صحيفة المثقف

المذهب الشيعي وبرغماتيّة بعض المعنيّين

هناك شبه اتّفاق بين الباحثين الذين ثُنيت لهم الوسادة (الإثباتيّة) في الحوزة العلميّة، على أن الأولويّة في الوقت الحاضر ليست لـ: نقد وتحليل وتفكيك (المقولات الشيعيّة الأساسيّة) في الفقه والعقيدة، وإنّما لـ: تعزيز الشواهد وتحشيدها لإقناع الجماهير الشيعيّة بهذه المقولات كما هي هي، من دون نقدٍ أو تشكيك؛ وذلك لأنّ هذه المقولات حتّى وإن وجدت في بعضها ثغرات أساسيّة جادّة، إلّا أنّها أضحت بصيغتها الحاليّة هي: الركائز الأساسيّة التي يقوم عليها المذهب الشيعيّ، وإن هزهزة هذه الركائز مهما كانت علميّة وصحيحة، سيؤدّي لا محالة إلى إضعاف المذهب الشيعي أمام خصومه، وفقدان الناسِ الثقة برموزه ومراجعه، وعليه: فالأولويّة اليوم ـ ونحن نعيش معركة الوجود والّلا وجود ـ هي في تأصيل هذه المقولات في واقع الناس بشتّى الحيل، حتّى وإن وصلنا إلى قناعات مختلفة في ميدان البحث العلمي؛ إذ بعد الكسر والانكسار والترجيح يُقدّم الأقوى ملاكاً على الأضعف كما يقولون، ولا شكّ في إن ملاك الحفاظ على عنوان المذهب [بقراءته الرسميّة] هو الأقوى من جميع الملاكات الأخرى!!

وفي طول هذا الصمت (البرغماتي) الذي تدعو إليه شريحة كبيرة من المعنيين في الحوزة العلميّة، سأنساق معه مؤقّتاً، وأؤمن معهم بضرورة الحفاظ على هذه المقولات الشيعيّة كما هي أولاً، وأؤمن أيضاً بضرورة تعزيز الشواهد لإقناع القواعد الشيعيّة بها كما يريدون ثانياً، وأؤمن كذلك بعدم انبغاء طرح هذه البحوث أمام الجماهير ثالثاً، ولكن وبصراحة:

هل تمارس البحوث التخصّصيّة الحوزويّة في النجف الأشرف وغيرها مراجعات فقهيّة وعقديّة (حقيقيّة) في داخل أروقتها، وتتحيّن الفرصة والآليّة المناسبة للتبشير بها، أم إن (عنوان المذهب) يافطة يرفعها (بعض) من يحيط بالمعنيين للحفاظ على مكانتهم وامتيازاتهم ومستقبلهم الحوزويّ فقط؟!

اعتقد إن: (الله) و (الأخلاق) مفهومان غائبان في جميع هذه الصراعات، وللمذهب ربٌ يحميه، على أن أنوّه: إن المشكلة الحاليّة لا تختص بالمذهب الشيعي فقط، بل تعمّ عموم المذاهب والطوائف الإسلاميّة والدينيّة.

 

ميثاق العسر

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم