صحيفة المثقف

الطفولة هي مرتهن البيت والمدرسة لصناعة انسان

rafed alkozaiان المدرسة تلعب في حياتنا دور مؤثر في بناء الشخصية ففي كل حرف نتعلمه تنفتح افاق جديدة امام اعيننا وفي كلمة تنحفر مرتكز في ذاكرتنا لتكون منهل تنطلق به السنتنا في كل يوم استعدادنا نهوضنا المبكر استعداد والدتي لتجهيز الفطور والشاي وكان من قيمر او بيض وصمون حار مع الشاي ولاتنسى الولادة اللفة (السندويج) او برتقالة او تفاح كان العراق يعج بالخير والبركة نعم البركة التي افتقدنها منذ زمن الحروب كانت ام القيمر هي من تجلب القيمر والحليب وابو الصمون ابوعلي السكران يوميا يدك الباب ويضع كيس الصمون الحار ببايسكله المحور وكانه ساعة موقتهالسادسة واربعون دقيقة صباحا وتستعجلنا الوالدة وخصوصا اخي محمد لانه اصغر مني بسنة فهو عمرة اربع سنوات ونصف ودخل المدرسة ونخرج لنمشي مطمئنين لامفخخات ولااختطاف ولاسرقة ولااغتيالات كانت حياة بركة ونحن نرى عمال النظافة بمكناستهم الرائعة وهم ينظفون الطريق ونخرج بدعوات والدتي وهي ترش ورائنا طاسة ماء معدة من قبل عمتي ونسير ونمشي مدة ربع ساعة محملين بحقيبة مثقلة بالكتب وكانت تتدلى الحقيبة من اخي لاضطر احمل نصفها معي او يحفنا احد الكناسين رافئتنا باخي ليحمل الحقيبة للمدرسة واسمه حجي مجذاب لايريد شكرا ولاهدية حيث حاول والدي اعطاه مبلغ من المال لموقفه فرفض كله عمي كلشي ما اريد بس لما يكبرون ويصيرون بمناصب لاينسون الناس الفقراء هكذا كانت طيبة الناس وفطرتهم ومدرستي على بساطتها ماحلاها لنصل في اصطفاف مرتب حسب الشعب ويقوم المدير بتفتيش شعرنا واصابعنا واظفارنا ونظافة ملابسنا ...... وهنالك صف المتاخرين عن الاصطفاف ياوليهم من ضربات استاذ فاضل المدير ..... بعدها يخرج الطلاب الذين يحصلوا على خمسةدرجات فما دون ليلقوا التوبيخ والعقاب....بعدها يخرج المتفوقون ليصفقوا لهم...بعدها يصدح صوت استاذنا صدام فهد معلم العربية بابيات شعر لتبث الحماس وبعدها هرولة خفيفة مع تمارين سويدية لندخل الدرس الاول الثامنة والنصف صباحا طيلة ست سنوات نظام متكامل وياتي الخميس لنرفع العلم ونصدح بالنشيد الوطني وهو عاليا مرفرفا....

لقد كان معليمنا قدوة لنا كان استاذ صبري معلم صف الاول ابا حنونا ومسيقيا رائعا صوته رائعا وعازفا للعود كان يلحن كلمات الاناشيد لنحفظها بسهولة (وهو مسيحي) وكان استاذنا عبد الجبار مدرس الرياضيات ابو بيستون زميلنا في الصف معلما رائعا حبب لنا الحروف وكان معلم التاريخ الاستاذ محمود السامرائي حببنا للتاريخ كان يبحر بنا مع طارق بن زياد وموسى بن نصير وخالد بن الوليد والقعقاع وورموز عظيمة لقد حبب لنا التاريخ وكان مدرس العربية محمد الشويلي هو وصدام فهد كان له الفضل في تقوية لغتنا الخطابية ومفرداتنا وكان لي في الصفين الخامس والسادس معلم عربية اسمه الاستاذ عواد الدليمي ابو مثنى كان رائعا معي كنت متفوقا في مادة الانشاء بحيث كانت كتابتي وافكاري تختلف عن زملائي كان كل مايعجبه موضوع يهدني كتاب قيم وكان لي خلال سنتين ثلاثين كتاب كلها من اهدائته هي باكورة مكتبتي الخاصة التي عزلتها عن مكتبة ابي العامرة لقد حبب لي الكتاب لاعشقه عشقا ...وكان لنا في الانكليزية معلم اسمه صبيح كان صاحب نكته ولطيف يحبب لنا اللغة كان ياتي لنا بفاكهة واكلات مع الدرس ....برتقالة=اورنج....موز=بنانا.......ابل =تفاح.....وصور.....وكان عندنا طالب نهم اسمه صادق واثناء الشرح اكل التفاحة فضحك استاذ صبيح ثم قطب عليه لانه له حصة في الشعبة الثانية ..........فضحك صادق وقال له ابوي كلي استاذ اكل العلم اكلا..............واني ما اخالف وصيه ابوي ليضحك استاذنا صبيحولياتي لنا في درسنا الثاني ....سكر=شكر.....سالت=ملح .....وليجعل ملحا في فم صادق ويغص ويقول له استاذنا هاي وصيه ابوك ونحن ننفذها اكل العلم ليعطينا درسا اننا مهما كنا لوتية (فهلوة) سيمسكنا الاستاذ.....ووراء هذه المدرسة كان مديرا ديكتاتورا عرفنا الديكتاتورية من اسمه الاستاذ فاضل عباس المالكي كان شديد النظام ....عاقب ابنه حسام وهو زميلانا ضعف عقوبة الطالب نالني من عقوبته مرتينمرة قصة كذتلي لاني لم احلق شعري ومرة ضربني بالعصا على ظهر كفي وقلت له استاذ ضلمتني ...وهو يضحك..ليش قلت له استاذ اني ماخذ تسعة من عشرة وانت عاقبتني مع الكسالى فقال لي مقطبا انت متفوق ودائما درجاتك لم تقل عن عشرة من عشرة لماذا تسعة هنالك رائيت في عينه علامات حب حب ابوي فنزلت من عيني دمعة متالقا رغم قسوة الضربة.......وفي اعلان نتائج السادس بكلوريا وحصولي على تسلسل الثالث على القطر طش وهلاية(وزع حلوى على راسي) لاني رفعت اسم المدرسة عندها قال الازلت تعتقد اني ظالم لاني ضربتك قال انا اريدك مشروع تفوق وقد نجحت.....هنالك احتضنته وقبلته من راسه ليقبلني من يدي التي ضربني عليها ومن راسي الذي قصه واهداني قلم باندن لازلت احتفظ به.....

وفي سنة 1996 في خضم الحصار وتحطيم الانسان زارنا طبيب طالب بورد (دكتوراة) في مستشفى ابن البيطار لجراحة القلب (مركزصدام) وكنت في الاستشارية وكان في هذه الموسسه العريقة كان ياتون بملفات المرضى قبل عرضهم على الطبيب ويتم توزيع عشرون ملف على كل طبيب كنظام اوربي وقع نظري على احدى الملفات اسم فاضل عباس المالكي.....معلم ...ورائيت اوراقه ........خرجت من غرفتي لانتظار المرضى وذهبت له وهو ينظر لي لايعرفني قلت اهلا استاذي تفضل انا في خدمتك ان مشروعك التفوقي قراء اسمي من الباج ناهضا قال الان اني طبت (شفيت) لاني رائيت زرعا مثمرا واكملت له مايستحق التقدير.....فقال نحن زرعناكم نخلا.......نخلا.....فجنانيك رطبا شافيا....

نعم معلمينا ..... مدرسينا.....مربينا ................ يجب ان نبرهم كوالدينا ............ لانهم ساهمو في بناءنا وبنائكم وجعلونا نستحق اسم أنسان

 

الدكتور رافد علاء الخزاعي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم