صحيفة المثقف

اضرب يعبادي ولتخاف

كل شيء له حدّ، دائما نسمع المثل: “ زاد مقداره، خرج عن حدّه”، وهو قانون فيزيائي عن الكميات والفراغ، كالفساد زادت كميته وفاض لدرجة لا تطاق، ولأول مرة نقرأ في جريدة العراق اليوم، للشاعرة ميسون الرومي قصيدة بهذه الشجاعة، تدعو فيها العبادي الى ضرب الفساد “اضرب يعبادي ولتخاف”، إيذاناً بتجاوز مرحلة الخوف التي اوجدها النظام السابق أو غرسها في نفوس العراقيين، سنوات الحروب العقيمة والتكتم، خوفاً من العقاب الأعمى، أنها الخطوة الاولى اذاً، للتحرر من الخوف والنزول الى الساحات، لوضع حد للفساد وبؤره المنتشرة باجهزة الدولة والوزارت والرئاسات، لدرجة لا يمكن السكوت عنه أو تبريره بأي شكلٍ من الأشكال، السكوت عنه يعني التفرج على انهيار العراق وتخريبه، والعبث بكيانه من قبل المرتزقة والفاسدين.أننا ازاء قرار الشعب بضرب الفساد، عبّر عنه بتظاهرات حضارية على درجة عالية من المسؤولية، أي لا مجال للشكّ بنواياها أو أهدافها، المسألة واضحة، الهدفُ منها ضرب الفساد دون خوف أو تردد، بعد ان طفح الكيل ـ ولا مجال للمراوغة أو امتصاص النقمة، لأن تجميد عمل الفاسدين وعزلهم فوراً، قرارات شعبية خارج إرادة قادة الكتل السياسية.. سنية وشيعية أو إرادة وزير أو مسؤول أو رئيس ائتلاف وما شابه، كلّنا مع ميسون الرومي لسان حال الشعب والمتظاهرين، فقد عبّرت احسن تعبير عن ما يريدهُ المواطن وأبن الشعب وموقفه الحقيقي اتجاه الفساد ودهاقنته، وتعدُ مرحلة حاسمة ستحدد مصير العبادي، كونه رئيساً للوزراء والمسؤول التنفيذي الأول فيه، بين سماع اصوات الفاسدين النشاز المثبطة للعزائم والمهددة، أو سماع صوت الشعب المطالب بوضع حدّ للفساد وطيّ صفتحه، لبناءعراق المواطنة والقانون بمكوناته واطيافه، أنها انتفاضة شعبية حقيقية، ولكنها انتفاضة بيضاء ضدّ القبح والفساد، ومن غير الممكن أن تتوقف قبل إزاحة الفاسدين عن مناصبهم وإعادة الأعتبار للقانون والمواطنة.. أي عزل الفاسدين ومحاسبتهم، إمّا اذا نجح الفاسدون بتخريب التطاهرات وتحريفها عن وطنيتها، فإن المطالب الشعبية بمكافحة الفساد، سوف لن تتوقف، فقد عرفنا إن الفاسدين يتميزون بالمكر والجبن، خرّبوا تظاهرات الانبار من قبل، والتي بدأت بمطالب شعبية لا تختلفُ كثيراً عن مطالب اليوم، و تخريبها وتحريفها عن هدفها، متحولة الى أوكارٍ للإرهابيين وقطّاع الطرق والسياسيين الفاشلين، ومحاولات هؤلاء وغيرهم مستمرة، فقد تسلل الى ساحة التحرير في بغداد، عددٌ من المسؤولين الفاسدين، وطرِدوا شر طردة، وسيحاولون العودة مرة ومرات لتخريبها، وابعاد الشبهة عنهم وعن فسادهم، ولكن وثائق الفساد ستتكلم مع ملفات هيئة النزاهة، لوضع حد للعب على الحبال، لأنها لعبة خطرة، للخداع وامتصاص النقمة التي وصلت الذروة، لا مجال اذاً للمماطلة والتسويف بمحاسبة الفاسدين، ووضع حد لانتهاكاتهم للقانون والدستور، والحل لمنع تدهور الأوضاع، واتساع التظاهرات الشعبية، ومنع استغلالها من الفاسدين والمخرّبين، سرعة حسم ملفات هيئة النزاهة وتنفيذ الأحكام الصادرة بقضايا فساد مالي وإداري سابقة، وتنفيذ حزم الاصلاحات وحسمها بلا تردد أو تأجيل، عدا ذلك فإنهُ مضيعة للوقت مع استمرار المظاهرات دون توقف في بغداد أوالمحافظات، وفتح صفحة جديدة خالية من المخرّبين والسياسيين الفاسدين .. ونردد مع الشاعرة ميسون نعيم الرومي :“اضرب يعبادي ولتخاف”، الفساد، واقتلعه من جذوره قبل فوات الاوان :

اضربّ يـَـعـْـبـادي ابـكـل قـوَّة

قــانـون ايـنـص او أعـْـراف

عـاش الـشـَـعـْب ابـكـل أطيافـَه

شـَـــدَّة إزهـار و أشـرافْ

حـَي الله الشـَـعـب الـلي صاحْ

اضربْ يـَـعـْـبـادي ولـَـتــْخـاف

 

قيس العذاري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم