائده في الشعر الشعبي : (يا مطر بلل الكذله ... وسيل حيل على الوجن) .. في عام 1960م .

انتقل الشاعر الى قضاء شط العرب يحمل في طياته هموم الحياة وطموح المستقبل، تلك القرية التي منحته جواز السفر الى عام 1969 م وهو يتواصل في نشر قصائده التي بلغت اكثر من (160) قصيدة في الصحف والمجلات الحلية والعربية، ثم عين موظفا في زراعة البصرة عام 1974م وكان طموحه يدفعه لاكمال دراسته حتى قبوله في جامعة البصرة – كلية التربية – قسم اللغة العربية عام 1977- 1978م وحصل على تقدير جيد جدا والاول على كليته ثم اكمل الماجستير عام 1995م برسالته الموسومة (رشدي العامل .. دراسة فنية) . ولم يقف طموحه حتى درس الدكتوراه في جامعة الكوفة عام 1996م وتخرج عام 2001م بتقدير جيد جدا، هكذا الاصرار عند الاسدي الذي تحدى الصعاب فاثمر جهده وقد زاد الى ذلك اولاده الاربعة اللذين يدرسون في كلية طب البصرة، في مراحل مختلفة وهم على سر ابيهم .

و يجمع الشاعر الاسدي بين فنون الادب والمسرح والنقد والاعلام وهو دؤوب ما يطلع عليه صباح جديد الا ورأيت الصحف (المحلية والاسبوعية) قد نشرت له قصيدة او مقالا او نقدا . للاسدي اكثر من (18) مخطوطة شعرية ولظروف الطبع وكلفته الباهظة منعه عن الاصدار، ويتميز شعره بالمباشرة والنقد البناء وتراه على المنصة ثائرا صارخا بوطنيته المشهودة وتراه ناقدا يضع النقاط على الحروف دون خوف او تردد . يجمع الشعر الاسدي في قصائده بين العمودي والحر والشعر المنثور وهو سريع البديهة على طريقة الشعراء القدماء ويرتجل القصيدة ومن قصائده المتميزة التي حصلت على الجائزة الاولى عام 1992م في المسابقة الشعرية بجامعة البصرة كان مطلعها :

ايا سياب جئتك مستهاما   وقلبي فيك يحتدم احتداما

فنم في القبر مرتاحا صديقي   فان الشعر بعدك قد ترامى

و جيلك كان (بام كلثوم) يلهو     وهذا الجيل في راغب علاما

يركز الشاعر على الحكمة دائما ما تجد قصيدة الا وقد غرس فيها حكمة هادفة، ففي قصيدة (السراج) المنشورة في (مراة الامة) عام 1987م، قال :

هناك من الاناس تراه عبدا     ومن اقصى المحال يصير حرا

هي الاخلاق تبقي العطر فينا   اذا فقدت فكيف تفوح عطرا

وما عجبني النساء تقص شعرا     كما عجبني الرجال تقص شعرا

و قد كتب الشاعر ديوانا كاملا في حب اهل البيت ومن تلك القصائد للامام علي بن ابي طالب (ليه السلام) قال فيها :

ابا حسين نذرت اليك عمرا     وان سطر يجف امير سطرا

سؤال الله هل تهوى عليا       بدنيا قد مضت وتجيء اخرى

فيعطي مائة ممن هواه     ومن عاداه قد يعطيه صفرا

و للشاعر قصائد كثيرة تغنى بها بالعراق العظيم وبالبصرة الحبيبة فقد لحن له الفنان الكبير مجيد العلي قصيدة عنوانها (عين القلادة) جاء فيها:

قالوا لماذا كتبت الشعر يا اسدي   لانه نبض روحي في هوى بلدي

قد صغته الشعر في عينيك منطلقا   من فاض منك انهارا على جسدي

اني سكبت اريج الحب في ورق   بها صبغت ضفاف الشط بالزبد

وهكضا نصل الى المطاف الاخير مع الشاعر المبدع والناقد الؤوب الذي ملا الصفحات نقدا ومن قال ان (الدخيلي) يبالغ في وصفه فليسأل باعة الصحف عن هذا الاديب المجهول، الذي لم يحصل على بطاقة انتماء الى اتحاد الادباء .!!

هكذا هو الابداع لم ولن يقتصر على (اعضاء المؤسسات) – بل ان فضاء المبدع لا مساحة له ولا حدود تقف امامه .

 

بقلم الشاعر محمد جواد الدخيلي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم